اليمن… رهينة القرار المؤجل

د. عبدالقادر المحوري

 

رغم مرور سنوات على اندلاع الحرب في اليمن، وتوالي المبادرات الأممية والإقليمية، إلا أن جوهر الأزمة لا يزال مُعلّقًا، ومصير البلد رهينة قرار لم يُتخذ بعد. فالحقيقة التي بات يدركها كل متابع للشأن اليمني هي أن حسم الملف لا يتوقف على أطرافه المحلية فحسب، بل أصبح مرهونًا بحسابات دولية معقّدة، وعلى رأسها العلاقة الشائكة بين الولايات المتحدة وإيران.

 

كل المشاريع التي تُطرح اليوم، من مبادرات السلام إلى ترتيبات الحكم الانتقالي، تبدو خجولة ومحدودة الأثر، ليس لأنها تفتقر إلى الرؤية أو الدعم الدولي، بل لأنها ببساطة تنتظر ضوءًا أخضر لم يصدر بعد. فواشنطن، اللاعب الأبرز في المسرح الدولي، لا تزال تُمسك بخيوط اللعبة، لكنها لم تُسقط بعد الورقة الإيرانية من يدها.

 

تبدو طهران، من جهتها، واعية تمامًا بأهمية الورقة اليمنية في ميدان المفاوضات النووية أو في ميزان النفوذ الإقليمي

 

ومن غير المرجح ان يمضي بقية الحلفاء نحو تسوية نهائية من دون توافق أمريكي واضح، يطمئنهم إلى أن ساعة الحسم قد حانت، وأن الحسابات الكبرى قد وُضِعت في إطارها الأخير.

 

من هنا، فإن مستقبل اليمن يتوقف على لحظة حاسمة لم تأتِ بعد؛ لحظة يتقرر فيها مصير المواجهة بين واشنطن وطهران، سواء عبر تسوية سياسية شاملة أو عبر تصعيد يفتح أبواب المواجهة الكبرى. فإن تحقّق السلام بين الطرفين، فسيُعاد ترتيب الأوراق في المنطقة، وسيكون اليمن أول الساحات التي تُدفع نحو الحل. أما إذا انهارت فرص التفاهم، فإن الحرب بكل ما تحمله من تداعيات ستُفرض كقدر على الساحة اليمنية، لتُحسم بها الملفات المؤجلة.

 

وسط هذا الانتظار الطويل، يدفع اليمنيون وحدهم الثمن الأكبر، ما بين فقر وجوع وتشظٍ سياسي واجتماعي، 

 

لقد آن الأوان ليُقال بصراحة: اليمن لم يعد مجرد أزمة داخلية، بل ورقة ضمن صفقة أكبر. ولن يتحرك الساكن إلا عندما يُحسم الخيار في واشنطن، وتُحدد طهران موقفها من السلام أو الحرب.