نماذج بسيطة عاشها وادي حضرموت

‏    عاش وادي حضرموت سنوات طويلة من الفوضى والانفلات الأمني، تحوّل خلالها إلى مرتع لعصابات القتل والنهب والاختطاف، وسط صمتٍ ممن يدّعون اليوم “حب حضرموت”.

   لم تكن تلك الفوضى صدفة أو حالة عابرة، بل كانت واقعًا مفروضا بالقوة، بينما الوادي يُستباح جهاراً نهاراً دون أن نسمع صوتا واحداً يدّعي الغيرة على ‎حضرموت.

   شهد الوادي سجلًا أسود من التواطؤ والغدر، بدءا من فضيحة سجن الطيني في أبريل 2022م، حين أُطلق سراح عشرة من قيادات تنظيم القاعدة بتواطؤ مكشوف، ومُنحوا السلاح ليهربوا من وسط مقر المنطقة إلى فوق سور المنطقة العسكرية الأولى تحت ذريعة الهروب، وبتواطؤ قيادات عسكرية في الأولى سهّلوا عملية الهروب وفارين حتى اليوم، مرورًا بحوادث الغدر التي طالت أشقاءنا في المملكة العربية السعودية، من استهداف الشهيد بندر العتيبي “أبو نواف” عام 2019م، قائد التحالف بالوادي ، و جنديين في عملية إرهابية والذي دفع بتدخل قوات النخبةالحضرمية في نطاق المنطقة الاولى خارج مهامها بتنفيذ عملية نوعية وقبضت على المتهم بحادثة الإرهابية لبونواف ثم تسليمة للجانب السعودي ، بينما لم يُقتل أي قائد شمالي بالمنطقة! طيلة هذه السنوات، إلى حادثة نوفمبر 2024م داخل المنطقة العسكرية الأولى، حيث استشهد جنود سعوديون وهرب الجاني المتحوث الذي ينتسب إلى اللواء 135 من أمام جنود المنطقة العسكرية الأولى بمقر الأولى دون أن يحرّك أحد ساكنًا، ومنها إلى مناطق الحوثي، والحادثة وسط مقر المنطقة الأولى، مرّ بكل نقاط الأولى أمام أعين الجنود دون أن يُوقَف.

   كما عاش الوادي مسلسلًا طويلًا من الاختطافات المسيّسة، من خطف عبدالله مولى الدويلة من وسط تريم ومروره عبر عشرات النقاط دون اعتراض، إلى خطف نجل رجل الأعمال الماهر، والداعية العطاس، ولا يزال أيضًا مخطوفًا أحد الشخصيات من قبيلة العطاس حتى اللحظة، والذي نُقل من وادي حضرموت إلى مأرب، في ظل نقاط عسكرية لا تُجيد سوى الجبايات، بينما غاب دورها الأمني.

   ولم يقتصر الأمر على ذلك، ففي يوليو 2025م تحوّل وادي حضرموت إلى ممر آمن لمجاميع حوثية قبلية مدججة بالسلاح متجهة إلى المهرة، للضغط بشأن إطلاق سراح الحوثي الشيخ الزايدي. ودُفعت فاتورة باهظة من الدم، تجاوزت 300 شهيد من خيرة ضباط وجنود ومواطني الوادي، وكان من أبرزهم مدير أمن شبام بن علي جابر، الذي كشف قبل استشهاده عن محاولة اغتياله من أفراد من اللواء 135 بالأسماء، دون أن يحرّك أحد، ثم تم اغتياله بدم بارد دون محاسبة هؤلاء.

   وفي مشهد صادم آخر، أُعلن في أبريل 2025م من داخل وادي وصحراء حضرموت عن إنشاء مكوّن يقوده أحد عناصر تنظيم القاعدة، وعُقدت له لقاءات علنية في وضح النهار بمنطقة العبر قرب اللواء 123، دون أن يتحرك أحد، وفي حوادث تزامنًا مع استلام قوات درع الوطن نقاطًا في العبر من اللواء 123، تم استهداف قوات درع الوطن بعمليات إرهابية في فبراير وأغسطس بعد استلامها مواقعها في العبر، استشهد خلالها جنود.

   كما لم تسلم المؤسسات العامة والمالية من العبث، حيث تعرضت مكاتب البريد والبنوك وشركات الصرافة في سيئون وتريم والقطن لعمليات نهب متكررة على مدى سنوات، تحت أنظار قوات كان يُفترض بها الحماية.

   وتعقد لقاءات لمكونات مرتبطه بجماعة الحوثي وسط سيؤن دون اي تحرك لتلك القوات المرابطة باسم الشرعية في الوادي .

   اليوم، وبعد كل ذلك، نشعر بالأمان الحقيقي في أرضنا، بعدما تخلّص وادي حضرموت من كابوس من جثموا على صدورنا من ذمار ولحج وعمران وحجة، ممن تركوا مناطقهم للحوثي وجاؤوا ليفرضوا شرعية في حضرموت.

   أما من يتبجحون اليوم باسم حضرموت ويرفعون شعار “حب حضرموت” بحت عن أصوات أبنائها لتسليم المنطقة الأولى لأبنائها، وكنتم أنتم المعارضين، فهؤلاء الحزبيين والله لا يحبون حضرموت، ولا همّ لهم إلا إبقاء الوادي تحت سطوة أسيادهم في الشمال وحزبيتهم المقيتة.

   كل ما ذُكر من حوادث نماذج بسيطة جداً خلال الخمس السنوات الأخيرة، وما سبقها أعظم.

أما العلاقة التي تجمع الجنوبيين بالتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية هي علاقة أخوة، بدأت من الخنادق وساحات المعارك في مواجهة الانقلاب والإرهاب، وهي علاقة راسخة لا تهزها حملات التشويه ولا محاولات التحريض وإشعال الفتن.

   فثقتنا بالمملكة وقيادتها ثابتة، والتضحيات التي قُدمت جنباً إلى جنب ستظل شاهدة على متانة هذا التحالف.