تجمعت حشود لالقاء التحية على الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، التي أصبحت رمزا للمقاومة الفلسطينية، بعيد خروجها من السجن الاحد اثر قضائها عقوبة لمدة ثمانية اشهر لصفعها جنديين اسرائيليين.
ونقلت عهد (17 عاما) ووالدتها ناريمان التي سجنت أيضا بسبب هذه الواقعة من سجن شارون في اسرائيل الى قريتهما النبي صالح في الضفة الغربية المحتلة حيث كان حشد في استقبالها.
وشكرت عهد التي وضعت على كتفيها كوفية باللونين الابيض والاسود الحشد الذي أتى لاستقبالها وقالت "المقاومة مستمرة حتى انتهاء الاحتلال".
ورافق عهد ووالدتها جنود اسرائيليون حتى بلدتهما النبي صالح حيث سلمت الفتاة باكية على اقارب واصدقاء اتوا للترحيب بها عند طريق صغير مؤد الى القرية. وتوجهت بعدها مع والديها الى منزل الاسرة وسط حشد يردد هتافات.
وبعد ذلك احاط باسم التميمي والد عهد بابنته وزوجته في طريقهما الى منزل العائلة وسط هتافات للحشد "نريد ان نعيش احرارا".
وزارت عهد اقارب فقدوا احد ابنائهم ويدعى عز التميمي في مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في البلدة في حزيران/يونيو الماضي.
وفي مؤتمر صحافي عقدته في قريتها، اعلنت عهد أنها لن تجيب عن أي أسئلة قد توجهها لها وسائل الاعلام الاسرائيلية، مبررة ذلك بأن الصحافة العبرية حاولت تشويه القضية التي تدافع عنها، بحسب بيان لوكالة الانباء الفلسطينية وفا.
وأشارت عهد إلى انها ستكمل دراستها الجامعية في مجال القانون، لإيصال قضية الأسرى للعالم عبر المحاكم الدولية، مؤكدة أن فرحتها بالتحرر من سجون الاحتلال منقوصة ولم تكتمل، لبقاء 29 أسيرة في سجن شارون.
وزارت عهد قبر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله حيث وضعت باقة من الزهور قبل توجهها الى مقر السلطة الفلسطينية.
وفي بيان بثته وكالة الانباء الفلسطينية (وفا)، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان "الفتاة الفلسطينية عهد التميمي تشكل نموذجا للنضال الفلسطيني لنيل الحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة".
واضاف عباس الذي استقبل التميمي ان "المقاومة الشعبية السلمية هي السلاح الامثل لمواجهة غطرسة الاحتلال، وإظهار همجيته أمام العالم أجمع".
بدورها، أشادت عهد بجهود عباس، ومتابعته لأوضاعها، ودعمه الكامل لعائلتها.
وحرصت السلطات الاسرائيلية على الحد من التغطية الاعلامية لاطلاق سراح عهد التميمي ووالدتها من خلال نشر معلومات متناقضة حول المكان الذي ستعودان منه الى الضفة الغربية المحتلة.
وأوقفت السلطات الاسرائيلية السبت ايطاليين اثنين وفلسطينيا بعد ان رسما لوحة جدارية لعهد على الجدار الفاصل الذي بنته اسرائيل في الضفة الغربية.
ولاحقا افرج عن الموقوفين الثلاثة وفق مصادر اسرائيلية وايطالية.
واعلنت الشرطة الاسرائيلية في بيان انه "تم الغاء تأشيرتهما وعليهما مغادرة اسرائيل خلال 72 ساعة. وفي حال لم يمتثلا سيتم طردهما".
كذلك اعلنت الافراج عن الفلسطيني عن الفلسطيني الذي كان معهما بسبب "ضلوعه المحدود" في الوقائع.
- "طفلة في السجن" -
كانت عهد أوقفت في 19 كانون الاول/ديسمبر 2017 بعد ان تم تصويرها في تسجيل انتشر بشكل واسع على الانترنت.
وظهرت عهد في التسجيل مع ابنة عمها نور التميمي تقتربان من جنديين اسرائيليين يستندان الى جدار صغير في باحة منزلها في بلدة النبي صالح الفلسطينية التي تحتلها اسرائيل منذ اكثر من خمسين عاما. وطلبت الفتاتان من الجنديين مغادرة المكان وقامتا بركلهما وصفعهما.
تنتمي عهد الى اسرة معروفة بمقاومة الاحتلال الاسرائيلي وتصدت لجنود اسرائيليين في حوادث سابقة وانتشرت صورها في كافة انحاء العالم.
ويرى الفلسطينيون في عهد التميمي مثالا للشجاعة في وجه التجاوزات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
ويعتبر العديد من الاسرائيليين في المقابل انها مثال على الطريقة التي يشجع الفلسطينيون فيها اولادهم على الحقد.
بالنسبة الى المدافعين عن حقوق الانسان سمحت قضية التميمي بتسليط الضوء على ممارسات المحاكم العسكرية الاسرائيلية ومعدلات الادانة المرتفعة جدا -- 99% -- للفلسطينيين. وبما ان اسرائيل تحتل عسكريا الضفة الغربية يحاكم الفلسطينيون المقيمون فيها امام المحاكم العسكرية.
وقال عمر شاكر مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في إسرائيل "سيفرج عن عهد التميمي لكن المئات من الاطفال الفلسطينيين لا يزالون وراء القضبان ولا احد يعيرهم اي انتباه" منددا ب"سوء المعاملة المزمن" الذي يتعرض له القاصرون في هذه السجون.
وكانت عهد في ال16 لدى اعتقالها وحكم عليها بالسجن ثمانية اشهر في 21 آذار/مارس بعد ان وافقت على "الاقرار بالذنب" وامضت عيد ميلادها ال17 في السجن.
وأفرجت السلطات الاسرائيلية عن عهد ووالدتها قبل ثلاثة أسابيع على انقضاء عقوبتهما في تقليد سائد بسبب الاكتظاظ في السجون الاسرائيلية بحسب ما افادت غابي لاسكي محامية عهد ووالدتها لوكالة فرانس بس.
ونالت المراهقة عقوبة قاسية -- ثمانية اشهر -- مقارنة بتلك التي صدرت بحق الجندي الاسرائيلي ايلور عزريا -- السجن تسعة اشهر -- لقتله الفلسطيني عبد الفتاح الشريف برصاصة في الرأس بينما كان ممددا ارضا ومصابا بجروح خطرة من دون ان يشكل خطرا ظاهرا، بعد تنفيذه هجوما بسكين على جنود اسرائيليين.
المصدر/ afp