أبين تتعافى في زمن الحرب ..!

ادهشت محافظة أبين المتابع الرياضي، باستقبالها للعام الجديد  2022م،  بإنجاز وتجهيز خمسة ملاعب رياضية تدريبية، وافتتاحها وتسليمها للسلطة المحلية، وتوديعها العام المنصرم بحدث كروي تمثل في تتويج فريق نادي فحمان الرياضي لكرة القدم بطلاً للدوري العام، وكل الجهود التي يقوم بها رجالها الأوفياء التي تعد مؤشراً إيجابياً يحمل ملامح التعافي لمحافظة أبين في زمن الحرب. أبين تعاني من أوجاع متراكمة تعود إلى ما قبل الحرب بسنوات الحقت بمؤسساتها وأجهزتها وبمجتمعها الضرر الأكبر مقارنة مع بقية المحافظات، ثم أتت الحرب لتضاعف المأساة وتزيد الألم، في وقت لم تتعاف بعد من جراحها، إذ كان استهدافها مبكراً، منذ ما بعد الوحدة 90م مباشرة من قبل الجماعات المتطرفة التي بدأت بالتدمير الممنهج للمرافق الثقافية والمنشآت السياحية، ومنها ساحة الشهداء والنوادي والصالات الرياضية، مدركة بان هذه البداية ستحقق لها أهدافها التدميرية، من خلال خلق مناخ وعوامل مساعدة لتفكيك الترابط المجتمعي، وجعل الشباب يعيشون في حالة التوهان والفراغ، وقتل مواهبهم ودفن إبداعاتهم لإضعافهم فكرياً وثقافياً وبدنياً، ليسهل تحويلهم إلى فريسة سهله للإيقاع بهم تحت تأثير افكارها المتطرفة، وهذا هيأ العوامل والوضع في بعض مديريات ومناطق محافظة أبين قبل السيطرة عليها، أو تسليمها بشكل أو بآخر لتنظيم القاعدة في 2011م ليقضي على ما تبقى من امكانيات ومنجزات اقتصادية وتربوية وثقافية ورياضية، كالملعب الرياضي الجديد في زنجبار الذي احتضن مباريات خليجي عشرين عام 2010م وملعب نادي حسان الرياضي والصالة المغطاة ودور الثقافة وكل المؤسسات في أبين. ورغم محاولات تطبيع الحياة وإعادة المهجرين إليها بعد تحريرها من سيطرة تنظيم القاعدة في منتصف عام 2012م، وطرد عناصره إلى الجبال إلا أن الحرب مع مليشيا الحوثي قوضت تلك المحاولات، وأوجدت مناخاً استغلته الجماعات المتطرفة لبقائها، وإبقاء خطرها قائماً الأمر الذي يتطلب ألا تتوقف هذه المحاولات والجهود لتحصين المجتمع والشباب من الفكر المتطرف والقضاء على العوامل والأوضاع التي تستغلها التنظيمات المتطرفة  لإضعاف قدرات ومهارات الشباب وابداعاتهم للتاثير على عقولهم. إن خطورة نتائج وأضرار الحروب وتداعياتها على المجتمعات تختلف باختلاف طبيعة الجماعات المتصارعة واجنحتها وأهدافها، ودوافعها الخفية من وراء خوضها للحروب،  فالحروب التي تكون بدافع السيطرة على السلطة، ربما عمق ومدى آثارها وأضرارها أخف وأقصر ويمكن احتواءها في فترة قصيرة بعكس الحروب، التي تقودها الجماعات المسلحة والتنظيمات الارهابية، التي تتوغل أثارها في عمق المجتمع وتدمر مقدراته الاقتصادية والفكرية وقيمه التربوية والأخلاقية ويحتاج التعافي منها إلى وقت طويل، لمحو آثارها وأضرارها والقضاء على ما خلفته اقتصادياً واجتماعياً وفكرياً ونفسياً. أبين الجرح النازف، والجسد الموجوع التي انتظرت من ينقذها، ويستطيع مداواة أوجاعها وتضميد جراحها، ولا يخفي أي محب لها غيرته عليها وعلى استقرارها، وإظهار شعوره بالرضا عند أي جهود، أو حدث أو انجاز لأي مشروع يحمل الفرح للمواطن فيها، وهذا الشعور أظهره الكثيرون من أبناء أبين بإنجاز خمسة ملاعب رياضية تدريبية، حيث انعشت الآمال لإنقاذها، والتي تم إنشاؤها بجهود العميد الركن ناصر عبدربه منصور هادي قائد الوية الحماية الرئاسية، الذي شق طريق التعافي ورسم مسار السير فيه للجميع، لتحقيق السلام المجتمعي والوئام في أبين، وخطا أولى خطواته على هذا الطريق من خلال الاهتمام بالنشء والعمل على تحصينهم ومنع انجرارهم خلف الأفكار المتطرفة. لقد كانت بداية التدمير لأبين من المنشآت الرياضية والثقافية، وإضعاف النشء والتشويش على افكارهم، واليوم نرى أن نهاية مأساتها ستكون بتعافي شبابها، وتحصين عقولهم وحمايتها، وبناء قدراتهم، ورفع معارفهم الفكربة والثقافية والرياضية.. بالإضافة إلى أنها لن تتعافى من أوجاعها المتلاحقة إلا برجالها الأوفياء المخلصين، وبصدق نواياهم وصبرهم، والتفافهم حول كل عمل رائع، ينتشل اوضاعها، وينمي قدرات ومهارات ابنائها الإبداعية، والحفاظ عليه، وهو ما يستدعي الدعوة إلى المعنيين والشباب، للحفاظ على هذه المنجزات، والعمل على ما يضمن ديمومتها لتحقيق الغايات المرجوو من إنشاؤها، واستمرار خطوات وجهود التعافي في زمن الحرب. * صحيفة الأيام