هل يشهد اليمن ولادة جبهة مسلحة لطرد الإمارات؟

يزداد الغضب الشعبي ضد القوات الإماراتية والمليشيات التابعة لها في مناطق يمنية عدة، خصوصاً في الجنوب، في ظل اتساع رقعة الانتهاكات ودعم الانقلاب، ومعه يتناغم الموقف الرسمي الذي طالب مراراً بخروج الإمارات من البلاد.

ولم يعد الموقف الإماراتي في اليمن يقتصر على مجرد رغبة ببسط نفوذ وسلطة خاصة في المناطق الجنوبية لهذا البلد؛ فقد اتخذت الإمارات خطوات فعلية وصفت بأنها تطبيقية تدفع في نظر البعض نحو احتلال اليمن، ويبدو أنها لم تتوقف عند حادثة قصف الجيش اليمني والانقلاب في عدن، بل ربما تهدف للسيطرة على جميع المدن الجنوبية وتقسيم البلاد.

ووجدت أبوظبي نفسها أمام غضب شعبي يمني واسع، انعكس جلياً على الموقف الرسمي الحكومي، الذي يدعو لطرد الإمارات من اليمن، ويبدي تذمراً ورفضاً للوجود الإماراتي، وسخطاً واسعاً على أدواتها من أحزمة أمنية ونخب في جنوب البلاد.

تشكيل جبهة للدفاع عن البلاد

في الـ15 من شهر سبتمبر الجاري، دعت قيادات في الحكومة اليمنية الشرعية إلى تشكيل جبهة عريضة للدفاع عن بلادهم، ومحاكمة الإمارات في المحاكم الدولية.

وقال بيان صادر عن مسؤولين يمنيين إن الدعوة لتشكيل جبهة وطنية هدفها "الدفاع عن الجمهورية اليمنية وسيادتها، ووضع حد للتدخلات الخارجية التي تمس أمن اليمن ووحدته وسلامته".

ودان الضربات الجوية التي نفذتها مقاتلات إماراتية، في أغسطس الماضي، في مدينة أبين جنوبي اليمن، والتي خلفت مئات القتلى والجرحى من قوات الجيش اليمني.

كما دعا البيان الذي أصدره عبد العزيز جباري، نائب رئيس البرلمان ومستشار الرئيس اليمني، وأحمد الميسري نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، وصالح الجبواني، وزير النقل في الحكومة اليمنية، إلى طرد الإمارات من التحالف الذي تقوده السعودية باليمن.

موقف رسمي سابق

الدعوة لتشكيل جبهة وطنية للدفاع عن اليمن سبقها إعلان الحكومة اليمنية، في أواخر أغسطس الماضي، حقها في مقاضاة الإمارات على خلفية تلك الغارات.

وطالب أعضاء الحكومة اليمنية، في رسالة وجهت للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، باتخاذ خطوات حاسمة بعد أن تكشفت نيات الإمارات في اليمن.

ودعا الأعضاء إلى توجيه رسالة رسمية للسعودية للمطالبة بإنهاء مشاركة الإمارات في التحالف، مع إشعار مجلس الأمن بذلك ومطالبته بالوقوف أمام تداعيات ما تقوم به دولة الإمارات في اليمن، والاحتفاظ بحق اليمن في مقاضاة الإمارات.

وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قال إن الإمارات تدعم المجلس الانتقالي في جنوب اليمن سعياً لتقسيم البلاد، وطالب قيادات السعودية بالتدخل لوقف هجوم الإمارات على قوات الحكومة والمدنيين في عدن وأبين.

مطالبات برلمانية بطرد الإمارات

كما طالب أعضاء في مجلس النواب اليمني الرئيس هادي بطرد الإمارات من التحالف العربي، وإخراج قواتها من كافة أراضي الجمهورية اليمنية.

وحمّل بيان لعدد من النواب القيادة السعودية المسؤولية عن الاعتداءات التي تعرضت لها الحكومة الشرعية في عدن وبقية الأراضي المحررة.

ودعا النواب الرئيس اليمني وحكومته "إلى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة ما يحدث في عدن، ورفض الإجراءات التي اتخذها الانقلابيون، وعدم التفاوض معهم بأي حال من الأحوال، واعتبارهم متمردين ومنقلبين على السلطة الشرعية وخارجين عن الدستور والقانون مثلهم مثل الحوثيين الانقلابيين".

غضب شعبي

وخلال الفترة الماضية أطلق ناشطون في اليمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة رئيس البلاد بطرد دولة الإمارات، الشريك الرئيس في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية؛ على خلفية ما أسموه "العبث" الذي تمارسه في البلاد وخروجها عن الأهداف المعلنة للتحالف.
وغرد الناشطون تحت وسوم مستمرة، منذ منتصف أغسطس وحتى اليوم 16 سبتمبر، وتصدرت معظمها الترند في عدد من الدول العربية، متهمين دولة الإمارات بنشر الفوضى وتعزيز انتشار القوات الموالية لها في المحافظات الجنوبية لاستكمال سيطرتها على مؤسسات الدولة.

كما خرجت تظاهرات في مدينة تعز اليمنية رافضة للوجود الإماراتي في اليمن، وطالبت الحكومة بطرد الإمارات من التحالف الذي تقوده السعودية.

وحول العالم شهدت عدة دول وقفات احتجاجية ومظاهرات ليمنيين طالبوا الدول الغربية بالتدخل لوقف انتهاكات الإمارات باليمن، وإدانة ما تقوم به أبوظبي ضد بلادهم.

ويرى الصحفي اليمني وليد البوكس، أن بيان المسؤولين اليمنيين الثلاثة "هو الأنسب لطرد الإمارات ودعم إرادة القرار السياسي اليمني"، مؤكداً أهمية أن يتخذ الرئيس اليمني القرار "اليوم قبل الغد وستحسب له".

وأضاف في تغريدة له على "تويتر": "جباري يقول بأن الرئيس هادي بصدد دعوة الإمارات رسمياً للخروج من اليمن، هذا ترجمة فعلية للبيان الذي صدر قبل ساعات وما جاء فيه، خصوصاً في النقطة التي طالبوا فيها بدعم إرادة القرار السياسي اليمني".
في المقابل رأى عدد آخر من اليمنيين أن البيان ليس مناسباً في الوقت الحالي؛ لأنه يدعو إلى التقليل من أهمية وجود رئيس شرعي وحكومة تواجه مخاطر الإمارات في اليمن.

ودعا محمد المسوري، محامي الرئيس السابق، إلى عدم ترك الرئيس اليمني مجدداً، قائلاً: إن "أي تشكيلات وأي تحركات بعيدة عن الشرعية نتائجها سلبية وكارثية.
خطوة موفقة

ويرى المحلل السياسي اليمني أمين الصلاحي أن البيان الثلاثي للمسؤولين اليمنيين "خطوة موفقة، وصوت وطني ينبغي أن يرتفع ويعلو ويتعدد في وجه عبث الإمارات وصلفها في اليمن".

وأضاف: "لم يعد اليوم ثمة وقت للمهادنة والمساحة الرمادية والصمت، اللحظة الراهنة تستدعي اصطفافاً وصراحة وصدعاً بالموقف، ومن لم يكن له موقف اليوم فلن يفعل ذلك غداً".

وقال في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إنه قد حان الوقت لأن يبدأ اليمنيون بتشكيل حركة وطنية "تستمد من نضال آبائنا الأحرار الذين أسقطوا بنضالهم الاستبداد والاستعمار معاً، وهم كانوا قلة وفي عسرة لا يمتلكون القوة الكافية".

وتابع: "إلى الآن نجد مهادنة من الحكومة ووقوفاً كاملاً للسعودية بجوار الإمارات، وهذا يعني أن هناك تمييعاً لما يحدث في الجنوب قد ينتهي بالتسليم للأمر الواقع لسيطرة بن زايد على بلادنا، وهذا لن نسكت عنه أبداً".

بيان إبراء الذمة

ويؤكد السياسي اليمني محمد الواهبي، أن البيان الذي أصدره ثلاثة من أبرز الشخصيات الحكومية يعد إبراء للذمة، وإرسال رسائل واضحة للإمارات والسعودية بأن شيئاً ما يتشكل، وقد ينفجر في أي لحظة، وهو ما قد يحدث خلال الفترة القادمة.

وفي حديث مع "الخليج أونلاين" قال: "بعد تتبع السلوك السعودي وجدناها لا تلقي بالاً لما يحدثه الشارع من اعتراض، فهي تقدم علاقتها بالإمارات على غضب الشارع اليمني وبيانات الحكومة اليمنية".

وأكد أن البيان الذي أصدره المسؤولون اليمنيون يعد "جرس إنذار لوضع بالغ الخطورة، حيث إن البيان يقر بأن المؤسسات الحكومية والسيادية في اليمن غير قادرة على عمل شيء، وهي المعنية بذلك ولم تبدِ أي اعتراض تبعه فعل على الأرض ضد الإمارات"، في إشارة إلى الرئاسة والحكومة والبرلمان اليمني.

وأضاف: "ربما هذا البيان مجرد خطوة للضغط، لكن لو لم يحدث أي حل خلال الفترة المقبلة فسنرى مخرجاته على الأرض، وربما تتشكل جبهة وطنية سياسية ومسلحة، وستجد لها قاعدة شعبية واسعة".