اتفاقيات الصين 2013… مشروع طُمس تحت الطاولة
الإتحاد نت

فارس العدني

 

في عام 2013 وقّعت اليمن مع الصين مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة التي بدت حينها وكأنها ستفتح بابًا جديدًا لمستقبل مختلف. تضمنت هذه الاتفاقيات إنشاء محطات كهرباء بقدرة تصل إلى ألفي ميجاوات لسد العجز المزمن في الطاقة، ومشاريع لتوسعة وتعميق الموانئ اليمنية بما يؤهلها لاستقبال السفن العملاقة، وتطوير شبكة الطرق والبنية التحتية، وربط اليمن بمبادرة الحزام والطريق التي تمثل المشروع الصيني الأبرز لمد النفوذ الاقتصادي عبر العالم.

 

كان من شأن هذه المشاريع أن تجعل اليمن مركزًا استراتيجيًا مهمًا على بحر العرب، وأن تنقله من بلد يعتمد على المساعدات إلى بلد يمتلك فرصًا حقيقية للنهوض. لكن ما لبثت تلك الطموحات أن تلاشت سريعًا، إذ توقفت اللجان المشتركة ولم يُنفذ أي من المشاريع المقررة، دون مبرر واضح.

 

الحقيقة أن أسباب التعطيل لم تكن مالية أو فنية بقدر ما كانت سياسية وجيوسياسية. فالموقع الحساس لليمن عند باب المندب وعلى خطوط الملاحة والنفط جعل القوى الكبرى والإقليمية تنظر بعين الريبة لأي حضور صيني قوي هناك، باعتباره تهديدًا مباشرًا للنفوذ القائم في المنطقة. ولهذا جرى التعامل مع الاتفاقيات كاختراق غير مقبول للمعادلة، وتم إجهاضها قبل أن ترى النور.

 

هذه التجربة تكشف أن الإرادة الوطنية وحدها لا تكفي في بلد مثل اليمن، إذ تبقى المشاريع الكبرى رهينة لتوازنات القوى الدولية والإقليمية، وتُستخدم كورقة تفاوض أكثر من كونها خططًا للتنمية المستدامة. كما أن أي مسؤول حاول تجاوز الخطوط الحمراء والتوجه نحو بدائل خارج نطاق المسموح به، كان نصيبه الإقصاء أو التهميش.

 

وهكذا، فإن اتفاقيات الصين عام 2013 لم تكن مجرد مشروع اقتصادي، بل كانت اختبارًا لإمكانية امتلاك اليمن لقراره السيادي، وقد أثبتت التجربة أن هذا القرار ما يزال مرتهنًا لمعادلات خارجية أكبر من قدرة الداخل على تغييرها. ويبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن لليمن أن يستعيد يومًا قراره الاقتصادي المستقل ويمضي في مشاريع تنموية كبرى، أم أن أي محاولة ستظل تُجهض قبل أن تولد كما حدث مع اتفاقيات الصين؟

متعلقات