أخطاء صناع المحتوى

استفزني ما تداوله بعض صناع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية بنشرهم اسماء وألقاب وصور الجاني (ي. ط) والمجني عليها (م. خ) في قضية تسريب الجاني فيديو لمكالمة مع المجني عليها..وتطور الأمر لقتلها زوجها الذي شك في علاقتها بالسائق الجاني..قبل أن يفصل فيها القضاء، وكان على تلك الوسائل أن تُشير بالأحرف الأبجدية الأولى من لقب واسم _(س. ص)_ كل من الطرفين، مع تغطية صور الكل دون ظهور ما يكشف وجوههم؛ حتى لا يتعرض الناشر للمساءلة القانونية في حالة تبرئتهم من قبل القضاء ورفعهم قضية عليهم، سيكسبها "المتهم البريئ"؛ لانه تم تشويهه وهو برئئ.

     ونعرف جميعًا  أن "المتهم بريئ حتى تثبت إدانته"، وهنا تبرز قضية أخلاقية وقانونية خطيرة تتعلق بنشر هويات المتهمين والضحايا عبر الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي قبل صدور حكم قضائي، حيث ينص قانون الإعلام والنشر والمطبوعات اليمني رقم (25) لسنة 1990م على ضوابط صارمة لحماية حقوق الأفراد، لكن الوضع المتردي في اليمن، وفي ظل انتشار الوسائل الإعلامية الرقمية غير الخاضعة للرقابة الكافية يُصغب من تطبيق القانون.

     وهناك أساس قانوني لمحاسبة المخطئ وذلك وفق القانون اليمني أعلاه ووفقًا للمادة (42) من القانون، يُحظر نشر أي معلومات تُمسّ الحياة الخاصة للأفراد أو تُعرّضهم للابتزاز أو التشهير.

   كما تؤكد المادة (43) على وجوب التزام الوسائل الإعلامية بـ"تحري الدقة وعدم الإضرار بالآخرين". أما المادة (48) فتُجرم إفشاء أسرار التحقيقات أو نشر صور المتهمين قبل الفصل في القضية، باعتباره انتهاكًا لمبدأ "قرينة البراءة" الذي يكفله الدستور اليمني المادة (48).

   هناك عقوبات حسب المادة (103) تُفرض غرامات مالية تصل إلى 50 ألف ريال يمني أو الحبس لمدة تصل إلى 6 أشهر على المخالفين، كما أن المادة ( 105) يجوز للمحكمة إغلاق المؤسسة الإعلامية مؤقتًا أو إلغاء ترخيصها في حال التكرار.

  لذا يفضل عدم كشف هوية الضحايا في قضايا العنف أو الاعتداءات الجنسية، لأن ذلك يُضاعف معاناتهم النفسية ويعرضهم للعار المجتمعي.

    أرى ضرورة تحديث التشريعات التي تخص الإعلام الرقمي كحظر نشر هويات المتهمين/الضحايا أو تفاصيل القضايا الجنائية عبر الوسائل الإعلامية الرقمية حتى صدور حكم قضائي نهائي، وكذا إلزام تلك الوسائل بحذف المحتوى المخالف خلال 24 ساعة، مع تعريضها لغرامات مالية.