الإصلاح المالي بين التردد الأمس والحسم اليوم
الإتحاد نت

فارس العدني

 

منذ وقت مبكر، حاول محافظ البنك المركزي وطاقمه فتح معركة حقيقية ضد الفساد وضبط التعاملات المالية، بما فيها قنوات تمويل الحوثيين. لكن للأسف، تلك الخطوات اصطدمت بجدار من التردد والخذلان داخل قيادة الشرعية نفسها، التي تراجعت يومها إمّا بإيعاز من قوى نفوذ، أو خوفًا ورهبة من أصحاب الكلمة العليا في المشهد السياسي والعسكري. لقد كانت لحظة اختبار، لكن الدولة اختارت الانحناء أمام العاصفة بدل مواجهتها.

 

اليوم تغيّر الموقف جذريًا. فالإجراءات التي وُئدت بالأمس تجد اليوم غطاءً أمريكيًا مباشرًا، بل عصا غليظة على رقاب من يتهاون أو يتمرد على مسار الإصلاحات. لم يعد مقبولًا أن يُترك المال العام نهبًا للنافذين، أو أن تبقى مؤسسات الدولة رهينة شبكات الصرافة وغسيل الأموال. المعادلة الدولية واضحة: إمّا الخضوع للإصلاح المالي أو مواجهة العزلة والعقوبات.

 

هنا يكمن الفارق: إرادة الداخل التحقت بحزم الخارج، فتحولت الإصلاحات من مجرد أوراق توجيهية إلى خطوات عملية صارمة تُنفذ بوتيرة متسارعة وجدية عالية. والأهم أن نتائجها بدأت تظهر في ضبط الموارد وحماية العملة وتحجيم نفوذ المضاربين.

 

إنها ليست مجرد إجراءات إدارية، بل معركة سياسية بامتياز، كسر فيها البنك المركزي احتكار النافذين، وواجه فيها المحافظ بصلابة ما ترددت فيه القيادات العليا يومًا ما. اليوم، لا خيار أمام الجميع سوى السير في هذا المسار، لأن كلفة التراجع لم تعد مجرد فوضى اقتصادية، بل مواجهة مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الذي بات يضع الملف المالي في قلب أولوياته.

متعلقات