ودعت عدن وأبين صباح الأحد الماضي شهيدا آخر ضمن قافلة شهداء الهجوم الصاروخي لمليشيا الحوثي الذي استهدفت به مطار عدن الدولي عند وصول حكومة المناصفة في 30 ديسمبر 2020م العام الماضي ليرتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 30 شهيد برحيل العميد حيدره علي لهطل مدير جهاز الأمن القومي بعدن الذي توفي متأثراً بإصابته يوم الخميس الماضي في إحدى مشافي القاهرة وبرحيله خسر الجنوب خاصة والوطن عامة، أحد القادة القلائل الذين عرفوا باعتدالهم وسعيهم الحثيث للحفاظ على اللحمة الجنوبية ووحدة النسيج الاجتماعي، وتركت جهوده الأمنية ومواقفه الإنسانية والوطنية التي تميز بها أثناء رئاسته للجنة تنفيذ اتفاق الرياض "المستوى الثالث عدن" إلى جانب زملاؤه أعضاء اللجنة الذين بذلوا من خلالها جهوداً ومساعي مضنية للم الشمل الجنوبي من خلال نزع فتيل التوتر والأزمة واحتواء نتائج الصراع المسلح الذي حدث في عدن في 30 أغسطس 2019م، فضلاً عن قيامه بتنفيذ مهامه الرسمية الأمنية بانضباط عالي لترسيخ دعائم الأمن الاستقرار في محافظة عدن، تركت أثراً طيباً في نفوس ووجدوان الجنوبيين. لقد شكل رحيله صدمة كبيرة لأبناء الجنوب والوطن عامة الذين عرفوا عن قرب حجم مساعيه وإسهاماته الصادقة للحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي وإحلال الأمن والاستقرار في عدن والوطن عامة الذي خسر أحد أبناءه وكوادره المتميزين بالخبرة والانضباط في العمل الأمني، والأخلاق العالية التي عرف بها بين زملائه ونال احترامهم وتقديرهم، بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية الواسعة وانفتاحه على الجميع، كواحد من القادة العسكريين القلائل الذين حرصوا على الاعتدال في ظل التناقضات والصراعات السياسية التي احدثت تصدعات وخدوش في جسد المجتمع الجنوبي ووحدته الاجتماعية، وتكريس كل طاقاتهم لتضميد الجراح ولملمة الشمل الجنوبي وترك مساحات للاختلاف والتباين وأخرى للتآخي والتعاون ونبذ الفرقة والعنف. لازلت اتذكر الازدحام البشري من أبناء الجنوب أثناء زيارتي له وللأخ اللواء محمد مساعد الأمير وكيل وزارة الداخلية مطلع العام الحالي عند تلقيهم العلاج بعد الهجوم الصاروخي على مطار عدن في مستشفى البريهي، كنت برفقة العميد ركن علي عبيد مدير دائرة شؤون الضباط بوزارة الدفاع والعميد طيار ركن سالم حيدرة وعدد آخر من ضباط الجيش والأمن والحزام الأمني، كنت اتساءل يومها مع نفسي عن سر الازدحام لطلب زيارتهما وكيف استطاع هاذين القائدين كسب احترام وحب جميع الأطراف؟! ومع مرور الأيام تبين أن سلوك الاعتدال وحرصهما على مداواة الجراح والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي الجنوبي اكسبهما حب ومودة واحترام الجميع والذي تتجلى أوضح صوره في الحضور اللافت للمشيعين من مختلف مناطق الجنوب في جنازة الشهيد البطل لهطل في مسقط رأسه في "لبو" بالوضيع بأبين. تهل علينا بعد أيام الذكرى الأولى للجريمة الإرهابية للهجوم الصاروخي الذي استهدفت به مليشيا الحوثي منشآة مدنية (مطار عدن الدولي) ونحن لا نزال نودع الشهداء طوال العام منذ 30 ديسمبر العام الماضي ودعنا العقيد محفوظ محمد محفوظ والعقيد محمد عبدالولي والعقيد عدنان موانس وآخرين رحمهم الله، حيث تجاوز العدد أكثر من 30 شهيدا كان آخرهم الشهيد العميد حيدره علي لهطل، وعدد كبير من الجرحى وللأسف تهل علينا هذه الذكرى المؤلمة في ظل استمرار صمت الحكومة اليمنية والمنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي عن هذه الجريمة الإرهابية ومرتكبيها (مليشيا الحوثي) التي ينبغي أن تأخذ مجراها إلى المحاكم الدولية لتلقى جزاها الرادع عما ترتكب من جرائم بحق المدنيين والمنشآت المدنية. هكذا يغادرنا الخيرون والطيبون ويتركون فراغاً وألماً في حياتنا لأنهم كانوا فيها محطات استثنائية لا يمكن نسيانها أو محوها من الذاكرة، ورغم الألم والحزن والوجع الذي خلفه رحيل الشهيد العميد حيدره علي لهطل إلا أنه سيبقى بأعماله ومواقفه الإنسانية والوطنية واعتداله، الشهيد الحي في وجداننا. الرحمة والمغفرة لجميع الشهداء الأبرار والشفاء للجرحى
لهطل ..الشهيد الحي في وجدان الجنوبيين
2021/12/20 - الساعة 03:01 صباحاً