دراسة بحثية للباحثة شهد الخراز

الابتزاز الإلكتروني في اليمن.. ظاهرة تتفاقم ومبادرات تواجه العاصفة

         في عصرٍ تحوّل فيه العالم إلى قريةٍ رقمية، أصبحت جرائم الإنترنت، وعلى رأسها "الابتزاز الإلكتروني"، شبحًا يهدد أمن الأفراد والمجتمعات.

  وتُعرّف هذه الجريمة بأنها استخدام التهديد عبر الوسائل التقنية لإجبار الضحية على فعل أو الامتناع عنه، حتى لو كان مشروعًا.

  في اليمن، حيث تشتد وطأة الحرب وتضعف البُنى التحتية الأمنية، تتفاقم الظاهرة، لتحصد ضحاياها من النساء والأطفال والرجال على حد سواء، مما يستدعي وقفةً جادة لمواجهتها.

   • أنواع وأشكال الابتزاز الإلكتروني

   تنقسم جرائم الابتزاز الإلكتروني إلى عدة أنواع، أبرزها المادي وهو الأكثر انتشارًا، ويتمثل في طلب المال مقابل عدم نشر معلومات أو صور، ويأتي بعده العاطفي الذي يستهدف الشباب والفتيات عبر استغلال مشاعرهم، ثم السياسي أو النفعي ويهدف إلى تحقيق مكاسب غير مادية، كالتأثير على قرارات، أما  الاقتصادي فيكون بين الشركات أو الأفراد ذوي النفوذ المالي.

   أما أشكال الابتزاز، فتتنوع بين ابتزاز الفتيات عبر مواقع التواصل (الأكثر انتشارًا)، اختراق الأجهزة وسرقة البيانات، استغلال كبار السن عاطفيًّا أو جنسيًّا، الابتزاز الناتج عن الفساد الإداري.

                • الأدوات والوسائل

   منصات التواصل سلاح ذو حدين. تتصدر منصات مثل فيسبوك وإنستجرام وواتساب قائمة أدوات المبتزين، يليها تيك توك وسناب شات، إضافةً إلى برامج الدردشة مثل السكايب، وتشمل طرائق الابتزاز انتحال الشخصيات (كشاب يتخفى في صورة فتاة)، استغلال الأطفال عبر الألعاب الإلكترونية، استخدام الترهيب الديني (كادعاء القدرة على حل المشكلات عبر "الشيخ الروحاني"). 

                   • الأضرار

   تتعرض الضحية لتداعيات نفسية واجتماعية وقانونية..فالنفسية تتمثل في الاكتئاب، الانتحار، الرهاب الاجتماعي.. أما  الاجتماعية كالتفكك الأسري، العزلة، تشرد الأطفال.. وبالنسبة للأمنية والقانونية وهي دفع الضحايا إلى السرقة أو ممارسات غير أخلاقية.

                   • الحلول

   وقد يقول قائل: وما الحل للحد من هذه الظاهرة؟

    أقول يجب نشر الوعي المجتمعي، وإن تتدخل الدولة على مستوى الأفراد، وتحصين الأجهزة ببرامج حماية، تجنب مشاركة الصور أو البيانات الشخصية، استخدام كلمات مرور قوية وضبط إعدادات الخصوصية، وتوعية الأطفال بخطورة التعامل مع الغرباء.

   وعلى مستوى الدولة يجب تعزيز الرقابة على منصات التواصل، تفعيل قوانين الصارمة ضد الجرائم الإلكترونية، وتزويد أجهزة الشرطة بتقنيات متطورة لمتابعة المبتزين.

                     • العقوبة

    في القانون اليمني يوجد نص يجرم الابتزاز الإلكتروني، حيث يُعده انتهاكًا للحق العام، ولا يُسقط بالتنازل، وتصل العقوبات إلى السجن والغرامات المالية، لكن التطبيق الفعلي يواجه تحديات بسبب الانقسامات السياسية وضعف الإمكانيات.

            • مبادرات في مواجهة العصابات     برزت مبادرات تطوعية لمساعدة الضحايا، أبرزها مبادرة مختار عبد المعز وفريقه، التي بدأت عام 2020، نجح الفريق فيها مساعدة أكثر من "10" آلاف ضحية من أصل "15" ألف حالة تقدمت لهم، وتم بفضل الله إغلاق آلاف الحسابات المزيفة وحذف المحتوى المسيء، والتعاون مع محامين وأطباء نفسيين لتقديم الدعم الشامل.

  وبهذا الخصوص  تُشير إحصائيات صادمة من أن "556" مليون ضحية سنويًّا للابتزاز الإلكتروني عالميًّا، وفي اليمن 71%من الضحايا هم من الرجال، و63%من النساء، وهناك ألف حساب فيسبوك يُخترق يوميًّا.     

     قد تتساءل بعض الفتيات كيف نحمي انفسنا؟

    أقول لهم لا تقبلي طلبات الصداقة من غرباء، تجنبي الدخول إلى مواقع مشبوهة أو إرسال صور خاصة، استعيني باختصاصيي أمن المعلومات عند التعرض للتهديد.

   تقول إحدى الضحايا التي نجحت في التحرر من براثن المبتزين، الثقة بالله أولًا، ثم بالإرادة، تجعلنا أقوى من أي تهديد.

                       • ولنا رأي

   الابتزاز الإلكتروني ليس جريمةً فردية، بل هو اعتداء على نسيج المجتمع.. وفي اليمن، حيث تتداخل الأزمات، تبقى المواجهة مسؤولية مشتركة بين الأفراد والدولة، عبر تعزيز الوعي وتفعيل القوانين.

                                        شهد الخراز