حماية الطلبة… من غطرسة الدكاترة وعبثهم‬!

     ثمة إشكالات أخلاقية وعُقد نفسية مستوطنة في نفوس بعض من استأمنهم المجتمع على أبنائه الطلبة والطالبات، ومقال اليوم عن كارثة تربوية مؤلمة ومحزنة من جهة، ومن جهة أخرى تدعونا للتوقف عندها والتحرك باتجاه وقف عبث بعض الأكاديميين ممن يظن نفسه مدار الكون أو دعاه طغيانه لإيذاء طلبته وإذلالهم انتصارا لشعوره بالنقص وإرضاءً لغروره المريض.

أعرف الطالبة كما أنني عرفت اسم الدكتور – بعد تردد الطالبة عن الإفصاح به – وطبعا عرفت الكلية كنتيجة حتمية لمعرفة الطالبة وأستاذها والمادة التي يدرسها بل سألتها عن موضع البحث الذي كان علمياً صعباً وليس أدبياً!

عموما أصيبت الطالبة المستجدة بالصدمة وانسحبت من المادة بل وانتقلت من الكلية برمتها!

وعندي استعداد أن أفصح عن هذه المعلومات البسيطة لمن تتحقق بإخباره مصلحة خاصة أو عامة.

القصة باختصار أن الدكتور كلف طلبته بتقديم بحث علمي لا يقل عن ثلاثين ورقة.

إحدى الطالبات قدمت بحثها من ثلاثين ورقة للدكتور حسب طلبه، لكنه ما أن تسلم ملزمة البحث حتى مزقها في لحظتها أمامها وقال لها لا أريده بخط اليد وإنما اطبعيه وهاتيه!

والسؤال لمولانا الدكتور العبقري، كيف تطبعه وقد مزقته؟ ثم هل يحق لك أن تمزق جهدا خاصا لغيرك؟ والأهم هل هذه طريقة علمية أكاديمية أو تربوية أخلاقية أو ذوقية سلوكية في التعامل مع طلبتك؟!

أم أنها تنبئ بديكتاتورية الغطرسة التي تقبع داخلك وحولتك إلى كائن متعالٍ متجرد من المشاعر والأحاسيس، لتستمتع بنرجسية مرضية تؤذي بها من كانوا تحت سلطتك وسلطان علامات مادتك؟!

تصلني أحداث مثل هذا الموقف من دكاترة ينقصهم الكثير من الأدب واللباقة تعكس أخلاقياتهم وسيكلوجيتهم بل وعقدهم الخاصة التي تتجلى بردود أفعالهم الغريبة.

ومعلوم أن الطالب هو الحلقة الأضعف في العملية التعليمية، ومعلوم أيضا أن التركيز والتوجيهات تنصب مع مطلع كل عام دراسي جديد على التحذير من تقصير الطلبة وكسلهم ومخالفتهم للوائح، لكن هل هناك حديث وتوجيه موازٍ عن عبث بعض الدكاترة وتجاوزاتهم بل وتخلفهم السلوكي، وشرح كيفية تعاطي الطلبة مع ما يبدر من أساتذتهم من تقصير واضح تجاههم قد يضر بمستقبلهم العلمي؟!

هذا ما يجب أن نشتغل عليه ليتم التوازن بين الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطلبة وأساتذتهم، لا من خلال الوعظ والتوجيه وإحياء الضمير فحسب، وإنما من خلال التشريع والضبط القانوني وتعديل اللوائح لحفظ حقوق طرفي العملية التعليمية.

أعلم تماما أن موقعي الإعلامي أو الاجتماعي أو الأكاديمي لا يخوّلني حل هذه المشكلات وتتبعها فلست الجهة المسؤولة، كما أن مسؤولية الإعلامي تكمن في التنبيه ولفت أنظار أصحاب القرار إلى المسكوت عنه والمتواري من قضايا تمس حقوق الجانب الأضعف ليس في عالم التربية والتعليم، وإنما في سائر مناشط الحياة، ولهذا فإني أعتبر أن تسليط الضوء على مثل هذه المخالفات التربوية من قبيل تشخيص الأمراض المجتمعية التي يجب على الجميع محاصرتها، سعيا لعلاجها والتخلص من تبعاتها التي تضعف بنية المجتمع وتكاتفه وتطلعه نحو الأفضل.

إن منصب الدكتور الأكاديمي ومكانته الاجتماعية يوفران له شيئا من الحصانة المعنوية، وقد يسيء بعضهم هذا الوضع في إظهار عُقده ومركبات النقص فيه، ويتخذ من ذلك الوضع غطاءً يداري فيه رعوناته… فمن يحمي أبناءنا الطلبة من هذه الفئة!

لهذا أدعو أصحاب القرار من الأكاديميين وعمداء الكليات للعمل على إعداد مذكرات ولوائح قانونية تحفظ حقوق المعلمين والدكاترة في الكليات، كما تحفظ حقوق أبنائنا الطلبة كي نستشعر معنى الأمان المجتمعي في المؤسسة التعليمية التي تعتبر الأهم والعمود الفقري في بناء مجتمع قادر على العيش برفعة وكرامة، من خلال مخرجاته التعليمية الذين سيشاركون لاحقا في العمل بكافة القطاعات.

mh_awadi@