يحتفل العالم باليوم العالمي للطفل في كل عام يوم 20 نوفمبر ، حرصا على تعزيز العلاقات الأسرية والمجتمعية، والاعتراف بحقهم في الحق بالحياة الكريمة والصحة والتعليم والحق في التطور واللعب، وتشمل حقوق الطفل الحق في الحياة الأسرية السليمة والحماية من جميع أنواع العنف وعدم التعرض للتمييز بأشكاله، وحماية الطفل وتأمين التعليم والرعاية الصحية اللازمة، وتهتم المجتمعات بإحياء المناسبة من خلال إقامة الفعاليات التي تبعث روح الوعي الثقافي للجميع، من أجل الحفاظ على الأطفال لأنهم جيل المستقبل.
اعتمدت اتفاقية حقوق الطفل من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 تشرين الأول/نوفمبر1989م، حيث تحدد الحقوق المشتركة لجميع الأطفال، أيا كانت جنسياتهم أو خلفياتهم الثقافية او الاجتماعية او الاقتصادية أو السياسية والتي صادق عليها اليمن في العام 1991م، تم انشاء هذه الاتفاقية بهدف حماية الاطفال من جميع انواع الاساءات التي قد يتعرضون لها ويتلخص ذلك في المبادئ الرئيسية وهي عدم التمييز، يجب ان يتمتع كل طفل بجميع حقوقه ويجب ان لا يعاني من اي تمييز من اي نوع مبني على معتقداته او لونه او خلفيته العرقية، الخ.
يحلم أطفال اليمن، أن تتوقف الحرب وأن تسكت أصوات الرصاص، وأن يعودوا إلى مدارسهم دون الخوف من الصواريخ والمقذوفات القاتلة ومن الألغام والعبوات الناسفة التي تتربص بهم في الطرقات والأماكن العامة، فما يزال أصدقاؤهم مبتوري الايدي والأرجل ومصابين وآخرين فقدوا حياتهم وودعوهم إلى غير رجعة.
اليوم العالمي لحقوق الطفل، مناسبة يتذكر فيها أطفال اليمن ضحايا الحرب من الأطفال، من قتلوا بالصواريخ والقنص المباشر وبمختلف آلات القتل، وآخرين تعرضوا للاختطاف والتعذيب أو رهائن بسبب آراء أبائهم التي تتعرض مع معتقدات المليشيات الحوثية، وآلاف الأطفال تم الزج بهم إلى محارق الموت في أسوأ انتهاك لتجنيد الأطفال واستخدامهم في العمليات العسكرية، ولم يعودوا سوى صوراً تعلق في الجدران.
العام الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، أن عشرة آلاف طفل قتلوا أو أصيبوا بجروح في اليمن منذ بدء النزاع وهذا يعادل أربعة أطفال يومياً وهذا الرقم يشمل الأطفال الضحايا فقط الذين تمكنت المنظمة من معرفة مصيرهم، وهناك عدد كبير لم تشملهم هذه الاحصائيات الأممية.
وكشفت الإحصائية، عن المصير البائس لمن نجا من الأطفال من نيران الحرب، بأنه يحتاج أربعة من كل خمسة أطفال إلى مساعدات إنسانية، وهي أرقام مخيفة، تكشف حجم المأساة والوضع الصعب الذي أوصلتنا إليه مليشيا الحوثي من أشعلت الحرب في اليمن.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة، إلى أن عدد 23.4 مليون شخص بحاجة الى المساعدات، يُشكِّل الأطفال نسبة 55% من المحتاجين النازحين داخليًا، مما يجعل اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
ونتيجة الحرب، تدهور القطاع الصحي في اليمن بشكل مفزع، وتوفي وأصيب مؤخراَ عشرات الأطفال من مرضى السرطان بسبب الإهمال الطبي والمتاجرة بالأدوية المهربة ومنتهية الصلاحية وسط غياب للرقابة، تتحدث المنظمات المختصة بالصحة بأنه من المتوقع أن يعاني 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 538,000 طفل من المتوقع أن يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، واستمرار انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا وحمى الضنك وغيرها، وعودة شلل الأطفال بعد أن تم القضاء عليه في العام 2000م، نتيجة انعدام الحماية والحرمان من التحصين والتدابير الوقائية لحماية الأطفال.
وتتزايد عمالة الأطفال في اليمن، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتزايد معدلات الفقر، وانقطاع رواتب موظفي الدولة منذ حوالي سبع سنوات، وتزايد أعداد القتلى بسبب الحرب التي خلفت عشرات الأطفال من الأيتام والأرامل، كل ذلك تسبب في انتشار عمالة الأطفال وتتضاعف كل يوم، مما يعرض حياتهم للتهديد والخطر والاستغلال والعنف.
تأتي مناسبة اليوم العالمي للطفولة، وألاف الأطفال يقفون على الطوابير بحثاَ عن المياه، أو البحث عن أسطوانة غاز، أو يتسابقون على أبواب المنظمات الإغاثية، والذي دفعهم لذلك الوضع المزري والحرب الجائرة.
نتذكر في اليوم العالمي للطفولة، آلاف الأطفال تستخدمهم المليشيات الحوثية في الجانب العسكري، بالرغم من ادراجها على القائمة السوداء في تجنيد الأطفال، وهي جريمة تندرج ضمن جرائم الحرب وفقاً لنظام روما الأساسي الناظم للمحكمة الجنائية الدولية.
وتواصل ميليشيا الحوثي الإرهابية تحشيد الأطفال وتدريبهم على السلاح والأساليب القتالية، وتستغل المساعدات الأممية في تجنيد الأطفال، وتشترط في كثير من الأحيان ذهابهم إلى الجبهات أو عبر المراكز الصيفية المعدة لهذا الغرض، حيث ان غالبية الأطفال هم من أبناء الأسر الفقيرة، التي أُجبرت على الدفع بأطفالها إلى معسكرات الحوثي مقابل حصولها على مساعدات وسلال غذائية.
تستغل مليشيا الحوثي الأطفال، لتعبئتهم بأفكار متطرفة وطائفية، ويستخدمونهم في الأعمال العسكرية المباشرة وأخرى غير مباشرة، كجواسيس، ومراسلين، وحرس، ولنقل الأسلحة وزراعة الألغام، وأعمال الطباخة، ويتعرضون للاستغلال الجنسي.
وتسعى مليشيا الحوثي لتدمير التعليم وإفراغه من محتواه ليسهل لها غرس معتقداتها للأطفال، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة يبلغ مليوني طفل، وأن ما يزيد على 2500 مدرسة تضررت أو دُمرت بسبب الحرب، ما يزيد الأمر خطورة بسبب السياسة التدميرية الممنهجة التي لتراجع العملية التعليمية، وهي مؤشرات خطيرة تستدعي التنبه لها ورفع مستوى الوعي لمواجهة الخطر الداهم للطفولة والمجتمع عامة.
تكثف المليشيات من عمليات التطييف والتجريف في المؤسسات التعليمية، وتستهدف الطفولة بشكل خاص، فقد غيٓرت وحرفت المناهج التعليمية بما ينسجم مع أفكارها، واستبدلت النشيد الوطني في المدارس التعليمية بالصرخة الخمينية، والشعارات الوطنية الجمهورية بترديد قسم الولاء في طابور كل صباح، وتنشر ملازم الخرافة في المدارس، واستهدفت المدرسين والتربويين بعناصر سلالية لتلقين الأطفال ما يخدم أفكار الجماعة التي تمزق النسيج الاجتماعي، وغسل عقول الطلاب والنشء بالأفكار السلالية التي تدعو إلى الطائفية والعنصرية، وترسخ في أذهان الجيل الحق الإلهي الحصري للحوثيين في الحكم.
في اليوم العالمي للطفولة، ينتظر أطفال اليمن، وهم الفئة الأضعف في المجتمع، الوصول إلى تحقيق العدالة، ومحاسبة من أجرموا وانتهكوا الطفولة، وملاحقتهم قانونياَ، ينتظرون مواقف جادة وحاسمة من منظمات الأمم المتحدة المتماهية مع المليشيات، وفضح الانتهاكات بحقهم، ينتظرون العيش بسلام وتوقف آلة الحرب وحضور الدولة وردع المليشيات التي تعمل على استمرار الحرب.
*مدير عام حقوق الإنسان بأمانة العاصمة