أكدت مصادر تعليمية يمنية أن ميليشيات الحوثي تعمل بدأب على تكريس مفاهيم التطرف والعنف بين طلبة المدارس وعددهم يفوق ستة ملايين في مرحلة التعليم الأساسية، بعد أن حولت معظم المدارس والمساجد إلى مراكز لتجنيد واستقطاب صغار السن والمراهقين.
ونبهت المصادر إلى أن المناهج الدراسية الجديدة باتت تكرس العنف وتحث عليه إلى جانب تكريسها للفكر السلالي المتطرف، وأن فعاليات ما يسمى «أسبوع الشهيد» حولت مدارس المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات إلى معسكرات مفتوحة للتدريب على السلاح وحث الصغار على الالتحاق بالجبهات.
وتسعى الميليشيات – بحسب المصادر – من خلال المناهج الدراسية والأنشطة المدرسية إلى تكريس نماذج لطلبة لقوا مصرعهم أثناء المشاركة في القتال مع الميليشيات، وهو ما ينذر بجيل من المتطرفين سيشكل أبرز التحديات في الحاضر والمستقبل القريب.
وذكر معلمون ومعلمات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيات الحوثي كرست مناسبة ما يسمى «أسبوع الشهيد» لتجنيد المزيد من طلبة المدارس حيث ألزمت كل المدارس بما فيها مراكز محو الأمية وتعليم الكبار بإقامة احتفالات بهذه المناسبة تمجد العنف وتروج للأفكار المذهبية المتطرفة، وأن الفعاليات التي رفعت فيها صور قتلى الميليشيات شهدت أيضاً عروضاً مسرحية أشرف عليها ما يسمى المكتب التربوي في قيادة الميليشيات.
وأوضحت المصادر، أن الطلبة في هذه المسرحيات يقدمون أدواراً قتالية ويلبسون اللباس العسكري ويرفعون صوراً لزملاء لهم قتلوا في الجبهات كما تتضمن تحريضاً على الالتحاق بالجبهات وترك المدارس في واحدة من أشد أنواع التعبئة المتطرفة التي يتلقاها الطلبة منذ سنوات.
ووفق ما قاله المعلمون ومسؤولو المناطق التعليمية، فقد تم إلزامهم بموجب توجيهات القيادي الحوثي قاسم الحمران المعروف بتطرفه المذهبي والسلالي بإقامة فعاليات في الفترات الصباحية والمسائية وإلقاء خطب وتنظيم عروض مسرحية تمجد قتلى الجماعة، وشمل الأمر مدارس التعليم الأهلية، وهو ما دفع كثيراً من المعلمين والمعلمات إلى التحايل على الأمر عبر إقامة فعاليات شكلية.
وأشارت المصادر إلى أن مشرفي الميليشيات ركزوا على المدارس الكبيرة وذات الكثافة الطلابية لتنفيذ تلك الأنشطة التي ستؤدي إلى جانب الإغراء برواتب شهرية إلى التحاق مجاميع كبيرة من المراهقين بالقتال لتعويض الخسائر الكبيرة وغير المسبوقة التي تتكبدها الميليشيات في جبهات مأرب.
وبالتزامن مع ذلك قالت نقابة المعلمين اليمنيين إنه تأكد لديها قيام ميليشيات الحوثي بوضع صورة الطفل «هاني طومر» على غلاف لمقرر مادة اللغة العربية للصف السادس، وأضافوا قصيدة ودرساً عنه في الطبعة التجريبية للعام المقبل، وهو أحد أطفال محافظة صعدة، ولم يتجاوز سنه 14 عاماً، الذي قتل في 9 فبراير (شباط) الماضي بعد تجنيده من قبل الميليشيات.
ونبهت النقابة إلى أن الميليشيات تسعى من وراء هذه الخطوة إلى جعل الطفل «رمزاً ملهماً للصغار في المنهج الذي يتلقفه ملايين الطلبة في مناطق سيطرة الحوثي»، وهو المنهج الذي ينطوي على ترويج لثقافة القتل والموت والعنف بدلاً عن الحياة والسلام.
وبحسب ما ذكرته النقابة في تعليق لها على صدور النسخة التجريبية من الكتاب المدرسي، قالت إن الرسالة الموجهة للطلبة من هذه الخطوة هو تغيير وعيهم وإفهامهم أن النجاح ليس بمواصلة الدراسة، بل أن يذهبوا إلى القتال والموت.
وحذرت النقابة من أنه إذا لم يتم فعل شيء للحد من تأثير هذا التلقين العقائدي، ستمضي أجيال من الشباب نحو مستقبل يكون فيه أعلى تطلعاتهم في الحياة هو الموت في الحرب.
ودعت النقابة جميع الجهات الوطنية والدولية إلى العمل معاً لوقف تسلل هذه الأفكار إلى المناهج والحياة اليومية للأطفال، وقالت إن «استمرار الحوثي في تسييس المناهج والتعليم سيؤدي إلى ظهور جيل من المتطرفين ولدوا من رحم تعاليم الكراهية والفقر مما سيزعزع استقرار اليمن والمنطقة لأجيال قادمة»، وأنه «يجب أن يعمل الجميع في الداخل والخارج لمنع هذه الأفكار من التسلل للمناهج والمدارس».
وكان المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي ذكر أن الميليشيات تسعى إلى الدفع بآلاف من المعلمين إلى الجبهات ليكونوا وقوداً للحرب ضد الحكومة الشرعية، وحملها المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة المعلمين، داعياً إلى احترام الطبيعة المدنية للمدارس، وحماية المعلمين والطلبة في مناطق سيطرة الميليشيات، كما دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لردع الحوثيين عن مواصلة انتهاك المواثيق الدولية.