حرب الحوثي توسع دائرة الفقر وانتشار مخيف للتسول بالعاصمة صنعاء

وسعت الإجراءات الإفقارية التي تتبعها مليشيات الحوثي من دائرة الفقر في مناطق سيطرتها حتى غدا التسول طريق الكثيرين للبقاء على قيد الحياة.

وتشهد صنعاء انتشارا مخيفا للمتسولين بحسب شهادات أدلى بها سكان محليين قائلين “إن صنعاء ذات الثقل السكاني الأكبر تتصدر قائمة المدن الأكثر انتشارا لظاهرة التسول”.

وتحدث السكان عن مشاهد صادمة، إذ دفع الوضع الاقتصادي الناجم عن مصادرة مليشيات الحوثي، وغلاء الأسعار، وتراجع فرص العمل، في بروز هذه الظاهرة بشكل كبير .

وقالوا إن ظاهرة التسول تعد أمرا طبيعيا للفقر والفساد الإداري لمليشيات الحوثي، حيث دفع الفقر العديد من تلك الأسر إلى اللجوء لامتهان التسول كطريق وحيد لكسب العيش، لا سيما الأسر التي لم يكن لديها مصدر آخر غير المرتب الحكومي.

وتحدث البعض عن أسر كانت تعيش حياة كريمة ومستقرة، قبل أن يدمر اجتياح الحوثي للمدن اليمنية وضعها المعيشي، ويقذف بها إلى أتون الفقر والفاقة ويحرمها من المصدر الوحيد لتأمين نفقاتها الشهرية.

وبحسب مراقبين حقوقيين فإن التبعات الكارثية للانقلاب الحوثي والمتمثلة في انعدام فرص العمل، وتوقف صرف رواتب الموظفين منذ أعوام وانقطاع الدخل ساهم في تفاقم وضع ملايين الأسر اليمنية.

 

أكثر الأسر تضررا تلك التي لديها أشخاص يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى أدوية شهرية لا تقدر على شرائها، بعدما استنفدت جميع مدخراتها بالإنفاق على شراء احتياجاتها المعيشية طيلة السنوات الماضية.

وبحسب أحد السائقين فإن البعض منهم يعطيه أغلفة أدوية خاصة بمرض الضغط والسكر على أمل أن يشتري إحداها.

ويشير إلى أن العديد من الأسر لا تخلو من كبار السن ممن يعانون من أمراض مزمنة، ويتناولون أدوية خاصة بمرض الضغط والسكر، وهذا يعد مكلفا، إذ إنهم بحاجة إلى مبلغ مالي لتأمين شراء تلك الأدوية.

ويمضي قائلا: “في أوقات كثيرة تكون الأسرة غيرة قادرة على تأمين غذائها الشهري ناهيك عن شراء الأدوية للأمراض المستعصية، وأمام ذلك يكون التسول المجال الوحيد لتوفير قيمة المتطلبات الأخرى”.

وبحسب المصادر فإن بعض المتسولين يؤكدون أنهم لم ينخرطوا في مهنة التسول إلا بعدما سدت أمامهم جميع المجالات، وإن الوضع الراهن هو السبب الذي قذف بهم إلى أرصفة التسول بعدما أغلقت أمامهم جميع الفرص في الحصول على عمل يؤمن دخلا ثابتا.

 

وزاد من تفاقم الوضع المعيشي لبعض الأسر، سيطرة مليشيات الحوثي على صرف المعونات الغذائية المقدمة من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، واستخدامها معايير بعيدة عن المعايير المطبقة للحصول على المعونة الشهرية، فضلا عن توجيه المعونات إلى الموالين لها، ما حرم المئات من الأسر المستحقة.

يقول المواطن يحيى سالم إن مليشيات الحوثي استحوذت على صرف المواد الغذائية بجعلها محصورة على المؤيدين لها، فيما يحرم الآخرون منها وهذا ضاعف من عدد الأسر المحرومة من حق الحصول على المعونات الغذائية.

يضيف: “حتى وإن كانت بعض الأسر الكبيرة تحصل على حصة غذائية فإنها لا تكفي، إذ إنها بحاجة إلى حصص كافية توازي أعداد تلك الأسر، فضلا عن شراء كماليات الأسرة، ومبالغ مالية لقاء الذهاب إلى الطبيب، وشراء الأدوية والاحتياجات الأسرية الأخرى”.

 

ويؤكد الكاتب اليمني محمد ناجي أحمد في مقال على “فيسبوك” أن الأسعار في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي تشهد ارتفاعا موازيا للمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.

 

ويرى أن استقرار سعر العملة في مناطق سيطرة المليشيات كذبة كبرى وأن الانهيار الاقتصادي وتأثيرات تراجع العملة تشمل جميع الجغرافيا اليمنية.

ويؤكد أن الفرق هو أن المناطق المحررة تتوفر فيها فرص العمل بالإضافة إلى عدالة توزيع الحصص الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية للأسر الفقيرة، على عكس المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي.

وتسببت مليشيات الحوثي في أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ تقول الأمم المتحدة إن 80%‎ من سكان البلاد يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وإن أكثر من 20.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية.