هدى العطاس تكتب يوم أمس تم تعيين السفير مصطفى النعمان نائبا لوزير الخارجية...

النعمان الشخصية المخضرمة "نمس" الخطاب السياسي المحنك. واللغة المكيفة على مقاس المراقب الخارجي. ووجه الدبلوماسية الشمالية المتمرسة والمقبولة. وشبكة العلاقات الهائلة. ولا غرابة فسعادة السفير سابقا النائب حاليا ربيب مدرسة عبد الكريم الارياني الخطيرة. مع التأكيد إن ما سبق من توصيف لا ينتقص من شخصه كرجل خلوق مهذب ولا من قواسم الصداقة بيننا.

   ومن مدخل النعمان دعونا نمحص تعيينات "حكومة الشرعية" بشكل عام ونقرأها بعقل جنوبي يقظ:

 تتحرك منظومة الشمال السياسية وقوى نفوذها بإدراك مرسوم نحو كل ما يتعلق بالجنوب في إطار نهج حاذق يسيدهم على الجنوب حاضراً ويمكنهم منه مستقبلا. مستخدمين ادوات ذكية ووسائل سياسية تبدو في ظاهرها منصفة وعادلة بينما حشوها فراغ.

ومن تلك الوسائل اتفاق " المحاصصة" التي بها يحتالون وبذكاء إخراج الجنوبيين من قسمتها صفر اليدين. عدا عن خطورتها في مخاتلة الجنوبيون وتزييف جوهر قضيتهم.

اتفاق المحاصصة حدد بان تكون وزارات الحكومة والمناصب القيادية وحاضرا لحقهم مجلس الرئاسة مناصفة بين الشمال والجنوب.

ووفقا للقسمة يعين وزيرا جنوبي وبالمقابل يعين له نائب شمالي. ونفس الأمر فيما يخص الوزير الشمالي يعين له نائب جنوبي. وهكذا تسير المحاصصة في كل المناصب القيادية والإدارية.

ولكن....

دعونا نرى ما يقوله الواقع: 

والواقع المشهود الذي يحدث دائما إن الوزير الجنوبي الذي يعين يكون غالبا لا علاقة له بالقضية الجنوبية ولا ولاء. وولائه الفعلي للمنصب أو لأي شيء سوى الجنوب. وأغلبهم ولائهم لمصالحهم تحديدا وفقط. وحسب المحاصصة يعينون له نائب شمالي. 

وحيث أن المجلس الانتقالي الآن شريك في السلطة لديه حصة في الوزارات وما تلاها مناصب الدولة. وهنا تتجلى الكارثة! فقد تعودنا من الانتقالي منذ شراكته التعيينات الأسوأ. واختياره شخصيات ضعيفة مستسلمة ونفعية. ومن هواة المناصب والسلطة. وحسب المحاصصة كذلك يعين الانتقالي للوزراء الشماليين نواب جنوبيين بعضهم تابع له. ولا يغير الانتقالي عادته! نفس صنف الوزراء ضعيف نفعي... الخ.

 وعلى نفس القسمة توزع بقية حصة الجنوب بتمثيل وزراء جنوبيين من الاحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة. ولكنهم في الحقيقة شماليون التوجه السياسي والهوى وأن كانوا جنوبيين. 

وهكذا وبهذا "الرصة" من حصة تمثيل الجنوب في المحاصصة يستغفلوننا ويضحكون بها علينا.

بينما الواقع نتيجته الفعلية تساوي: أن 95٪ من قوام حكومة الشرعية شماليون. لأن الجنوبيون ضمن هذه النسبة كالتالي: 

صنف لا علاقة له بااحنوب ولا يتبنى قضيته. وولائه للمنصب ولمصاتحه كما اسلفنا.

 والصنف الآخر منتمون للاحزاب اليمنية وولائهم محسوم ومعلن لاحزابهم ولمنظومة الشمال ومفاهيم توجهها السياسي الذي ذقنا ويلاته ومازال الجنوب يحترق في اتونها.

المحاصصة القائمة الآن هذه "القسمة الضيزى" ترجع بذاكرتنا إلى محاصصة 1990 تلك التي حدثت مباشرة بعد الوحدة اليمنية وأورثتنا تركة الفضائع التي نعيشها إلى الآن.

في ذلك الحين زعموا كما يزعمون الآن أن المحاصصة قسمة عادلة بين الشمال والجنوب.

 بينما الحقيقة أن الجنوب دخل الوحدة وكان الطاقم الجنوبي فيه نسبه كبيرة من الشماليين في هياكل الدولة الجنوبية. وزراء ونوابهم ووكلاء الوزارات ومدراء العموم. 

وإذ بالتاربخ ينكرر وتوشك تدابير الانتقالي إن تعود بنا إلى نفس ذلك الوضع. وتغرقنا في نفس الحفرة.

والإمر الذي لا يجب السكوت حياله. محاولة تأصيل المغالطات والتنظير لعدالة المحاصصة القائمة. هذا التنظير ليس إلا سلوك وقح للص "مبهرر"

أي عدالة هذه! أن الجنوب يحاصص الشمال في الجنوب نفسه! حيث الشمال واقعيا مع الشماليين. محفوظ في ايدي ابنائه. وما الحوثي إلا طارئ سينتهي. بينما نحن الجنوبيين نساق ونوقع الوثائق على محاصصتهم ومناصفتهم في تقاسم أرضنا.

لقد وضع المجلس الإنتقالي الجنوب في مأزق تاريخي صعب وكلفته مرعبه!

وزد على ذلك انه اذا حدث خلاف كبير وشقاق نهائي مع الشرعية. فليس بخفي أن الانتقالي لايملك خطة طوارى ولا رؤية عملية جاهزة. لكيفية إدارة البلد اي الجنوب.

ولا يمكنه إن يظل متهربا من حقيقة أن إدارة الجنوب بحاجة إلى توافق جنوبي واسع. وهذا مالم يفعله بشكل واقعي وسعي فعلي وليس بالشعارات وقص ولصق شخصية من هنا ومكون من هناك أثخن بها هياكل المجلس.

 الأكيد أنه لا يستطيع اي مكون أو جماعة أو تشكيل الانفراد بإدارة الجنوب وحكمه فكيف بالانتقالي وادواته الهزيلة المجربة. 

أن ما يمضي فيه الانتقالي عدا أننا نشعر نحوه بالقهر فإننا نشعر بالخجل أكثر!