المعنى الحقيقي للنجاح

النجاح كلمة جميلة لقيمة رائعة الوصول أليه تحتاج الى الجهد والمثابرة ، والقدرة على تحقيقه تحتاج للثقة بالله سبحانه أولا ، ثم الثقة بالنفس .
وليس بين كلمات اللغة كلمة أكثر  سحرا أو رنينا مما لكلمة نجاح!!
والعجيب أن سحر هذه الكلمة لايتاثر بعمر أو جنس ، فبريق  النجاح يخطف بصر الصغير والكبير ، الشاب ، والفتاة   ، كما لايتأثر بمكان او زمان ، فلن تجد احد في كل بقاع الارض وفي أي عصر من العصور او في أي عمر ....يحب الفشل
غير أن أتساع مجالات الحياة وتعقيداتها جعل من تحديد معنى واضح للنجاح أمرا صعبا ، فليس هناك تعريف عام للنجاح فلكل منا رؤيته الخاصة بالنسبة لما يريد تحقيقه.
ولكن على الرغم من نسبية هذه الرؤية الخاصة...الا أن هناك أسسا عامة واطارا شاملا يحدد ماهو النجاح في جوهره ومعناه الحقيقي.
علما بأن هناك معايير أخلاقية ونظم معينة تحدد رحلة النجاح وتحكمها{{الجهد _ المثابرة_ النجاح}}.....

فالنجاح هو صيغة للحياة الناجحة التي تتخلل كل احداث العمر ، وهناك أوجه  مختلفة للنجاح ، وكل واحد منا يعرف بعض هذه الوجوه فهناك النجاح الدراسي والتحصيل العلمي  وهناك الانجازات العلمية والابداعات الفنية والمهارات التقنية واليدوية.....
وهناك النجاح التجاري في مجالات الاستثمار المختلفة، وهناك نجاحات اخرى ترتبط بجوانب معنوية ، فتحقيق الذات وتحقيق الشهرة وتحقيق البطولة....الخ

 وكل نجاح في حياتنا ينقلنا الى درجة اعلى في سلم النجاح ، لذلك لاينبغي  ان ننظر الى درجة السلم المختلفة بأعتبارها احداثا منفصلة ، ونجاحات متفرقة ، فالنجاح ليس المحطات التي نمر بها  ، لكنه الطريق نفسه ، أنه ليس محطة الوصول ، لكنه الرحلة ذاتها..
ينظر البعض الى النجاح بأعتباره حظا يأتي من حيث لايتوقعون_تفاحة تسقط عليهم من فوق شجرة. !
لكن النجاح الحقيقي لايأتي للانسان من خارج نفسه أبدا ، أنه نجاح نابع من داخله ، مرتبط ارتباطا وثيقا بنفسه.
النجاح الحقيقي ليس ضيفا على الانسان، لكنه صاحب البيت المقيم في عمق نفسه ؛ فالنجاح الذي يأتي كضيف ينصرف كضيف الى حيث جاء !
ولكل نجاح أمتداد محدود في الزمن ، يتلاشى بعده أثر النجاح وبريقه وقوته ، ويصبح على الناجح أن يتابع بنجاحات اخرى متتالية فالذي يقف على السلم يسقط!
وكثيرا مايحس الناجحون بضغوط هذا الالتزام ، بل وكثيرا ماتضيع بهجة النجاح في قلق الخوف من السقوط...فالصعود الى القمة لا يدوم لاحد...والنجاحات المادية لاتصبح ذات قيمة مالم يصبح لها بعد ابدي روحي مرتبط بالله !

أن أي انسان منا اعطاه الله نفسا غالية ،  وعهد أليه رعايتها واسكن الله هذه النفس في جسد بشري مجهز بكل ماتحتاج النفس اليه ، لكن الانسان اهتم بهذا الجسد واهمل النفس ، اعتنى بالخيمة ، واهمل الساكن فيها  !  أهتم بطلاء المنزل من الخارج، وجعل الروح في الداخل تختنق........
فالنجاح الحقيقي هو النجاح الروحي الذي تدعمه النجاحات المادية الاخرى ، والنجاح المزيف هو البريق والطلاء الذي يغطي حياة صدئة مختفية وراء المظاهر الخادعة...النجاح الحقيقي مركزه قلب الانسان وروحة وعمقة
والنجاح رحلة حياة بأكملها وهي عملية مستمرة وليس حدثا عارضا....
قد تعترضها لحظات من الفشل...لكن الناجحون الحقيقيون  يدركون أن الفشل هو الحدث العارض في هذه الرحلة..يمكن تجاوزه والخروج منه وقيل ان النجاح ليست غاية نهائية، انه عملية  مستمرة انه رحلة وللنجاح مد وجزر وليس امرا سهلا وهينا ،
فالنجاح الحقيقي لايخاف الفشل وعلينا ان لانخاف الفشل...فالناجحون لايستسلمون ابدا وارادتهم ثابتة على اهدافهم والنجاح في جوهره أرادة...والارادة هي من تصنع النجاح ، وسوف تكون ناجحا عندما تدرك انك بأرادتك صانع النجاح، فالنجاح لايصنعك كما أن الفشل لايهدمك ولايوجد نجاح دون طموحات كبيرة اوخيال رائع ، فان الخيال واحد من أعظم الطاقات التي زود الله تعالى الانسان بعد العقل والارادة.....
ولذا تجد الناجحون يطمحون ويحلمون أولا ...ثم بعد ذلك ينجحون وهنا تجد همة الروح عالية 
والنجاح الحقيقي ليس أن تعمل ماتحب بل أن تحب ماتعمل، وعندما تعمل فأن الشمس والارض والرياح والنجوم والبحار تعمل معك وعندما تتوقف، تستمر تلك في العمل وتتخلف انت.......

فالنجاح يحتاج الى النشاط والمثابرة ، فبدونهما لايمكن للناجحين أن يحلقوا...عاليا
فاذا حكم العالم على شخص بأنه ناجح فهذا يعني احد امرين : إما أنه قد أدرك أهدافه وطموحاته ، وإما أنه قد تعدى المعايير الشائعة بين الغالبية العظمى من الناس ، وهنا تعد الانجازات هي الاداة الاساسية التي يستخدمها العالم لقياس النجاح....ولكن اعظم نجاح في حياتنا هو النجاح الذي ينقلنا الى دائرة  رضا الله...
ويظن البعض أن النجاح الروحي هو السلوك الحسن والالتزام بالمبادئ والمثل العليا ، وهذا كله حسن...لكن النجاح الروحي يختلف عن مجرد السلوكيات والالتزامات التي يأخذ بها الانسان نفسة، وهوليس ديكورا وتكملة لنجاحات الحياة المادية المختلفة 
فالنجاح الروحي اساس كل نجاح اخر، وهو باعث القيمة في كل النجاحات المادية الاخرى..
النجاح الروحي  يبدأ بتسليم الحياة لله، والتخلي عن كل محاولة لارضاءه بالسلوك وبالاعمال ، لان كل ما نأتيه من أعمال لايمكن يبررنا من شرورنا _ اويطهرنا من نجاسات اعمالنا وافكارنا، ومااكثرها !!
والنجاح الروحي هو الذي يلون   كل انجازات الحياة بصبغة النجاح ، ويحول أصغر النجاحات في حياتنا الى أعمال خالدة ، لاننا نصير بكل جزئياتنا ضمن خطة إلهية خالدة........ أن الارتباط الروحي بالله عز وجل يضفي صبغة النجاح على كل  شئ وإن أعظم نجاحات العمر هو أن يكسب الانسان نفسه الخالدة.....حين يدخل بالإيمان الى دائرة الرضا الإلهي فيربح الحياة الابدية الممتدة.....
واختتم ماسطرته بان تصدق في كل يوم أن لك دورا عظيما في هذه الحياة
واجتهد وثابر  وأخلص ...تنجح  في حياتك  وثق في نفسك ، واجعل من نقد الناس لك ،  فرصا ذهبية للتغيير نحو الأفضل ، وان نفتش مافي أنفسنا عما يتوفر لنا من مواهب وعطايا من الله ...ونثق بأن الله سبحانه لم يعطنا روح الفشل بل اعطانا روح القوة والمحبة والنجاح.
 
٢٩رمضان/١٤٤٠هجرية