عندما تقوم إيران بتزويد تلك الجماعات بمعدات عسكرية ثم تطلق باتجاه المملكة صواريخ تهدد أمنها واستقرارها فإن ذلك يجعل المملكة في موقف دفاعي عن نفسها اتجاه تلك الجماعات مطلقة الصواريخ واتجاه من زودها بتلك الأسلحة،
في حكم محكمة العدل الدولية العام 1986 م في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية في نيكاراغوا، أثبتت المحكمة أن إمداد الجماعات غير المسلحة بالأسلحة أو بالمعونة اللوجستية ينظر له أنه تهديد باستخدام القوة أو تدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدولة، وكلاهما محظوران طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، حيث نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة على أنه «يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة». فأي دولة كإيران مثلاً تقوم بإمداد جماعات مسلحة في اليمن أو غيرها من الدول بأسلحة أو معونات عسكرية تكون قد انتهكت القانون الدولي وخالفت ميثاق الأمم المتحدة، وذلك يؤدي إلى قيام المسؤولية الدولية في حقها والتي يكفي لقيامها فقط بالمخالفة لقيام المسؤولية كاملة على عاتق الدولة المخالفة.
عندما تقوم إيران بتزويد تلك الجماعات بمعدات عسكرية ثم تطلق باتجاه المملكة صواريخ تهدد أمنها واستقرارها فإن ذلك يجعل المملكة في موقف دفاعي عن نفسها اتجاه تلك الجماعات مطلقة الصواريخ واتجاه من زودها بتلك الأسلحة، إن ما تقوم به المملكة هو من قبيل الدفاع الشرعي والذي أقره ميثاق الأمم المتحدة في مادته 51 والتي تنص على ما يلي «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء «الأمم المتحدة» وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً»، وقد أقر القانون الدولي الدفاع عن النفس بأي وسيلة كانت لدرجة أنه لم ينكر استخدام الأسلحة النووية كدفاع وذلك في الرأي الاستشاري لمحكمة الدولية العام 1996م الخاص بمشروعية التهديد بالأسلحة النووية واستخدامها، في ذلك الرأي اشترطت المحكمة على الدولة المدافعة عن نفسها أن تراعي شرطي الضرورة والتناسب بين فعل العدوان وفعل الدفاع وهذا لا يمنع استخدام حتى السلاح النووي للدفاع إذا كان الهجوم يصل لمستوى ذلك السلاح، فما تقوم به المملكة الآن هو من أبسط حقوقها للدفاع عن نفسها من هجمات الحوثيين الآتية من اليمن، حيث إنها تعدت الحدود ودخلت الصواريخ إلى أوساط العاصمة الرياض.
إن نسبة الإمدادات العسكرية إلى إيران ليست مجرد ادعاءات، فإيران لها ماضٍ في هذا المجال وتم إثباته ضدها، فعلى سبيل المثال في العام 2010 أبلغت نيجيريا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بضبط شحنة أسلحة غير مشروعة آتية من إيران اعترضتها أجهزتها الأمنية في لاجوس، وشملت شحنة الأسلحة التي عرضت على الصحفيين في لاجوس بعد ضبطها صواريخ من عيار 107 ملليمترات والمصممة لمهاجمة أهداف ثابتة وتستخدمها الجيوش لدعم وحدات المشاة، وهذه الصواريخ تستخدمها أيضاً جماعات مثل طالبان في أفغانستان وحماس في قطاع غزة. وإلى جانب ذلك قامت إيران بمشاركة الحرس الثوري لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بعتاده وتقديم أسلحة وذخائر لقوات النظام، إلى جانب مشاركة «حزب الله» اللبناني، وتشكيلها لميليشيات من الشيعة الأفغان وغيرهم، كما أكد تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة في مايو/أيار 2015 عن أن إيران تقدم أسلحة للحوثيين في اليمن منذ العام 2009 على الأقل، وقد ضبطت السلطات اليمنية العام 2013 سفينة «جيهان» الإيرانية التي كانت تنقل أسلحة للحوثيين، وبالتحقيق تم التوصل لثبوت عمليات تسليح سابقة تعود إلى 2009. وفي فبراير/شباط 2011 ضبطت السلطات اليمنية مركباً إيرانياً أثناء نقله 900 صاروخ مضاد للدبابات والطائرات صُنعت في طهران متجهة للحوثيين.
وينص قرار مجلس الأمن الصادر رقم 1747 وتاريخ 24 مارس 2007 على أنه يجب «ألا تقوم إيران بتوريد أو بيع أو نقل أي أسلحة أو عتاد ذي صلة بشكل مباشر أو غير مباشر من أراضيها أي على يد رعاياها أو باسـتخدام الـسفن التي ترفـع علمها أو طائراتها، وأن تحظـر جميـع الـدول شـراء هـذه الأصـناف من إيران مـن قِبل رعاياها أو باستخدام السفن التي ترفع أعلامها أو طائراهتا، سـواء كان منـشأ هـذه الأصناف أراضي إيران أو لم يكن»، وفي ذلك إثبات صريح على السوابق الإيرانية في مجال التسليح غير المشروع ، ونص القرار واضح وصارم في مواجهة إيران، فالانتهاكات الحالية تعد مخالفة لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي العرفي وقرارات مجلس الأمن، أفلا يكفي هذا لتحريك المسؤولية الدولية اتجاه إيران؟ إن عملية التسليح الإيراني ليست مستترة أو تتم من خلف الستار بل هي ظاهرة وجلية ومثبتة ضدها.