وجهة نظري في الأزمة اليمنية

يعيش اليمن منذ أكثر من نصف قرن، أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية بنيوية معقدة ؛ إذ رغم مرور ستة عقود على الثورتين؛ ثورة 26سبتمبر 1962م ضد الحكم الإمامي في صنعاء عاصمة الشمال وثورة 14أكتوبر 1967م ضد الاستعمار البريطاني في عدن عاصمة الجنوب وإعلان الجمهوريتين؛ الجمهورية العربية اليمنية في صنعاء وجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في عدن ومسيرتهما المضطربة حتى إعلان مشروع الوحدة الاندماجية في 22مايو 1990م في إطار كيان سياسي جديد هو (الجمهورية اليمنية) وما تلاها من أزمة وحرب أهلية في صيف 1994م ومن ثم انتفاضة الحراك السلمي الجنوبي التي تصاعدت منذ 2007م وحركة الشباب المؤمن (أنصار الله) في صعده وما تلاها من الحروب الستة في شمال اليمن وقيام انتفاضة شباب التغيير في فبراير 2011م والمبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة مرورا بصعود الحركة الحوثية كقوة عسكرية وتحالفها مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وانقلابهما على الرئيس عبدربه منصور هادي والشرعية التوافقية وإعلانها البيان الدستوري في 6فبراير 2015 ووضع الرئيس الشرعي تحت الإقامة الجبرية وهروبه إلى عدن ونشوب الحرب الطائفية الأخيرة ودخول القوى الانقلابية إلى عدن في 18مارس 2015م وبداية عاصفة الحزم من تحالف الدول العربية في 26مارس 2015م، واشتداد اوار المعارك في الجنوب ( عدن ولحج والضالع وابين وشبوة وحضرموت) وتحريرها من المليشيات وصعود قوة المقاومة الجنوبية المسلحة وإعلان عدن عاصمة مؤقتة للشرعية، وتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي والجمعية الوطنية، وتفكك تحالف طرفي الحرب في صنعاء ومقتل الرئيس المستقيل علي عبدالله صالح بتاريخ 4/12/2017م وأزمة حكومة الشرعية في إدارة المناطق المحررة، وما صاحبها من نزاع عنيف في عدن مؤخرا. ومفاوضات السلام برعاية عربية في الكويت، ومؤتمر جنيف 16 يونيو 2015م وما تلاه من مشاورات ولقاءات متعددة بين الأطراف المتنازعة في مسقط وجده وعمان وغيرها، جميعها بائت بالفشل. في ظل استمرار أعمال النزعات المسلحة على مدى ثلاثة سنوات متواصلة، تسببت في موت عشرات الالف من الضحايا المدنيين اغلبهم من النساء والأطفال، عن طرق القتل المباشر، وبحسب (مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى من بداية العاصفة إلى 10 أكتوبر 2016م (4125) مدنيا على الأقل، وعدد الجرحى ( 7207)، أصيب أغلبهم في غارات التحالف الجوية). وربما تضاعف عدد ضحايا القصف الجوي اليوم ثلاث مرات، فضلا عن ضحايا المعارك المشتعلة بين الأطراف المتنازعة في جبهات القتال على عموم الأراضي اليمنية جنوبا وشمالا ناهيك عن ضحايا الفقر والجوع والعطش والامراض والاوبئة والنزوح والاختطاف والإرهاب. إذ تشير التقارير الميدانية الى أن النزاع المسلح في اليمن منذ اندلاعه في مارس 2015، قد أُجبر أكثر من 11% من سكان اليمن، أي حوالي 3 مليون شخص، على الفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان. وقد أشار تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الصادر يوم الاثنين الموافق 18 سبتمبر 2017 أن هناك 2 مليون نازح داخلياً في اليمن ومليون نازح عائد وأن الكثير من النازحين داخلياً يفكرون، نظراً لاستمرار تدهور الأوضاع في البلاد، في العودة إلى مناطقهم التي لا تزال تشهد ظروفاً أمنية واجتماعية واقتصادية صعبة، ويشير التقرير الى أن 84% من النازحين يعانون من نقص الغذاء وسوء التغذية، كما يسلط التقرير الضوء على أن 40% من النازحين ينون الرجوع إلى المناطق التي فروا منها نتيجة عدم حصولهم على الدخل والخدمات الأساسية في مناطق النزوح وهو السبب الأساسي الذي يدفع النازحين داخلياً إلى العودة إلى مناطقهم الأصلية.