في مشهد يعكس عمق الألم وتراكم الغضب، خرجت نساء عدن إلى الشوارع، لا لتحيي ذكرى ولا لتلبي نداء حزبي، بل لتكسر جدار الصمت والخذلان الذي فرضه واقعٌ يزداد قسوة يومًا بعد آخر. نساء عدن لم يعدن قادرات على احتمال العتمة اليومية، ولا العيش وسط القمامة، ولا البحث عن قطرة ماء في مدينة تُحاصرها سلطات الأمر الواقع من جهة، وتغيب عنها الشرعية من الجهة الأخرى.
الرجال الذين صمتوا طويلًا، أو تواطأوا بالصمت، أو تفرغوا للتطبيل، لم يعودوا يمثلون صوت عدن. ومن خلف هذا العجز، خرجت النساء، يحملن وجع المدينة، وكرامة أبنائها، ويصرخن بما عجز عنه كثير من الرجال: عدن تُذبح كل يوم، والخدمات تنعدم، والكهرباء تُستخدم كوسيلة إذلال، والمياه مقطوعة، والرواتب ضائعة، والحقوق مهدورة، والمسؤولون يتصارعون على المغانم ويغيبون عن الميدان.
سلطات الأمر الواقع، التي ترفع شعارات الجنوب، فشلت في إدارة أبسط ملفات الحياة، وتحوّلت إلى عبء على المواطن. أما الشرعية، فوجودها أصبح اسمًا بلا فعل، وقرارها مرهون بتحالفات لا علاقة لها بمصلحة الناس. وسط هذا المشهد، لم تجد المرأة العدنية من يمثلها، فقررت أن تمثل نفسها بنفسها، وتنزل إلى الشارع، ليس حبًا في الظهور، بل وجعًا من الانكسار.
في عدن، الثورة اليوم تقودها النساء، ليس لأنهن أكثر جرأة، بل لأنهن أكثر صدقًا. لا يملكن المليشيا، ولا الإعلام، ولا المال السياسي، لكنهن يملكن الحقيقة، ويحملن قضية واضحة: “نريد أن نعيش بكرامة”. تلك هي المطالب التي تجاهلها الجميع، وانشغل بها المزايدون من كل الأطراف.
عدن لا تحتاج إلى خطب رنانة، بل إلى كهرباء، ماء، صحة، تعليم، وأمن. ونساء عدن قلنها بوضوح: إذا صمت الرجال، فلن نصمت. وإذا خذلتم مدينتنا، فلن نخونها نحن.
- تشكيك واسع في أداء مجلس القيادة الرئاسي وسط تطورات خطيرة في المشهد اليمني
- تدمير الطائرات اليمنية في مطار صنعاء يفتح ملف التجاوزات والتماهي مع الانقلاب
- فهلوة سياسية أم استحقاق مشروع؟ قراءة في مطالبات طارق صالح الحكومية
- مؤسسة صدف البيئية التنموية تنفذ في البريقة ندوة حول التغيرات المناخية وأثرها على البيئة البحرية ومصائد الاسماك