فارس العدني
يُلاحظ خلال العام 2025م بروز تحول واضح في خطاب اللواء
الركن أحمد سعيد بن بريك واللواء الركن فرج سالمين البحسني من الاهتمام بالملف الجنوبي العام إلى التركيز المكثف على شؤون حضرموت، وهو تحول يعكس شعورًا متزايدًا بالتهميش داخل المجلس الانتقالي الجنوبي ورغبة في إعادة تموضع النخبة الحضرمية سياسيًا. اللافت أن كليهما يتجنب الإشارة إلى صفته كنائب رئيس المجلس الانتقالي، حيث يكتفي بن بريك بصفة المحافظ السابق لحضرموت ويستخدم البحسني صفة عضو مجلس القيادة الرئاسي، في دلالة سياسية على رغبة ضمنية في النأي بالنفس عن حالة الجمود التنظيمي التي يعيشها المجلس. هذا التجنب يحمل رسالة احتجاجية تجاه قيادة الانتقالي التي باتت تتسم بالمركزية والانغلاق، إذ اكتفت بسياسة الاحتواء دون تمكين فعلي لكوادرها، ما ولّد شعورًا عامًا بالإقصاء وانعدام الشراكة داخل الجنوب. كما أن أسلوب القيادة الذي يتبعه عيدروس الزبيدي يعزز هذا الانطباع، إذ يُدار المجلس بعقلية عسكرية أكثر منها سياسية، ما أدى إلى تفكك داخلي وغياب فاعلية مؤسساتية، وتجلّى ذلك في قرارات مثل إرسال يحيى غالب إلى حضرموت التي فُسرت كمؤشر على التحدي لا على التقارب. ويُحسب لبن بريك موقفه المبكر من اتفاق الرياض حين وصفه بأنه طُعم ابتلعه الانتقالي، وهو توصيف يلخص مأزق المجلس الذي فقد استقلال قراره وتورط في تنازلات أضعفت موقفه وأفقدته القدرة على تحسين واقع الجنوب. ما يجري اليوم هو أن حضرموت تعيد صياغة موقعها ودورها، وتبعث رسالة بأنها لن تبقى مجرد رقم في مشروع سياسي مركزي لم يحقق شراكة حقيقية. وإذا استمر الانتقالي في تجاهل هذه التحولات، فسيواجه قريبًا واقعًا جديدًا يتشكل من داخل الجنوب نفسه، عنوانه الأبرز: حضرموت أولاً.


