‏تناقضات الانتقالي 

ساره عبدالله حسن

 

‏منذ اتفاق الرياض، وإعلام الانتقالي يسمي الحكومة اليمنية “حكومة المناصفة”. لم يسمِّها بهذا المسمى إعلام الشرعية أو أي حزب من الأحزاب المشاركة في الحكومة، وحدهم الانتقاليون كرروا استخدام مصطلح “حكومة المناصفة” بإصرار عجيب.

 

‏أعلم أن الإعلام الانتقالي (رغم عمل بعض الأسماء المؤهلة الجيدة فيه، لكنها مهمشة في إدارة العمل الإعلامي) يُدار منذ عام 2018 من قِبَل شخصيات غير مؤهلة ولا تفقه شيئًا في العمل الإعلامي، وهو ما يفسر كثيرًا من الفوضى في حملاته الإعلامية، وما يفسر إطلاقه لمصطلح “حكومة المناصفة”.

 

‏طيب، ماذا يريد أن يقول إعلام الانتقالي وبعض قياداته باستخدام مصطلح “المناصفة”؟

‏يريدون أن يقولوا لشعب الجنوب إنهم خرجوا من اتفاق الرياض خروج المنتصرين، واستطاعوا أن يفرضوا أن تكون نصف الحكومة جنوبية.

 

‏والحقيقة أن اتفاق الرياض لم يأتِ لينصر طرفًا على طرف، وإنما لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع (بين الأطراف المحسوبة على الشرعية). كما أن الحكومات المتعاقبة، خاصة بعد مؤتمر الحوار، كانت تراعي هذه النسبة قدر الإمكان، ولا فضل للانتقالي على شعب الجنوب في هذا الأمر. إننا نتحدث هنا فقط عن معيار الكم في هذه الحكومات، ولا نتحدث عن معيار الكيف، الذي سأتطرق إليه لاحقًا.

 

‏ومن حيث معيار الكم، فإن الانتقالي لا يملك من النصف الجنوبي في الحكومة إلا خمس وزارات، لم يقدم فيها أي إنجاز (وهو أمر تشابه فيه مع باقي الأحزاب اليمنية)، وهي وزارات: الخدمة المدنية، الكهرباء، الزراعة والثروة السمكية، النقل، الشؤون الاجتماعية والعمل.

 

‏أما من ناحية الكيف، فإن الوزارات الأخرى المحسوبة على الجنوب (وهي وزارات مهمة) كالدفاع، والخارجية، والمالية، والنفط والمعادن، وكذلك الشباب والرياضة، والداخلية، لا يمكن أن يدّعي الانتقالي أنها محسوبة عليه، لأنها محسوبة على الأحزاب اليمنية الأخرى.

 

‏إذًا، فلماذا يصرّ الانتقاليون على تسمية الحكومة “حكومة المناصفة”؟

‏إنهم يفعلون ذلك للتسويق أمام شعب الجنوب بأنهم حققوا منجزًا سياسيًا، لكن الحقيقة أنهم يسوقون لوهم آخر.

 

‏ومن يريد أن يكذبني ويصرّ على أن الانتقالي فعلاً حقق إنجازًا بحكومة المناصفة، وله الحق في التسويق لهذا المصطلح والاحتفاء به، فليجب عن هذا السؤال: لماذا بعد ذلك يتنصل من مسؤولياته في الحكومة ويدّعي أن ليس بيده شيء؟

‏ألم يرقص إعلامكم منذ اتفاق الرياض في 2020 على أنها “حكومة مناصفة”؟

‏أربع سنوات مضت منذ ذلك الحين، وأنتم تناقضون أنفسكم! أربع سنوات (وهي فترة رئاسية كاملة في بعض الدول) عجزتم خلالها عن تحقيق منجز واحد، كحل مشكلة الكهرباء مثلاً، في حكومة ادّعى إعلامكم أنكم وراء تعيين نصفها!

 

‏وكثيرون يعلمون أنكم الآن تخوضون معارك باسلة في مجلس القيادة لزجّ بعض الأسماء (من الشلّة المحيطة بمكتب رئيس المجلس الانتقالي) ليحصلوا على مناصب كنُوّاب وزراء ووكلاء، رغم أن بعضهم لا يملكون الكفاءة لها. فهل هذا هو طريقكم الآمن لاستعادة الدولة في الجنوب، أم أنه الطريق الآمن للحصول على مزيد من المناصب والمكاسب على حساب تضحيات ودماء شهداء الجنوب؟

 

‏وللحديث بقية…