لعل أخطر الأمراض ، وأكثرها فتكا بالشعوب والأمم ، وتراجعها وتخلفها عن عجلة البناء والتنمية ، وتحقيق الرخاء والتقدم ، هو داء الجهل ، أليس كذلك ياعادل ؟ بلى ياصادق ، حتى إنهم يطلقون على قتال الغزاة ومحتلي الأوطان الجهاد الأصغر ، ويسمون في الوقت نفسه معركة البناء والتنمية المحلية أو الداخلية بعد رحيل الغزاة والمستعمرين الجهاد الأكبر ، وهنا تجدني دائما أتساءل ياصادق ، لماذا يسمون بناء مؤسسات الدولة وإقامة البنية التحتية وتحقيق الرخاء الاقتصادي بعد طرد الغزاة جهادا أكبرا ؟؟؟ أتدري لماذا ياعادل ، لأن المستعمر الأجنبي يبقى في وطنك جسما غريبا من الصعب تقبله أو التعاون معه مهما كان طغيانه وجبروته إلا مايكون من قلة تتخلى عن كرامتها وعن قيمها وأخلاقها وثقافتها وهويتها ، الأمر الذي يجعلها منبوذة من المواطن ، ومشكوك في أمرها من المستوطن ، وهذا يفقدها التأثير الحقيقي في الاتجاهين. لكن بإدارة نشر الوعي الجمعي فقط ، استطاع غاندي أن يحرر الهند كلها ، مع أن بريطانيا كانت تطلق عليها مستعمرة التاج من بين مستعمراتها التي لاتغيب عنها الشمس ، أي ليس من السهل التخلي عنها ... وهذا هو بيت القصيد ياعادل ، لم أفهم ماذا تعني ببيت القصيد ياصادق ؟ أردت فقط أن أستبق سؤالك الآخر ياعادل ؟ وكيف عرفت معنى سؤالي الآخر ياصادق ؟ ألا تريد أن تسأل عن صعوبة المعركة الداخلية أو مايسمى بالجهاد الأكبر ياعادل ؟ بلى ياصادق ، لذلك أردت أن ألفت انتباهك إلى أهمية مصطلح الوعي الجمعي ؛ لأن الذي تريد معرفته ياعادل إنما ينهل من نبع الوعي ، كيف ياصادق أنا لم أفهم بعد ؟ أقصد أن مجتمعنا مازال رهين الدعاية والأكاذيب ... هذا صحيح ، لكن كيف نتحرر من هذا الكابوس المخيف ياصادق ؟ اعلم ياعادل أن أول وسيلة من وسائل خلق الوعي الجمعي ؛ هي القراءة ، ونحن مجتمع لايقرأ ، والدليل على ذلك ، انظر إلى كثير من الأساتذة ، تجده يحمل ملزمة تجاوز عمرها عقود من الزمن ، وإذا ماوقف أمام طلابه ، ليس لديه أي علم في رأسه ليتحدث إليهم لساعات ، فيعود يأمرهم بتصوير تلك الملزمة العتيقة التي لاتتجاوز الوريقات ، وآخر تجده يدخل قاعة الدرس بعد غياب تجاوز بضع محاضرات ، فيلمس تذمر الطلاب من غيابه وأدائه ، فيقوم باسترضائهم إذ يقول لهم لاتقلقوا أنا سوف أنجحكم جميعا . ومثل هذا الأداء للمعلم ، ينتج عنه مهندسا فاشلا ، وطبيبا عاجزا ووووو الخ . وماذا بعد ياصادق ؟ كذلك يجب أن تعلم ياعادل أن الوعي يعني الفهم والإدراك ، ومن أين سيأتي الفهم والإدراك !!! إذا كان مجتمعنا من بعد ثورة أكتوبر في ستينيات القرن المنصرم لم يؤلف كتابا نقديا تقييميا أو رواية أو قصة في زمن مابعد الثورة وإقامة الدولة إلا ماكان من روايتين نقديتين على حد علمي ، ربما لم يذهب لقراءتها أو النظر إلى شيء من صفحاتها إلا مايساوي عدد الأصابع . أظن أن هناك شيئا من المؤلفات في تاريخ الثورة ياصادق ؟ أجل هناك أقل من القليل من المؤلفات التي تشير إليها ياعادل ، لكنها مؤلفات تكرس المديح وتخلد الأوهام ، أعني ليس لها علاقة بالتقييم البناء الذي يخلق شيئا من الوعي لدى المواطن ، وماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي ياصادق ، ألا تخلق وعيا ؟ إن هذا السؤال يعد أهم الأسئلة التي تقدمت بها ياعادل ، لأن التواصل الإلكتروني يعد أمرا طيبا للشعوب والأمم المحصنة بثقافة عالية ، وفي الوقت نفسه يعد السلاح الأكثر تدميرا للشعوب والأمم الجاهلة والمتخلفة ، كيف ذلك ياصادق ؟ إن مجتمعنا ياعادل قد تجذر فيه ثقافة خاطئة وسلوكا سلبيا ، أعني أنه لايتمتع بشيء من الوعي الجمعي ، وبذلك نكون ضمن الشعوب غير المحصنة ، وبهذا يصبح الإنترنت للشعوب والأمم الواعية مكسبا يمدهم بالجديد من المؤلفات المختلفة والمتنوعة ، والأخبار المفيدة والعلوم الجديدة وكل مايمت للثقافة ويعزز الوعي الجمعي بصلة ، أما مجتمعنا ومن على شاكلته فإنه يصبح فريسة سهلة وصيد ثمين لما ينشره الفاسدون والحاقدون والأعداء والمستعمرون ، ولكل ماتتعمد إشاعته الماسونية العالمية والصهيونية وأجهزة الاستخبارات العالمية ، أفهمت ياعادل ؟؟؟ أجل لقد فهمت ياصادق بل قارنت كلما تقوله بما أراه وألمسه في مجتمعنا كل يوم ......
في معركة الوعي الجمعي ....
2022/10/16 - الساعة 04:50 صباحاً