قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه على ما يرام، ولكن الأيام القليلة المقبلة ستكون "الاختبار الحقيقي"، وذلك بعدما دخل المستشفى جراء إصابته بفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19.
وجاء حديث ترامب، في فيديو نشره عبر موقع تويتر، مساء السبت بعدما صدرت تصريحات متناقضة بشأن حالته الصحية.
فقد قال أطباء ترامب إنه في حالة جيدة، لكن كبير مسؤولي البيت الأبيض أعرب عن مخاوف بشأن الوضع الصحي للرئيس.
وفي الفيديو الذي بلغت مدته 4 دقائق، شكر ترامب الأطباء والممرضين في مركز وولتر ريد العسكري الطبي بالقرب من العاصمة واشنطن، حيث يتلقى الرعاية.
وقال ترامب: "حين جئت إلى هنا لم أكن على ما يرام. أنا الآن أفضل كثيرا". وأضاف لاحقا: "أعتقد أن الاختبار الحقيقي سيكون خلال الفترة المقبلة من أيام قليلة".
كما أعرب عن رغبته في استئناف أنشطة حملته الانتخابية لانتخابات الرئاسة المقررة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، التي يواجه فيها خصمه الديمقراطي جو بايدن.
وأدى تشخيص إصابة ترامب، الذي أعلنه الرئيس في تغريدة بموقع تويتر في وقت مبكر من يوم الجمعة، إلى قلب حملته رأساً على عقب وإلقاء ظلال من الشك على محاولته تعيين قاضية جديدة في المحكمة العليا قبل يوم الاقتراع.
ما الذي نعرفه عن حالة ترامب الصحية؟
في صباح السبت، قال الطبيب شون كونلي إنّ الرئيس ليس بحاجة إلى أكسجين إضافي في الوقت الحالي وأنه لم يعاني من الحمى في الساعات الـ24 الماضية.
ومن المتوقع أن يبقى الرئيس في مركز وولتر ريد "لبضعة أيام"، بحسب البيت الأبيض.
وقال الطبيب كونلي إنه "متفائل بحذر" بشأن حالة ترامب، لكنه لا يستطيع إعطاء جدول زمني لخروجه من المستشفى.
لكن بعد فترة وجيزة من تصريحات طبيب ترامب، أعرب رئيس موظفي البيت الأبيض، مارك ميدوز، عن قلقه بشأن حالة الرئيس، قائلاً إنه ليس على طريق واضح للتعافي بعد.
وقال ميدوز لصحفيين إن المؤشرات الحيوية للرئيس خلال الـ 24 ساعة الماضية كانت "مقلقة للغاية" وأنّ الـ 48 ساعة المقبلة ستكون حرجة.
ويعتبر الرئيس ضمن الفئة الأكثر عرضة للخطر جراء الإصابة بكوفيد-19، حيث أنه ذكر، ويبلغ من العمر 74 عاماً، ويصنّف على أنه سمين. وحتى الآن، تلقى علاجا بحقن بمزيج من الأدوية التجريبية وعقار ريمديسفير المضاد للفيروسات.
وفي حديثه في مؤتمر صحفي صباح السبت، رفض الطبيب كونلي الإفصاح عما إذا كان الرئيس قد تلقى دعماً بالأكسجين على الرغم من سؤاله عن الأمر عدة مرات. وقال: "لا يتلقى أي دعم بالأكسجين في هذه اللحظة، وبالأمس مع الفريق، حين كنا جميعاً هنا، لم يكن على (جهاز) الأكسجين".
بعد ذلك بوقت قصير، ذكرت وسائل إعلام أمريكية أن الأطباء زودوا الرئيس بأكسجين إضافي في البيت الأبيض يوم الجمعة قبل أن يقرروا نقله إلى مركز وولتر ريد. ولم يتضح ما إذا كان احتاج الأكسجين لمعاناته من صعوبة في التنفس.
وأضاف كونلي أنّ السيدة الأولى ميلانيا ترامب، التي ثبتت إصابتها أيضاً بالفيروس وتبقى قيد العزل الصحي في البيت الأبيض، كانت "بحالة جيدة جداً".
وقال كونلي أيضاً إنّ بعض أعراض الرئيس، بما في ذلك السعال الخفيف واحتقان الأنف، "تتلاشى وتتحسن الآن"، مضيفاً: "في هذا الوقت أنا والفريق سعداء للغاية بالتقدم الذي أحرزه الرئيس".
كما ساد بعض الارتباك بعد أن قال إنّ الفريق الطبي يتعامل مع مرض الرئيس منذ تشخيص الإصابة قبل "72 ساعة". وإذا تأكد ذلك، فهو يشير إلى أن من المحتمل أن ترامب حضر فعاليتين كبيرتين في حملته الانتخابية وهو على دراية بأنه مصاب.
وفي وقت لاحق، أوضح كونلي في بيان صادر عن البيت الأبيض أنه يقصد أن يقول "اليوم الثالث" بدلاً من 72 ساعة، وقال إنّه تمّ تشخيص إصابة الرئيس بمرض كوفيد-19 لأول مرة مساء الخميس.
من ثبتت إصابتهم من المقربين من الرئيس؟
لم يردّ كونلي على أسئلة حول التوقيت والمكان اللذين يُعتقد أن ترامب أصيب فيهما. إلا أنّ الحدث المزدحم في حديقة الورود يوم السبت الماضي، الذي أعلن فيه الرئيس رسمياً عن ترشيحه للمحافظة آمي كوني باريت للمحكمة العليا، أصبح موضع تركيز مكثف.
إلى جانب الرئيس والسيدة الأولى، تمّ الآن تأكيد إصابة ستة أشخاص آخرين مقربين من الرئيس بالفيروس. في يوم السبت، أصبح مستشار حملة ترامب وحاكم ولاية نيو جيرسي السابق كريس كريستي أحدث من أبلغ عن نتيجة إيجابية لاختبار التأكد من الإصابة.
وتشمل قائمة الأشخاص الآخرين الذين ثبتت إصابتهم حول ترامب مساعدته المقربة هوب هيكس - التي يُعتقد أنها أول من ظهرت عليه الأعراض - ومدير الحملة بيل ستيبين والمستشارة السابقة للبيت الأبيض كيليان كونواي.
وفي غضون ذلك، قال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إن المجلس سيؤجل عمله في جلسة كاملة حتى 19 أكتوبر/ تشرين الأول، إلا أنّ العمل في اللجنة القضائية - التي تدرس ترشيح القاضي باريت - سيستمر.
ولا يزال ترامب في موقع المسؤولية. وأثبت اختبار أن نائب الرئيس مايك بنس، الذي سينقل الرئيس بموجب الدستور إليه السلطة مؤقتاً إذا أصبح مريضاً جداً بحيث لا يستطيع القيام بواجباته، غير مصاب.
وشوهد الرئيس علانية لآخر مرة مساء الجمعة. وقبل نقله إلى المستشفى العسكري، لوّح بيده للصحفيين ورفع إبهامه مشيراً إلى أن كل شيء على ما يرام، لكنه لم يقل شيئاً قبل ركوب مروحيته.
بدلاً من الوضوح، مزيد من الالتباس
تحليل أنتوني زوركر - مراسل بي بي سي لشؤون أمريكا الشمالية
قد يتصور المرء أن الغرض من المؤتمر الصحفي للفريق الطبي للبيت الأبيض هو طمأنة الجمهور بأنّ حالة الرئيس الصحية جيدة وأنّ كبار الخبراء الطبيين في البلاد على رأس الموقف. بدلاً من ذلك، خلقوا مزيداً من الالتباس.
قال شون كونلي في البداية إنّ تشخيص ترامب قد تمّ "قبل 72 ساعة" - وهو ما يعني صباح الأربعاء. كان ذلك قبل أن يسافر الرئيس إلى ولاية مينيسوتا لحضور تجمع انتخابي، وقبل أن يسافر إلى نيوجيرسي لجمع التبرعات يوم الخميس، وقبل أكثر من 36 ساعة من كشف الرئيس عن تشخيص إصابته بفيروس كورونا للعالم في تغريدة.
وتمّ تعكير الجدول الزمني بشكل أكبر بعد الكشف عن أنّ الرئيس قد تلقى علاجاً مضاداً للفيروسات قبل 48 ساعة - أيضاً قبل إعلانه عن إصابته. كل ذلك استلزم رداً سريعاً من البيت الأبيض. ولم تكن هذه المرة الوحيدة خلال فترة رئاسة ترامب التي يضطر فيها مكتب الاتصالات في البيت الأبيض إلى إصدار توضيحات حول مسألة معينة.
وحاول كونلي أيضاً رسم صورة إيجابية عن الحالة الطبية الحالية للرئيس. وبعد ذلك بدقائق فقط، كانت نبرة مارك ميدوز مختلفة تماماً.
ومن المهم للبيت الأبيض أن يتواصل بوضوح مع الشعب الأمريكي - والعالم بأسره، حيث يراقب الحلفاء والأعداء عن كثب الوضع الأمريكي. هذه ليست مجرد قضية صحية للرئيس، إنها قضية أمنية للأمة بأكملها.
المصدر/BBC عربي
الأكثر زيارة