التخلص من قلق مواقع التواصل الاجتماعي

الاتحادنت/ متابعات

    تخيل أنك في منزلك، أعددتَ العُدة لسهرة وحدك، لديك ما يكفي من الأطعمة والمشروبات والأفلام أو الألعاب الإلكترونية أو الكتب، ثم ينبعث إشعار من هاتفك بأن أصدقاءك مجتمعون في مكان ما ويريدونك أن تلحق بهم.

   تعتذر لأصدقائك_ حسب موقع منشور_ لكنك تشعر أن الليلة فقدت معناها ولا تعرف السبب، وعلم النفس يطلق على ما شعرت به «Fear of Missing Out»، أو «FOMO» اختصارًا. «فومو» أي القلق من أن يفوتك شيء ما، وهي عادة قديمة ساعدت وسائل التواصل الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في إعادتها إلى الواجهة، فبات عديدون يشعرون بالقلق أو الخوف أو الحزن لأنهم لم يكونوا في مكان معين أو لم يفعلوا شيئًا محددًا، ولا يعرفون ما الذي يجري في مكان آخر، فينتابهم القلق لرغبتهم في الوجود في ذلك المكان.

    رغم أن فومو مصطلح جديد، إلا أن الدوافع النفسية للشعور بهذا القلق قديمة للغاية، بحسب عالمة النفس «أنيتا سانز»، التي حاولت تقديم ملخص للظاهرة من وجهة نظر نفسية، ردًّا على سؤال وُجِّه على موقع «كورا». كيف بدأت ظاهرة فومو؟ اثنان من أعضاء قبيلة برازيلية أصلية الصورة: Gleilson Miranda لو شعرنا بأننا لسنا جزءًا من «المجموعة»، فإن ذلك يكفي لإثارة التوتر في أنفسنا.

    تقول سانز إن بقاءنا كأفراد قبيلة وكنوع بشري كان يتوقف على إدراكنا للأخطار التي تحدق بنا أو بالمجموعة الأكبر التي ننتمي إليها، فكان بقاؤنا على اطِّلاع بما يجري حولنا عندما نجوب الأرجاء في مجموعات صغيرة مسألة حياة أو موت، فإن كنا لا نعرف بوجود مصدر جديد للطعام مثلًا، فهذا يعني أننا فقدنا ما قد يمثل فارقًا بين الموت والحياة، لذا كان لزامًا علينا أن نعلم بما يجري حولنا دائمًا حتى نعيش.

   عندما بدأ الإنسان بإنشاء مجتمعات زراعية أكثر استقرارًا، كان بقاؤه على اطِّلاع يتطلب الانتباه لما حوله من متغيرات، وأن يوجد في المكان المناسب والوقت المناسب للحصول على المعلومات والموارد الطبيعة التي يحتاجها، ومن هنا نشأت عادتنا في الثرثرة ونقل الأحاديث عن أحداث اليوم.

   لكي تتماسك المجتمعات ويتوطد التواصل بين البشر، ينبغي في رأي سانز تداول المعلومات المهمة بين الجميع، ويشمل ذلك مصادر الخطر التي تهدد القبيلة أو البلد أو النوع. ومع مرور الزمن، تغيرت وسائل نقل المعلومات فأصبحت اليوم تتمثل في التليفزيون والصحف والإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائل الأخرى.

       كيف يمكن للإنترنت أن يُحدث ثورة حقيقية في حياتنا؟

     الطبيعة البشرية كيف يؤذينا القلق من تفويت الأشياء؟ يدفعنا استبعادنا أو عدم إطلاعنا على أمر ما إلى الانتباه له أكثر من غيره، ويجعلنا نستجيب بسرعة بسبب طبيعتنا البشرية، بل إن هناك جزء متخصص في أدمغتنا يعمل على استشعار مسألة الاستبعاد هذه ويعمل على تفاديها.

    لم تعد المسألة في هذا العصر متعلقة بالحياة أو الموت بالطبع، لكن وسائل التواصل الاجتماعي باتت شريانًا مهمًّا للتواصل في حياتنا الاجتماعية، ممَّا يجعل هذا الجزء في أدمغتنا نشطًا ومتحفزًا في أثناء تصفحنا لمواقع مثل فيسبوك وتويتر.

    أن تكون منتبهًا طَوَال الوقت هو نقيض أن تنعم بالهدوء.

   اللوزة الدماغية أو اللوزة العصبية جزء من الجهاز العصبي في الدماغ، وهو الجهاز المسؤول عن سلوكياتنا العاطفية والانفعالية والذاكرة المرتبطة بها، وتتمثل وظيفتها في اكتشاف الأمور التي تهدد بقاءنا، فإن لم نملك معلومات حيوية أو شعرنا بأننا لسنا جزءًا من «المجموعة»، فإن ذلك كافٍ لتثير اللوزة الدماغية التوتر وتنشط رد الفعل.

    يكون رد الفعل إما محاربة ما يحدث لضمان «البقاء»، أو الهروب من الموقف لتفادي الخسارة، وجميعها ردود فعل فطرية للإنسان اكتسبناها عبر تطورنا لضمان وجودنا.

   بحسب سانز التوتر النفسي المصاحب لهذه العملية شعور سيئ يرغب الناس في اتقائه، لذلك يحاول عديد منا تجنب الإحساس بالاستبعاد أو الفومو، فيضاعف بعضنا جهودهم كي لا يفوتوا أي شيء، وينتهي الأمر إلى عملية مستمرة من الفحص والمراجعة دومًا، فتجد الناس تتفقد حساباتهم على فيسبوك وتويتر وسنابشات، ويتابعون التعليقات والمستجدات ليروا إن كان شيء قد فاتهم.

   لا يقلل هذا من توتر الناس بل يُسهم في زيادته، فأن تكون منتبهًا طَوَال الوقت هو نقيض أن تنعم بالهدوء.

    كيف نتخلص من قلق الفومو؟ كيف تتخلص من الفومو؟

   تقول سانز إن أكثر الناس عُرضةً للخوف من أن يفوتهم شيء هم الذين تكون لوزاتهم العصبية عالية الحساسية للتهديدات المحيطة بهم، كما أنهم في العادة أشخاص كثيرو القلق وانطوائيون، وربما مروا بصدمة عاطفية في الماضي يعمل عقلهم على تفادي تكرارها، ممَّا يُجهده في التفكير والملاحقة حتى لا يفوته شيء، فيصاب بصدمة عصبية أو عاطفية.

   يميل بعض هؤلاء إلى أن يكونوا مصابين بالهوس أو درجة من درجات الوسواس القهري. وتتضمن معظم التوصيات للأشخاص الذين يناضلون مع حالة فومو أخذ استراحات من مواقع التواصل الاجتماعي، والتركيز أكثر على البيئة والأشخاص في محيطهم المادي عوضًا عن الافتراضي، ممَّا يمنح أعصابنا استراحة من الحياة بشكل دائم تحت التهديد، ويقلل من التوتر والقلق

متعلقات