التعليم عن بُعد في زمن الجائحة

لقد أفرزت الجائحة العالمية الأخيرة جراء تفشي وانتشار فيروس كورونا المستجد واقعُاً جديد, أفضى الى حاجة العالم والمجتمعات التعليمية والعلمية الاهتمام وتنمية كافة برامج التعليم عن بُعد الذي يعتمد مفهومه الأساسي على وجود المتعلّم (أي المتلقي) في مكان مختلف عن مصدر التعليم (مكان الكتاب والمعلم والزملاء الدارسين) وهو ما أثبت نجاحه في الحد من انتشار وتفشي الأمراض والفيروسات وكذلك الحُميّات التي رافقت فايروس كورونا هُنا في عدن على وجه التحديد, ولسنا بصدد الحديث هنا عن تلك الأمراض أو الأوبئة, إنما ذكرها جاء من واقع عشناه وعاشه الجميع معنا منذ إعلان اللجنة العليا للطوارئ لمجابهة الجائحة أول حالات الإصابة المؤكدة في اليمن مطلع مارس من العام الجاري!! وعودة للحديث عن هذا البرنامج الذي استطعنا بفضل العلم وتطورات التكنولوجيا الحديثة أن ننقل أياً من البرامج التعليمية من مصدره الذي يقع عادة في حرم المنشأة التعليمية, الى أماكن متفرقة من أرجاء المعمورة, بهدف الحفاظ على شموع العلم والتنوير مُتّقدة على الدوام, ونقل التعليم للطلاب الذين لا يستطيعون الوصول الى قاعات الدرس في المُنشآت العلمية والتعليمية في الظروف الاستثنائية والاعتيادية. "لمحة تاريخية" بدأ وتطور برنامج التعلیم عن بعد من خلال بعض الجامعات الأوربیة و الأمریكیة في أواخر السبعینات من القرن المنصرم, عن طریق المراسلة البریدیة التقلیدیة بین مصدر التعلم والمتعلم، وتطور في أواخر الثمانینات -من ذات القرن- لیتم من خلال قنوات الكابل والتلیفزیونیة و كانت شبكة الأخبار البریطانیة رائدة في ھذا المجال. ومع ظهور الثورة التقنیة في عالم المعلومات, كإمتداداً للتطور التكنولوجي ذاته والذي ظهرت من خلاله العديد من المواقع والأنظمة التعلیمیة التي أعتمدت في أدائها بشكل كُلی على الخدمات التكنولوجیة التعلیمیة عن طریق الویب؛ وھي ذاتها الخدمة التي شملت المحتوى التعليمي الفردي او الذاتي, بالإضافة لإمكانیات التواصل والمشاركة مع زملاء الدراسة من خلال ذات الموقع أو البرید الإلكتروني. ومن خلال الحواسیب والشبكة العنكبوتیة العالمیة برزت أھم التقنیات التي یرتكز علیھا نظام التعلیم عن بُعد في تنفیذ وإیصال الخدمات التعلیمیة المختلفة إلى الطالب بكلفة أقل وبوقت أسرع دون اعتبار لقیدي الزمان والمكان. ولقد أدى ھذا التطور المتسارع إلى ظھور أنماط جدیدة للتعلم ّوالتعلیم، مما زاد في ترسیخ مفھوم التعلیم الذاتي ؛ حیث یتابع المتعلم تعلمھ حسب طاقتھ وقدرتھ وسرعة تعلمھ ووفقا لما لدیه من مهارات سابقة. ویعتبر التعلیم الإلكتروني أحد ھذه الأنماط المتطورة التي تندرج تحت مسمى التعليم عن بُعد. "أهمية التعليم الإلكتروني" تكمن أهمية التعليم الإلكتروني في حل مشكلة الانفجار المعرفي والإقبال المتزايد على التعليم وتوسيع فرص القبول في التعليم، إضافة إلى تدريب و تعليم العاملين دون ترك أعمالهم والمساهمة في كسر الحواجز النفسية بين المعلم والمتعلم وكذلك إشباع حاجات وخصائص المتعلم مع رفع العائد من الاستثمار بتقليل تكلفة التعليم. ونظامه التعليمي من الأنظمة التفاعلية التي تُقدم للمتعلم باستخدام تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، ويعتمد في أدائه على البيئة الإلكترونية الرقمية بشكل متكامل, وذلك لعرض المقررات الدراسية عبر الشبكات الإلكترونية، وتوفر سبل الإرشاد والتوجيه وتنظيم الاختبارات. "خصائص التعليم الإلكتروني" ويمكن تلخيص خصائص التعليم الإلكتروني واختصارها في كونه يقدم، عبر الحاسوب وشبكاته، محتوى رقميا متعدد الوسائط (نصوص مكتوبة أو منطوقة، مؤثرات صوتية، رسومات، صور ثابتة أو متحركة ولقطات فيديو) على هيئة وسائط تتكامل مع بعضها البعض لتحقيق أهداف تعليمية محددة. الى جانب توفير عدداً من الخدمات أو المهام ذات العلاقة بعملية إدارة التعليم والتعلم, ويعد من الأنظمة التعليمية قليلة الكلفة مقارنة بالتعليم التقليدي, كما يساعد المتعلم اكتساب معارفه بنفسه, وبذلك يتم تحقيق التفاعلية في عملية التعليم (تفاعل المتعلم مع المعلم، مع المحتوى، مع الزملاء، مع المؤسسة التعليمية، مع البرامج والتطبيقات ) كونه متوفر اي إمكانية الوصول إليه في أي وقت ومن أي مكان. "أنواع التعلم الإلكتروني" أولاَ : التعلم الإلكتروني المتزامن (Synchronous E-Learning): وهو التعلم الذي يحتاج إلى ضرورة وجود المتعلمين والمعلم في نفس الوقت حتى تتوافر عملية التفاعل المباشر بينهم كأن يتبادلان الاثنان الحوار من خلال المحادثة Chattingأو تلقي الدروس من خلال الفصول الافتراضية. ايجابيات وسلبيات التعليم الإلكتروني المتزامن: من إيجابيات هذا النوع من التعلم أن الطالب يستطيع الحصول من المعلم على التغذية الراجعة المباشرة في الوقت نفسه .ومن سلبياته حاجته إلى أجهزة حديثة وشبكة اتصالات جيده أدوات التعليم الالكتروني المتزامن: 1. اللوح الأبيض (whit Board) 2. الفصول الافتراضية (Virtual Classroom) 3. المؤتمرات عبر الفيديو (Video Conferencing) 4. غرف الدردشة (Chatting Rooms) ثانياً : التعلم الإلكتروني الغير متزامن (Asynchronous E-Learning): ويتمثل هذا النوع في عدم ضرورة وجود المعلم و المتعلم في نفس وقت التعلم , فالمتعلم يستطيع التفاعل مع المحتوى التعليمي ,والتفاعل من خلال البريد الالكتروني كأن يرسل رسالة إلى المعلم يستفسر فيها عن شئ ما ثم يجيب عليه المعلم في وقت لاحق . ايجابيات وسلبيات التعليم الإلكتروني الغير متزامن: من إيجابياته أن المتعلم يتعلم حسب الوقت والمكان المناسب له ويستطيع إعادة دراسة المادة والرجوع إليها عند الحاجة ومن سلبياته عدم استطاعة المتعلم الحصول على تغذية راجعة فورية من المعلم وقد يؤدي إلى الانطوائية لأنه يتم في عزلة . أدوات التعليم الالكتروني الغير متزامن : 1. البريد الالكتروني (E-mail) 2. الشبكة النسيجية (World Wide Web) 3. القوائم البريدية (Mailing List) 4. مجموعة النقاش (Discussion Groups) 5. نقل الملفات (Files Transfer) 6. الأقراص المدمجة (CD) ثالثاَ : التعلم المدمج(Blended Learning): : هو التعلم الذي يستخدم فيه وسائل اتصال متصلة معاً لتعلم مادة معينه وقد تتضمن هذه الوسائل مزيجاً من الإلقاء المباشر في قاعة المحاضرات التقليدية والتواصل عبر الانترنت والتعلم الذاتي. خصائص التعليم المُدمج: يتضمن التعليم الإلكتورنيّ بعض الخصائص، منها: -القدرة على المناقشة نتيجة وجود جو تفاعلي، تحديداً في النوع الأول. -قدرة المدرس على عمل استطلاع بسيط لما يريد. – إمكانية حصول المتعلم على المعلومة من أكثر من مصدر وفهمها بشكل أفضل. – وجود أعداد كبير من الطلاب؛ مما يؤدي إلى تبادل الآراء والمعلومات بشكل أكبر وأوسع رابعاً : التعلم المتنقل أو المحمول (Mobile Learning) : هو استخدام الأجهزة اللاسلكية الصغيرة والمحمولة مثل الهواتف النقالة و الهواتف الذكية ، والحاسبات الشخصية الصغيرة (Tablet PCs ) ، لضمان وصول المتعلم من أي مكان للمحتوى التعليمي وفي أي وقت. الخلاصة:- تكمن خلاصة الحديث هنا في عملية إكتساب المعرفة العلمية، التي هي العامل الأساسي في تطور ونماء البشرية، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال استمرار تلقي المعارف التعليمية؛ وهو الأمر الذي تأكد لنا اليوم في ظل ما شهده العالم -ومازل- من آثار جائحة فيروس كورونا، وأهمية استمرار المعارف والعلوم الانسانية والثقافية التنويرية، من خلال البحث عن طريقة ضمان عدم توقفها والبقاء على إستمرارية التعليم في ظل هذا التوقف العالمي لكل مجالات الحياة. ومن هنا جاءت أهمية دور التعليم الإلكتروني بإعتباره صورة من صور التعليم عن بُعد بشكل خاص والذي يجمع المعلم والمتعلم في بيئة إفتراضية إلكترونية، محطماً كل قيود الاتصال والتواصل المباشر وغير المباشر بين مقدم برامج المعرفة العلمية ومتلقي المعارف العلمية (طلاب العلم).. وهو ما نود اخيراً أن نكون قد استطعنا نقل وعرض ملخص لأهم المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالتعليم عن بُعد (التعليم الإلكتروني) والتي قد تسهل كثيراً على الجميع استيعابها والتمييز فيما بينها والتعامل معها وفق إدارة منصات التعليم الإلكتروني. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه،،