فارس العدني
مع تصاعد الجدل حول تقاسم المناصب وتوزيع النفوذ بين المكونات السياسية والعسكرية اليمنية، يبرز سؤال محوري: هل لا يزال العميد طارق صالح يُعتبر جزءًا من المؤتمر الشعبي العام، أم أنه بات يُمثل كيانًا سياسيًا وعسكريًا مستقلًا عبر “المكتب السياسي للمقاومة الوطنية”؟
فإذا كان طارق لا يزال ضمن هيكل المؤتمر، فمن الطبيعي أن تُحسب حصته ضمن حصة المؤتمر الشعبي العام. أما إذا كان قد خرج عن ذلك الإطار التنظيمي ويطالب بتمثيل مستقل، فإن المنطق ذاته يفرض فتح الباب أمام قوى عسكرية جنوبية فاعلة—وفي مقدمتها قوات العمالقة—للمطالبة بتمثيل خاص بها، خاصة وهي القوة التي أثبتت جدارتها على الأرض، وقدّمت تضحيات كبيرة في مواجهة المليشيات الحوثية، دون أن تُقارن من حيث التأثير والحضور بأي قوة أخرى شمالية أو جنوبية ضمن مكونات “الشرعية”.
إن المطالبة بحصص تمثيلية بمعزل عن الواقع العسكري والجغرافي تُعد قفزًا على حقائق الميدان، خصوصًا وأن “الشرعية” لم تعد تُسيطر سوى على عدد محدود من المديريات في مناطق الشمال. وبالتالي، من غير المنصف أن تتساوى قوى تملك الأرض وتديرها، مع قوى لا تملك إلا شعارات أو تمثيلات قديمة لا تنعكس على الواقع الفعلي.
المنطق السياسي السليم، والعدالة في التمثيل، يفرضان أن تكون المناصب موزعة وفقًا لما تملكه كل قوة من نفوذ جغرافي وقاعدة شعبية، لا على أساس المحسوبيات أو التوازنات الإقليمية المفروضة. وفي هذا السياق، ينبغي أن يكون لأبناء الجنوب، من عدن إلى المهرة، النصيب الأكبر من المواقع التنفيذية والقيادية، انسجامًا مع سيطرتهم الميدانية وحجمهم السياسي في المرحلة الراهنة.
وفي حال استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، فإن هذا التمثيل الجنوبي سيكبر بطبيعة الحال، أما في إطار أي تسوية تقوم على “يمن اتحادي”، فإن قاعدة التمثيل العادل تظل أساسًا لا يمكن تجاوزه لضمان شراكة حقيقية ومستقبل مستقر.
إن ما يجري اليوم ليس أكثر من سباق على الفيد والمناصب، بعيدًا عن روح الشراكة الحقيقية، ولا سبيل لإيقاف هذا الانجراف إلا بإعادة تعريف العلاقة بين المكونات على أساس “من يملك الأرض يفرض المعادلة”.