عدن.. (حمالة الأسية) !!



     ما هذا الذي يحدث في عدن أصبح وضعها لا يطاق وحالها يرق له العدو قبل الصديق؛ لكنما خصوم عدن فاجرون في خصومتهم وأصدقاؤها وأبناؤها مشاركون في صناعة أسوأ أوضاعها .

    لم نعد نخرج من منازلنا إلا إلى أعمالنا ومساجدنا فقد تركنا التجوال في شوارعها وزيارة شواطئها كل هذا من سوء ما نرى من أوضاع ومشاهد محزنة ومقرفة .

   وقبل أيام كنت في زيارة صديق عزيز في الشيخ عثمان فهالني ما رأيت.. لقد وصل الازدحام إلى الخطوط العامة الطويلة فصارت الطرق كأنها مواكب متلاحقة من السيارات بمختلف أنواعها واحجامها يسوقها اناس مختلفة أعمارهم والوانهم وكثير منها من غير ارقام مع سوء أخلاق وانعدام ذوق وغياب النظام والمحاسبة وفي ظل خراب الطرق وعدم صلاحيتها وانتشار المطبات فيها بعد أن حفرتها القاطرات حفرا...زحمات بعضها فوق بعض.. ضياع وقت وحريق أعصاب حتى غدا الذهاب إلى العمل والعودة أشد تعبا ومشقة من العمل نفسه.


   أما سياكل النار والموت والفوضى فحدث ولا حرج فهي كالأغنام منتشرة حيث ذهبت وحيث يممت...مشهد الحديدة الذي رأيته قبل سنوات هنالك تحول اليوم إلى عدن بصورة اكثر تخلفا وفوضوية .


   مسكينة هذه المدينة فالكل يتزاحم فيها دوليا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا ومروريا وسكنيا ووظيفيا وخدماتيا وغيره ومع أنها مدينة (حمالة الأسية) حتى في تاريخها إلا أن الضغط عليها في الوقت الراهن قد بلغ حدا لا يطاق .
   وقد تجد امامك عمارات شاهقة و لكنها في غير مكانها الصحيح فتبدو نشازا مع ما حولها وتقرأ اسماء محلات ووكالات كبيرة وكثيرة وإعلانات ودعايات هنا وهناك ولكن المشهد الخارجي العام للشوارع والأسواق يثير القرف والإحباط .

   جيوش من الشحاذين يجوبون الشوارع وباعة مستأجرون يعرضون ما لديهم بكل توسل وحزن والحاح؛ وصور الشهداء معلقة في كل مكان تنظر من فوق إلى المأساة التي وصلت إليها مدينتهم التي دفعوا حياتهم من أجل عزتها وانعتاقها .

    اما المواكب المسلحة فلا يخلو منها مكان في عدن ولا تدري لمن تتبع وهي لا تراعي أبسط قواعد المرور فهي تمر بسرعة جنونية حيث تشاء ولا تتوقف حين يتطلب الأمر ذلك وتدخل حيث تشاء وجنودها يصوبون أسلحتهم في كل الاتجاهات ويعاكسونك في خط السير ويصرخون فيك. 


      هذا هو المشهد الراهن في عدن فضلا عن أنهار المجاري وجبال النفايات والزبلات التي تتوشح بها المدينة المغلوبة على أمرها وفضلا عن السطو على الأماكن العامة وعلى حرمة الطرق والشوارع والتضييق والاقتحام الكامل والبناء العشوائي ؛ كل ذلك يجعل عدن مدينة مخنوقة تستغيث فلا من مجيب فالمستغاث بهم بين مشارك في المأساة وصامت عليها .


هذا هو المشهد الخارجي لعدن وما خفي كان اعظم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.