أكد رئيس حركة تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، إحدى أبرز الحركات الدارفورية غير الموقعة على اتفاق سلام جوبا أنه سيبدأ من العاصمة الأوغندية كمبالا، التي وصلها، الجمعة، مسيرة سلام أسماها بـ"الشاقة" لتحقيق العدالة والأمن في كافة أنحاء البلاد.
ويأتي هذا فيما تحدثت تقارير عن اشتباكات خفيفة في الخرطوم بين فصائل معارضة لاتفاق السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية في أكتوبر الماضي، والتي وصل عدد من قادتها إلى الخرطوم للاحتفال باتفاق السلام الأحد.
وقال نور، في مقطع فيديو حصلت عليها "سكاي نيوز عربية" إنه وصل من العاصمة الفرنسية باريس إلى أوغندا المجاورة في إطار مبادرة يعتزم من خلالها إجراء حوار سلام من داخل السودان لمخاطبة جزور الأزمة وإنهاء حالة الحرب والانقسام وصولا إلى بناء دولة القانون والمؤسسات التي تحترم تنوع وإرادة الشعب السوداني.
وفيما توقع نور أن تكون الرحلة شاقة وطويلة، لكنه أشار إلى أنه سيعمل مع قوى التغيير الحقيقية من أجل إنجاح مبادرته.
وكان غياب حركة عبد الواحد نور عن اتفاق جوبا إصافة إلى الحركة الشعبية شمال قد أثار مخاوف بعدم قدرة الاتفاق على الصمود، لكن المؤيدون للاتفاق يعلقون آمالا كبيرة عليه لإنهاء حقبة سوداء من الحروب، التي استمرت أكثر من نصف قرن من الزمان.
وتسيطر حركة الحلو على مناطق استراتيجية في جنوب كردفان، فيما تتمركز حركة نور في منطقة جبل مرة في دارفور.
وترى عدد من الحركات المسلحة والأحزاب السياسية السودانية أن الاتفاق لم يخاطب كافة جوانب الأزمة ولم يشمل كل الحركات المسلحة، لكن الوساطة ممثلة في دولة جنوب السودان والأطراف الموقعة تقول إن الاتفاق يعالج قضايا شملت الجوانب السياسية والترتيبات الأمنية والمسارات السياسية وتقاسم السلطة والثروة.
وتلخصت أبرز بنود اتفاق جوبا في وقف الحرب وجبر الضرر واحترام التعدد الديني والثقافي والتمييز الإيجابي لمناطق الحرب وهي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.
كما نص الاتفاق على تمديد الفترة الانتقالية إلى 39 شهرا ابتداء من تاريخ توقيع الاتفاق على أن تشارك الأطراف الموقعة في السلطة الانتقالية بثلاث مقاعد في مجلس السيادة ليرتفع عدد أعضاء المجلس إلى 14 عضوا، وسيحصل الموقعون أيضا على 5 مقاعد في مجلس الوزراء حيث يتوقع رفع عدد الحقائب الوزارية إلى 25 حقيبة، و75 مقعدا في المجلس التشريعي، الذي يتوقع تشكيله من 300 عضوا.
وتضمنت بنود تقاسم السلطة تمكين المناطق المتضررة من الاستفادة الكاملة من نحو 40 بالمئة من عوائد الضرائب والموارد والثروات المحلية في حين تذهب نسبة الـ60 بالمئة المتبقية للخزينة المركزية.
وحدد الاتفاق 39 شهرا لعملية الدمج والتسريح المتعلقة بمقاتلي الحركات المسلحة مع تشكيل قوات مشتركة من الجيش السوداني والشرطة والدعم السريع لحفظ الأمن في ولاية دارفور والمنطقتين تمثل فيها قوات الحركات المسلحة بنسب تصل إلى 30 بالمئة.
ونص الاتفاق كذلك على منح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان صيغة حكم ذاتي حددت من خلالها اختصاصات السلطات المحلية والفيدرالية، بما في ذلك سن القوانين والتشريعات، التي اتفق على أن تستند لدستوري 1973، إضافة إلى تشكيل مقتضيات أهمها مفوضية للحريات الدينية.
وشاركت في الاتفاق عدد من الحركات المسلحة أبرزها الحركة الشعبية شمال - جناح مالك عقار- وحركة جيش تحرير السودان - جناح أركي مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم إضافة إلى مجموعات غير مسلحة تشمل مسارات الوسط والشرق والشمال.
وظل السودان يعيش منذ نهاية العقد الخامس من القرن الماضي حروبا أهلية حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.
ورغم انحصار الحرب منذ 1955 في جنوب السودان، الذي انفصل وفقا لمقررات مؤتمر نيفاشا وكون دولته المستقلة في عام 2011، إلا أن نطاقها الجغرافي بدأ في الاتساع مع مطلع الألفية الحالية ليشمل مناطق عديدة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ما أدى إلى إهدار كم ضخم من الموارد وتسبب في خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بأكثر من 600 مليار دولار إضافة إلى وجود حالة من الغبن الاجتماعي.
وقبيل ساعات من احتفالات دعت إليها الحكومة السودانية لاستقبال قادة الحركات المسلحة في الخرطوم، الأحد، أشارت تقارير إلى اشتباكات جرت في ضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة الخرطوم بين عناصر من حركات مسلحة غير موقعة ومجموعة من أعضاء الجبهة الثورية، مما أدى إلى حدوث إصابات لم يتم تحديد حجمها رسميا، وهو ما أثار جدل