البطالة المقنعة هي مصطلح يعبر عن مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة، وهي نسبة إذا تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في اجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها، وربما زاد الإنتاج إذا بقوا في وظائفهم.
فالبطالة المقنعة تحدث في الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي بما يفوق احتياجات تلك الأجهزة وذلك نتيجة إلتزام الدول بتعيين الخريجين، دون أن يكون هناك احتياج حقيقي لاعمالهم. وبعبارة أخرى يمكن تعريف البطالة المقنعة بأنها تتمثل بحالة من يؤدي عملا ثانويا لا يوفر له كفايته من سبل العيش، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو أثنان منهم، وفي كِلتا الحالتين لا يؤدي العامل عملا يتناسب مع ما لديه من قدرات وطاقة للعمل.
وتمثل البطالة المقنعة هدر كبير لطاقات المجتمع، فالدول التي ترغب في تخليص المجتمع من هذه الظاهرة، والتي تحرص على تنشيط التنمية الاقتصادية، تقوم بتهيئة المزيد من الفرص لتشغيل العمال والموظفين وكذلك تطوير أساليب العمل الإداري، وتوجيه الفائض من الأيدي العاملة نحو أعمال إنتاجية وربط مقدار الأجر بزيادة الإنتاج.
يقول خيري منصور وهو كاتب وشاعر وناقد اردني من اصل فلسطيني (إذا كانت للبطالة أقنعة عديدة، منها التظاهر بالعمل أو الانهماك على طريقة أم العروس، كما يقال في الأمثال، فإن أقنعة الأمية من طراز آخر، وسأتوقف عند ثلاثة منها في هذا المقام:
القناع الأول أكاديمي سواء كان بالحصول على لقب، أو السعي نحو الارتقاء الوظيفي بأبحاث تقليدية، وهنا يجب التذكير بجذر مصطلح الأكاديمية، وهو قبر المحارب الأغريقي أكاديموس الذي كان يتحلق حوله المشتغلون في الفلسفة والباحثون عن المعرفة.
ولم يكن أكاديموس نفسه أكاديميا، تماما كما أن ماركس لم يكن ماركسيا كما يقول التوسير، والسيد المسيح لم يكن مسيحيا كما يقول برنارد شو، وتلك بالطبع إحدى مفارقات التاريخ التي يبسّطها البعض بالمقولة المعروفة، وهي أن هناك من هو كاثوليكي أكثر من البابا أو ملكي أكثر من الملك. القناع الثاني للأمية مزخرف وملفق من عبارات ومأثورات مخلوعة من سياقاتها الأصلية، وقد يكون مصدرها الثقافة الشفوية كما تتجلى في المقهى، أو أمكنة تجمع المشتغلين في الثقافة كالنقابات والاتحادات التي تضم أعدادا غفيرة من المتأدبين لا الأدباء والمتثاقفين لا المثقفين، لأسباب معروفة في مقدمتها الانتخابات ذات البوصلة السياسية وليس المهنية.
والقناع الثالث للأمية هو التقاط ما تبثه الفضائيات ووسائل التواصل على مدار الساعة، خصوصا البرامج الحوارية، لكن مثل هذا الالتقاط أشبه بقناع شمعي كجناحي أيكاروس، فما أن تشرق الشمس حتى يذوب.
2_ ومع استمرار تدهور التعليم في البلاد العربية استطيع أن اضيف النوع الرابع للأمية المقنعة, والتي اقصد بها أجيال تحمل شهادات متوسطة أو عليا, ولكنها فاقدة لأبسط اسياسيات التعليم كالقراءة والكتابة لنبدأ أولا من عناصر العملية التعليمية ألا وهي الطالب والمنهج والمعلم ومن ثم نعرج إلى الأسرة والمجتمع ونتعرف على اسباب التدهور رغم وجود تطور متسارع في التكنولوجيا الحديثة, والأسباب من وجهة نظري ستكون على مستويين:
المستوى الأول أسباب تخص الطالب والمنهج والمعلم وتتمثل في:
*عدم تحديث مناهج التعليم لتواكب تطورات العصر الحالي عصر الرقمنة.
*استخدام الأساليب التقليدية في التربية والتعليم وتغييب لاستخدام الأساليب الحدثية في التربية والتعليم رغم أنها تُدرس في الكليات ويستخدمها بعض المدرسين وخاصة في بعض المدارس الأهلية كميزة لاستقطاب أولياء الأمور الذين يبحثون عن الأفضل لأبنائهم أو المدارس الحكومية التي تجد دعم من المنظمات الدولية والتي يطلق عليها المدارس النموذجية أو الحديثة أو المطورة.
*عدم تطوير مناهج كليات التربية(لأنها تخضع لنفس المنظومة التعليمية التقليدية)وبالتالي استمرار رفد العملية التعليمية بكوادر تحمل نفس الأساليب التي تعلمتها واقصد هنا كل المناهج في كليات التربية وليس فقط مادة أساليب التدريس بحيث يجب أن يؤهل المعلم بشكل يواكب عصر الرقمنة .
وهنا يجب الإشارة إلى بعض الكليات في بعض الدول العربية (فلسطين، الإمارات، الأردن) التي قامت بتحديث العملية التعليمية من الاساس أي من المعلم الجديد وإعادة تأهيل المعلم القديم .
المستوى الثاني : الأسرة والمجتمع وتتمثل في:
*غياب دور الأسرة في متابعة وتوجيه الطالب . انتشار الأجهزة الرقمية وسهولة امتلاكها وسرعة تطور التكنولوجيا, وسيطرتها على حياتنا, وحياة أبنائنا فاصبح لدينا جيل مدمن لهذه البرامج, والتطبيقات, والمواقع فلم يعد يقرأ او يكتب باليد فتدهور الإملاء وزاد تدهوره ظهور لغة تسمى (الفرانكو).
*عدم استثمار التكنولوجيا الحديثة في عملية تطوير التربية والتعليم مع أنها وسيلة ناجحة100% لو أحسن استخدامها بسبب ارتباط جيل عصر الرقمنة بها, وخاصة من قبل جهات الاختصاص كالمدارس, والجامعات, والمعاهد.
*تجمد فكر وزارة التربية والتعليم, وتركيزها فقط على كيفية حساب نتائج الثانوية العامة, وهل يعتمد الاختبار النصفي, أو تلغى نتائجه؟ هل يختبر الطالب آخر العام المنهج كاملا ام يختبر كل ترم بشكل منفرد؟ هل تكون سنوات الدراسة ثلاث سنوات ام اربع ؟ هل تقسم الثانوية العامة إلى علمي وأدبي ام يضاف لها أقسام أخرى ؟>
وهكذا قرارات عقيمة تدور في حلقة مفرغة تهتم بالشكل لا بالمحتوى, ولا تضيف جديد للطالب بل تزيد من تشتته, وتجعل منه مجرد شخص يبحث عن جمع درجات بغض النظر عن محتوى ما يتعلمه هذا في حال كان طالبا مجتهدا>>اما النوع الآخر يريد فقط درجات النجاح ليتخلص من كابوس الثانوية العامة.
*السبب الأخير والأكثر تأثيرا في كل ما سبق يتمثل في استمرار الصراعات السياسية التي أدت إلى الحروب فأنشغل الجميع - الأسرة والمجتمع والدولة- بهذه الصراعات السياسية والحروب وأُهمل الطالب الذي فقد الرقابة والتوجيه.