ليس من السهل أن تكون على رأس التمثيل الدبلوماسي لوطنك، الأمر لشغل هذا المنصب لا يكون هينا وليس بسهل المنال.. عليك المرور بسنوات طويلة من العمل الشاق والجهد السياسي والمهارة الادارية و الأكاديمية ولديك قدرات هائلة و مكنونات فردية وعلاقات دولية وحصافة سياسية قلما تجدها بين الشخوص، ولذا لم يكن اختيار د.احمد عوض بن مبارك لقيادة وزارة الخارجية إلا بعدما مر بالسلك الدبلوماسي في اصعب فتراته متجاوزا اخطر مراحل حياته منذ توليه مهمة سفير اليمن في عاصمة القرار الدولي (واشنطن).
بن مبارك الرجل الاكثر تحليقا بين اليمنيين في دهاليس السياسة الدولية والإقليمية شارحا وقائع الازمة والحرب وباحثا عن حلها،.. هاهو يفتح صدره ولأول مرة للاعلام اليمني ضيفا في رحاب الصحيفة الحكومية الوحيدة الصادرة حاليا (١٤ اكتوبر)، حيث يظهر بين صفحاتها في حوارا نادرا وصريح. هذا الحوار الصحفي هو الثاني بالنسبة لي وان جرى هذه المرة عن بعد، إلا أنه كعادة الرجل لا يظل عليك الا وفي جعبته مايتحفك بالجديد الذي يخرجه للناس من حقيبته الدبلوماسية الاولى للبلاد. معلومات وحقائق كثيرة، ردود أفعال واسرار وتطورات الموقف والأداء والشكوك وإبعاد الحل جل التحركات يكشفها الوزير فإلى الحديث التالي :
حاوره / ذويزن محمد مخشف
ظلال الحرب والسلام
* ثمانية اعوام ومازالت الحرب تمضي قدما في بلادنا. بعد كل هذه السنوات كيف تصورون المشهد اليوم؟ وهل هناك من حل يلوح في الافق؟
- لا شك بأن يوم واحد من الحرب يحمل معه الكثير من الخسائر والمآسي الإنسانية والاقتصادية، فما بالك بثمان سنوات مستمرة من حرب تشنها مجموعة إرهابية لا تردعها قيم ولا أعراف ولا قوانين؟ إن شعبنا اليمني يعاني تحت وطأة هذه الحرب التي شنتها المليشيات الحوثية الإرهابية ضد كافة المواطنين وضد اليمن في المقام الأول، فلم تدمر هذه المليشيات فقط البنى التحتية والاقتصادية ولكنها دمرت النسيج الاجتماعي للشعب اليمني في محاولة منها لإعادة اليمن للوراء ولأزمنة الإمامة والكهنوت التي رفضها اليمنيون وسيقاتلون حتى آخر رمق لهزيمتها والتخلص منها. أما فيما يتعلق بالحلول وانطلاقاً من مسؤوليتنا كحكومة فنحن لم ندخر جهداً للانخراط في كافة المبادرات السياسية التي طرحت للوصول إلى حل ينهي حرب هذه المليشيات الإرهابية، ولكن العائق الرئيسي لإنهاء الحرب هي المليشيات نفسها واستمرارها في استخدام العنف ورغبتها في حكم اليمن بالقوة وهو ما لم ولن يتم، ولن يقبله اليمنيين بمختلف أطيافهم وفئاتهم، لهذا نمضي كحكومة في خيار السلام والمفاوضات فإن جنحت المليشيات الإرهابية للسلم فكان بها، وإن استمرت بعدوانها فلدى الحكومة والجيش الوطني والمقاومة الشعبية ما يردعها ويقف ضدها حتى تحقيق النصر.
* يبدو الحوثيون هم العائق الأكبر لعملية إحلال السلام، باعتقادك ما الذي يمنعهم عن الجنوح للسلم؟
- ترتبط أجندة الحوثيون بأجندة النظام الإيراني بشكل مباشر وهذا الأمر أصبح واضحاً ولم يعد مخفياً وتؤكده شحنات الأسلحة التي يتم ضبطها بين الحين والآخر والتي يرسلها النظام الإيراني للمليشيات الإرهابية ليساهم في قتل أبناء شعبنا اليمني، ولذلك فلا يكترث الحوثيون لمصلحة الشعب اليمني وعلى النقيض من ذلك يقدمون مصلحة النظام الإيراني الذي تجمعه مع المليشيات الحوثية دوافع وطبيعة إرهابية فإيران دولة راعية للإرهاب وتمثل المليشيات الحوثية الإرهابية أحد أذرعتها في المنطقة والتي تستخدمها لخلق الفوضى ومحاولة السيطرة على الإقليم وتهديد دول الجوار وممرات التجارة والطاقة الدولية. هذه التبعية المطلقة للمليشيات الإرهابية للنظام الإيراني هي التي تقف دون قبول المليشيات الحوثية لعروض السلام المقدمة والتي تصب كلها في مصلحة الشعب اليمني أولاً وأخيراً وتخفيف معاناته الإنسانية والاقتصادية.
بين مبعوثان
* يقدم المبعوث الأممي لليمن كل شهر إحاطة باخر مستجدات الأوضاع في الأزمة اليمنية إلا أنه كالعادة يطرحها بلغة دبلوماسية فضفاضه محاولا الحياد وكأنه يقول لا اريد اخسر أيا من الاطراف فربما موقف أحدهم يتسبب بعزلي عن المنصب؟ تعليقكم؟
- نحن نطرح وبكل صراحة على المبعوث الأممي وعلى المبعوث الأمريكي وعلى جميع الشركاء الدوليين أن يتحدثوا بشفافية عن معرقلي العملية السياسية في اليمن وضرورة الابتعاد عن العموميات، وحتى نحن في الحكومة سنتقبل وبصدر رحب أي نقد في حال هناك وجود إشكالات من قبلنا، وستلاحظ أنه في الآونة الأخيرة وبعد أن رفضت المليشيات الحوثية الإرهابية تمديد وتوسيع الهدنة وتبنت الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية واستمرار تهديدها لطرق الملاحة الدولية، فلم تعد التصريحات العائمة مقبولة، فإرهاب الحوثي يتحدث عن نفسه، ولا يمكن لأحد أن يحجب أشعة الشمس بغربال. والمبعوث في الأخير هو ميسر لعملية التفاوض والمشاورات، ولكن الإشكالية ومن واقع تجربتنا وتجارب المبعوثين السابقين سواء في جولات المشاورات السابقة ومنها ستوكهولم أو الاتفاقات الداخلية مع المليشيات الحوثية الارهابية فأنها تثبت في الاخير انها لا تلتزم بأي اتفاق.
جولات مكوكية دون جدوى
* جولات متعددة للمبعوثان الأممي والامريكي للرياض ومسقط وبعض الدول الإقليمية المرتبطة بالأزمة اليمنية غير أنها دائما لا تصل إلى نتائج مبشرة لليمنيين وموعودة بقرب انهاء الأزمة وحلولها عن مكانها المتازم منذ وقت طويل؟
- مهما بلغت الجهود الدولية ومستواها لحل الأزمة اليمنية فإنها لن تجد طريقها للنجاح لان فاعليتها يرتبط بعوامل عدة يجب أخذها في عين الاعتبار وفي مقدمتها أولا العقلية الإقصائية للمليشيات الحوثية الارهابية التي ترى نفسها الأحق بحكم اليمن كسلاله تملك الحق الإلهي، ولا يمكن كسر هذا المشروع إلا بتمكين الحكومة اليمنية من ممارسة سلطتها وكبح جماح هذه المليشيات، وثانيا الدعم الإيراني الواضح للحوثيين والتخادم بين المليشيات والنظام الإيراني الذي يستخدم المليشيات الحوثية لتنفيذ مشروعه التوسعي التخريبي في المنطقة، وثالثا تغيير أسلوب التعامل مع المليشيات، فعلى المجتمع الدولي أن ينظر في نهج جديد للتعاطي مع هذه المليشيات ومنها تصنيفها كجماعة إرهابية وتجفيف منابع تمويلها ومصادر دعمها. الهدنة .. والضبابية الدولية
* انتهت الهدنة ولم تنجح مساعي تجديدها، برغم أن مليشيات الحوثي الطرف الاكثر استفاد منها لكنهم أيضا الطرف الوحيد الذي افشل جهود تمديدها، ومع هذا ظلت المواقف الدولية ضبابية؟
- إرهاب الحوثي يتحدث عن نفسه خاصة بعد رفضه للهدنة واستهدافه البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية، وجميع تصريحات المجتمع الدولي تدين هذه الأعمال وتصفها باعمال ارهابية ولكن الإدانة لا تكف لتغيير سلوك المليشيات الإرهابية، وقد طالبنا مرارا بأن ينتقل الموقف الدولي من الإدانة إلى مستوى أكثر عملية ومنها العقوبات بحق هذه الجماعة الإرهابية التي لا تقل بشاعة عن القاعدة وداعش.
* قدمت الحكومة اليمنية تنازلات تلو أخرى وفي الوقت نفسه كم الضغوط تزايد عليها من الرعاة الدوليين ولم تنصب ولو قليلا على الحوثيين، بماذا تفسر الامر؟
- الحكومة اليمنية تتعامل بروح المسؤولية باعتبارها تمثل مصالح كل الشعب اليمني وتحرص على تعظيم المنافع والتخفيف من معاناته ولذلك تحرص على استمرار الرحلات الجوية ودخول سفن المشتقات النفطية طالما أن هناك تخفيف على المواطن اليمني، على الرغم من استمرار التربح الحوثي على حساب المواطن اليمني. وعلينا أن نتذكر حجم الضغوطات التي مورست على الحكومة والتحالف لإيقاف تحرير الحديدة بحجة الوضع الإنساني، بينما اليوم لم نسمع صوتا للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني حول التبعات الكارثية للهجمات الحوثية على المنشآت النفطية على الوضع الإنسان في اليمن، وقد تحدثنا صراحة مع مسؤولي تلك المنظمات والشركاء الدوليين بأن الصمت عن جرائم الحوثيين الإرهابية التي تفاقم الوضع الإنساني وتهديدها للسلم والأمن الدوليين يخل بمصداقية تلك المنظمات، وبالتالي فإن السكوت إرضاء للحوثيين أو خضوعا لابتزازهم يضع مسؤولية هذه المنظمات على المحك.
خطاب الشرعية
* مؤخرا، تغير خطاب الشرعية سوى في الاجتماعات المعلنة او البيانات الرسمية حيث بدت المطالبات بضرورة تغيير المجتمع الدولي لمواقفه المعتدلة والابتعاد عن الرصانة مع الحوثيين في ضوء تصعيدها وشنها الهجمات التخريبية ضد المنشآت الاقتصادية والموانئ النفطية في حضرموت وشبوة لكن تبدو هذه اللغة مؤقتة ودفعها ظرف معين لم تخرجها عن السياق المألوف في التهدئة المعتادة؟
- ينطلق خطاب الشرعية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة من المصلحة العامة للشعب اليمني المتمثلة في إنهاء الحرب وإحلال السلام وفقاً للمرجعيات الثلاث، ويصب خطاب وتحرك الشرعية في هذا الإطار وفي بذل كافة الجهود والمبادرات التي تساهم في إنهاء حرب المليشيات الإرهابية العبثية، وحيث أن العالم أدرك بواقع الحال عبثية هذه المليشيات الإرهابية ورفضها لكل ما تم تقديمه من مبادرات لتمديد الهدنة والدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب، فمن الطبيعي أن نطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف أكثر صرامة واستخدام أدوات مختلفة لإجبار هذه المليشيات الإرهابية على حقن دماء الشعب اليمني والتوقف عن العنف وعن تدمير البنى التحتية الاقتصادية، والقبول بالحل السياسي لإحلال السلام في اليمن.
ارهاب حوثي ودور عماني
* قرار تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية لايزال محدود على الاعلام ولم يلقى طريق التنفيذ الفعلي؟
- قرار التصنيف بحد ذاته هو خطوة عملية وله تبعات وأبعاد ونتائج متعددة والتي بدأت منذ اليوم الأول لإصداره حيث مثل رسالة قوية وفاعلة للمليشيات الإرهابية ولمن يظن أنه سينجو بنفسه بدعم هذه المليشيات ومساعدتها في عدوانها وانتهاكاتها ضد أبناء شعبنا. فالقرار له أبعاد متعددة والحكومة لديها برنامج عمل متكامل لضمان تنفيذ القرار بالشكل الأمثل، وتعمل كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية على ترجمة القرار كل في نطاق عمله، وهناك بالفعل قوائم تم اعدادها وما زال العمل جاري لاستكمال قوائم اخرى وإضافة كل من تثبت مساعدته لهذه المليشيات الإرهابية من أفراد أو كيانات وملاحقتهم واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحقهم.
* تلعب مسقط دورا محوريا كبوابة خلفية بدوافع أمريكية أن صح التعبير-، لإنهاء الحرب وإحلال السلام الا انها تبدو متوافقة ومنسجمة مع أجندات الحوثيين على زعزعة الاستقرار وما هجمات الحوثيين العابرة للحدود أو تلك المستهدفة الملاحة الدولية الا أمثلة للواقع؟.. كما لم يلمس اليمنيون من مسقط دورا فاعلا يدفع الحوثيين إلى طاولة التفاوض والجنوح للسلام؟
- ما يربط اليمن واليمنيون بعمان والشعب العماني هي علاقات تاريخية وأخوية ضاربة بالتاريخ، ولا يمكن التقليل من الدور الذي يلعبه الأشقاء في السلطنة لدعم جهود السلام في بلادنا وللتخفيف من آثار الحرب التي شنتها المليشيات الإرهابية، من جهتنا كحكومة وشعب يمني بالتأكيد نطلب من كافة الأشقاء والأصدقاء بذل المزيد من الجهود والضغوط على هذه المليشيات الإرهابية، وبنفس الوقت نسعى مع كافة الأطراف للوصول لنقاط مشتركة سعياً لإحلال السلام وإنهاء الحرب ولا نغلق أي باب أو نهمل أي مبادرة أو نقلل من شأن أي طرف يمكنه العمل على ذلك.
* الجميع يدرك أن الحل هو يمني يمني فمتى يحدث ذلك؟ هل لدى الشرعية قدرة والإعلان عن توجه وفد رسمي إلى صنعاء للدخول بمحادثات مباشرة أو العكس؟
- كما يدرك الجميع أن الحل هو يمني – يمني يدرك الجميع أيضا أن الشرعية هي الطرف التي قدمت وما زالت كل التنازلات لتحقيق هذا الحل من طرفها إداركاً منها لأهمية السلام في حقن دماء أبناء شعبنا، ولكن التنازلات ايضاً لها خطوط وحدود لا يمكن تجاوزها ليس لأن الشرعي لا تريد ذلك ولكن لأن الشعب اليمني بكافة أطيافه لن يقبل بذلك، فلا يمكن الحديث في القرن الواحد والعشرين عن القبول بسلطة تدعي الحق والاصطفاء الآلهي، أو سلطة تحكم بالقمع والقهر وباستخدام العنف لاقصاء كافة الأطراف هذا الأمر يعد انقلاب كامل على دستور الجمهورية اليمنية القائم على المواطنة المتساوية، والحرية والتداول السلمي للسلطة. كما أن الشرعية لم تمانع في قبول أي محادثات مباشرة بل على العكس قامت الحكومة مؤخراً بتسمية أعضاء الفريق السياسي للتفاوض كاستجابة لمبادرة الأمم المتحدة في حال تمديد الهدنة للبدء في المفاوضات لإحلال السلام الشامل، ولكن في النهاية وكما تحدثنا سابقاً فالعقبة الرئيسية لكل ذلك هي المليشيات الإرهابية نفسها.
* منذ توليك وزارة الخارجية استطعت تحريك المياه الراكدة للملف اليمني فما هي النجاحات والعوائق؟
- حققنا نجاحات كثيرة في ملف السياسة الخارجية ومنذ اليوم الأول عملنا وفق خطة محددة لتغيير السرديات الغربية التي رافقت الحرب في اليمن، ونجحنا في تحقيق اختراقات كبيرة في ذلك، واليوم يدرك المتابع السياسي كيف تغيرت المواقف السياسية لكثير من الدول الفاعلة في الملف اليمني وأدركت طبيعة الحرب وطبيعة الدور التخريبي الهدام الذي تقوم به المليشيات الإرهابية في عرقلة إحلال السلام في اليمن، كما أوصلنا صوت القضية اليمنية للكثير من المحافل والمؤتمرات الدولية وفضحنا الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها المليشيات الإرهابية بحق أبناء شعبنا. وعززنا العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة واستخدمنا هذه العلاقات لحثهم على مزيد من الدعم السياسي والاقتصادي والتنموي لبلادنا.
استئصال ايران
* هل تعتقد ان الأزمة اليمنية تحتاج تدخلا جراحيا استثنائي مثل إجراء الحكومة مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إيران؟
- الحكومة اليمنية لا تدخر ولن تدخر أي جهد يوفر على شعبنا المزيد من الدماء والمعاناة التي يعيشها بسبب حرب المليشيات الإرهابية، ولكن الحديث عن مفاوضات مع النظام الإيراني هو حديث غير ذا جدوى، فأجندة النظام الإيراني معروفة أينما حل وأرتحل وهي أجندة تخريبية لتدمير الشعوب والأوطان، وانظر حولك في العواصم العربية التي تدخل فيها النظام الإيراني عبر أذرعه من مليشيات طائفية هل ترى أي نموذج ناجح في هذه الدول يغري الحكومة للتفاوض أو الحديث مع النظام الإيراني باعتباره قد يهتم لمصلحة الشعب اليمني؟ فالنظام الإيراني يستخدم المفاوضات لتحقيق مصالحه وأهدافه هو في مفهومه لتصدير الثورة الذي نص عليها الدستور الايراني والذي يسعى للتدخل في الدول العربية والاسلامية وابقاؤها في حروب طائفية، بل انظر الآن كيف يواجه شعبه بالقمع والقتل والتنكيل، فهذا النظام لا خير منه للشعب الايراني ولا للمنطقة.
الطريق الى معاشيق
* حينما كنت امين عام الحوار الوطني أجريت معك شخصيا حوارا نشرته في صحيفة (الطريق) وسالتك حينها أن معظم المشاركين بالحوار هم أبرز اسباب الأزمة فكيف يكونون جزء من الحل، اجبت بنعم ومضيت شارحا ذلك، إذن بعد مرور ١٠ اعوام وحصل ما حصل هل تغيرت الإجابة أو لازلت عند نفس القناعة والتفسير؟
- نعم لا زلت عند نفس القناعة ، ولا يمكن ايجاد اي حل الا باتفاق الاطراف الفاعلة والتي هي مع الاسف جزء من المشكلة ولكن ما يجب ان نجتهد فيه اكثر هو بايجاد ضمانات فاعلة لضمان صدقية التنفيذ.
* دور الحكومة في عدن يقتصر على الوجود الرمزي في قصر معاشيق لكن هناك شكاوى كثيرة وصلت حد اتهام بعض الوزراء بالفساد والتلاعب فضلا عن تمرير مشاريع ضد أطراف تشارك بالحكومة؟
- هذا التوصيف فيه نوع من التحامل على الحكومة وأداؤها، لنعترف بداية أن المرحلة صعبة والتحديات كثيرة ولا يمكن تقييم أداء وعمل الحكومة وفقاً لمعايير اعتيادية لأن الوضع غير اعتيادي، وهذا ليس ابتعاداً عن تحمل المسؤولية أو هروباً من أي تقصير على الأرض. بل على العكس من ذلك لا يمكن التقليل من أهمية دور الرقابة الإعلامية والاجتماعية على أعمال الحكومة وأداؤها، ولكننا نأمل أن يكون الجميع أيضاً على قدر من المسؤولية والموضوعية في مسألة الانتقادات والمطالبات بتصحيح القصور أو الأخطاء لأن المبالغات والتضخيم في تصيد الأخطاء يقلل من الحصول على النتائج المرجوة بعكس ما يعتقد البعض. والحكومة كأي حكومة في أي بلد في العالم لديها من الأخطاء والقصور ما يستوجب التصحيح والسعي نحو تقديم الخدمات بما يتناسب مع الواقع والإمكانيات المتاحة وهو ما نعمل عليه جميعا كأعضاء في الحكومة نحمل مسؤولية جماعية تجاه الشعب والوطن.
* هل هناك تصدع في الحكومة وشركائها، تحديدا مع المجلس الانتقالي؟
- لا يوجد تصدع ولكن بالتاكيد قد يوجد اجتهادات مختلفة في بعض القضايا وذلك يشمل كذلك قوى اخرى مشاركة في الحكومة وهو أمر طبيعي ايضاً وعلى مستوى العالم هناك حكومات ائتلافية من أحزاب مختلفة تشكل حكومة واحدة، وتحصل فيها اختلافات ولكن لا يطغى ذلك على الهدف المشترك أو البرنامج العام للحكومة. والحكومة اليمنية مشكلة من كافة القوى السياسية المتوحدة تحت هدف واحد وعام وهو استعادة الدولة وهزيمة المليشيات الحوثية الإرهابية وإحلال السلام في اليمن، وهناك تحت هذا الهدف العام أهداف وبرامج مختلفة وهذا طبيعي إذا ما وضع في إطاره الصحيح وهو "الاختلاف" السياسي والحزبي في بلد متعدد الأحزاب، وطالما كان هذا الاختلاف يدار بالحوار والأدوات السياسية فليس هناك ما يدعو للقلق. الإصلاح وهيكلة الوزارة
* في كواليس الوزارة، شؤونها الداخلية، تردد كثيرا عن قضية استنزاف البعثات الدبلوماسية لخزينة الدولة وقدراتها المالية بالعملة الصعبة، هذه المعضلة تواجهها ادارتكم فإلى أين وصلت بعملية اصلاح وهيكلة الوزارة والحد من إرهاق الميزانية والتخلص من التعينات الغير مناسبة للتمثيل الدبلوماسي اليمني بالخارج؟
- اولا لابد من التاكيد ان الدبلوماسية اليمنية كانت ولا زالت من الجبهات المهمة في المعركة الوطنية لمواجهة مليشيا الحوثي ومن اول الجبهات التي تحركت عقب الانقلاب مباشرة، وتماسكت الخارجية اليمنية وبعثاتها في الخارج رغم كل الظروف الصعبة التي مرت بها ووصلت لعدم استلامهم للرواتب لاكثر من ١١ شهر وانقطاع التامين الصحي وبدلات السكن وغيرها من استحقاقات بالاضافة لانخفاض الموازنات التشغيلية. ولا شك أن الكادر الدبلوماسي المدرب والمؤهل هو العامل الأهم في تنفيذ السياسة الخارجية، ونتيجة للأوضاع التي مرت بها كل مؤسسات الدولة حدثت بعض الاستثناءات خلال السنوات الماضية وذلك استدعى اتخاذ جملة من القرارات لمعالجة ذلك والعمل جاري في هذا الصدد سواء ما يتعلق بالتعينات في البعثات الدبلوماسية أو الملحقيات الفنية، والالتزام بتطبيق قانون السلك الدبلوماسي نصا وروحا لضمان تلافي تلك الأخطاء مستقبلاً. ومنذ فترة شكلت الحكومة لجنة لمراجعة شروط وحيثيات إنشاء الملحقيات الفنية، والالتزام بضوابط التعيينات في السلك الدبلوماسي وإنفاذ قرارات الاستدعاء، وتقليص أعداد كوادر البعثات وتقليص النفقات إلى الحد الأدنى وتوجيهها نحو الخدمات الأساسية التي تمس حياة ومعيشة المواطنين. ويوجد لدينا حالياً (54) سفير عامل وقنصل عام في كافة البعثات الدبلوماسية والقنصلية اليمنية في الخارج، وهناك انخفاض في الدبلوماسيين المعينين في الخارج من (376) في العام 2020 إلى (340) في العام 2022.
* هل لديك رسالة معينة تبلغ بها اليمنيين عبر صحيفة ١٤ اكتوبر؟
- ادعوا جميع القوى المناهضة للمشروع الايراني في اليمن الى ادراك اننا جميعا في مركب واحد وان هذا المشروع يستهدفنا جميعا ولا سبيل للنجاة منه الا بتوحيد كافة الجهود وحشدها نحو الهدف المشترك وهو انهاء الانقلاب واستعادة الدولة التي يجب ان تكون ضامنة لكل المشاريع السياسية بان تكون شريكة حقيقية في رسم المستقبل وصياغة المرحلة القادمة دون استقواء او تفرد من اي طرف.
بعيدا عن السياسة، ما الذي ممكن قوله عن حياتك الشخصية وطبيعتها اليومية منذ شغلك منصب وزير الخارجية؟ - والله انقلبت حياتي رأسا على عقب وتغير روتين حياتي الذي اصبح لحدا كبير منتظما خلال السنوات الخمس التي خدمت فيها كسفير في الولايات المتحدة الاميريكية، فطبيعة عملي كوزير للخارجية في هذه المرحلة الصعبة ودوام السفر والتنقل بين عواصم العالم تجعل من الصعب الحديث عن اي روتين يومي منتظم، الا اني عموما اميل لبدء جدولي باكرا..!