في السنوات الأخيرة أصبحت التفاهة سُلَّمًا لمن يفكر في الصعود إلى القمّة، وأمست العقول الجادة تُشكِّل عائقًا أمام روّادها.
الفكرة المفيدة أصبحت ضيفًا غير مرحَّبٍ به، بينما الفكرة غير المفيدة أمست في صدر المجلس! لم يعد التافه في زماننا أحمق، بل أصبح من أهل المشورة، له ما كان للعباقرة سابقًا، وعليه ما كان عليهم.
مقامه رفيع وقبوله متزايد، ويبلغ ما يبلغ من منزلةٍ حسب اجتهاده في تفاهته! حيثما نظرتَ وأنصتَّ، ترى وتسمع بوق التفاهة يصيح في كل وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي.
فهذا يقلّد فنانًا ويتمسخر عليه من أجل الإعجاب، وذاك يقوم برحلاتٍ لا نفع منها سوى جذب المشاهد الأجوف، يعينه أتباعٌ من البلهاء! وآخر يتعرّض للموت ويخوض تجارب مميتة..والغاية: كبسة زر! ولأن التفاهة صارت مهنة معترفًا بها، أصبح لكل تافه جمهورٌ يهتف باسمه ويدافع عنه دفاع المستميت! أما المبدع فيُطالَب بأن “يخفّ سمعته” قليلًا ليحصل على نصيبٍ من المتابعة.
وكأن الرسالة تقول لك: إن أردتَ مكانًا مرموقًا… فأطفئ عقلك قبل أن تشغّل الكاميرا! أحقاً تغير المعيار ....؟ أم أننا من خفضّنا مستوى القمّة حتى بلغها السفهاء؟