لهذا السبب الحكومة لا تريد  "معين"..!

يتواصل انهيار قيمة العملة المحلية  أمام النقد الاجنبي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية في اليمن بشكل يثير مخاوف السكان، حيث تجاوز قيمة الدولار الواحد يوم أمس الجمعة 1350 ريال يمني في العاصمة عدن، بينما قيمته مستقرة منذُ فترة في صنعاء، فقيمة الدولار الواحد 600 ريال، ورغم إعلان حكومة الشرعية المعترف بها دولياً اتخاذ إجراءات صارمة ومتعددة لوقف الانهيار، وتأسيس شبكة تحويلات مالية خاضعة للبنك المركزي اليمني بعدن، إلا أن ذلك لم يحدث أي تحسن في قيمة العملة، الأمر الذي يجعل المواطن ينظر إلى الحكومة بريبة وتساؤلات مخجلة، بل أفقدته الثقة بقدرتها على إعادة التعافي للعملة، إذ لا يستبعد في تعليقاته اليومية على الغلاء، أنها تدعم الانقسام المالي بتشجعها بيع السلع غير الضرورية في مناطق سيطرتها بضعف قيمتها مقارنة بما تباع في صنعاء. يعد الانقسام المالي بين عدن وصنعاء أحد أسباب الأزمة الإنسانية، وتدهور قيمة العملة المحلية، التي يندرج معظم اسبابها في اطار حرب اقتصادية مالية بين الحكومة الشرعية وحكومة صنعاء التابعة لجماعة الحوثي الانقلابية، وهذه الحرب وقودها الأبرياء الفقراء الذين يتضورن جوعًا في المناطق المحررة، بالذات الجنوبية التي يعتمد معظم سكانها على مرتباتهم، ومع ذلك تصر الحكومة الشرعية على عدم صرفها في ظل التدهور المتسارع للعملة المحلية، مما ضاعف معاناتهم ومأساتهم الإنسانية، وكأنها تريد بذلك خلق هذه المجاعة لتنهش في حياة المواطن طالما لم تتخذ اجراءات ملموسة لوقف الانهيار المتسارع، وبات كل ما نسمع من اجراءات كذر الرماد على العيون، لعدم إحراز أي نتيجة تعمل على تحجيم خطر وتداعيات الانهيار، وربما أن هناك خلالاً وقصوراً في تشخيص المشكلة أفقد الحكومة الرؤية لوضع المعالجات الناجعة لوقف هذا الانهيار المتسارع، وحماية المواطن من المخاطر المترتبة عليه، ما أفقد المواطن الثقة بوعود الحكومة لتعافي العملة، فضلاً عن الفساد الاداري والمالي وفشل سياستها النقدية واصلاح القطاع المالي والنقدي وتطوير آليات الحفاظ على قيمة العملة، وتحسين الإيرادات وتطوير طرق تحصيلها. لا يختلف اثنان على أن حرب اليمن ليست مسلحة فقط، انما لها اشكالاً متعددة، واساليب متنوعة، منها: الحرب الاقتصادية، ولا ينكر أحد وجود خيانات في الحرب بكل انواعها، فجميعنا رأى نتائج الخيانة في الحرب المسلحة، التي كانت سقوط مناطق تلو الأخرى، دون قتال  في الحرب التي دارت في مأرب والبيضاء وغيرها، وبالتأكيد فإن سلوك الخيانة لن يتوقف، بل سيمتد إلى بقية انواعها في ظل عدم وجود إدارة فاعلة للمعركة، واستمرار تغييب العقاب والمساءلة عن التقصير وشراء الذمم، وهنا سؤال يتردد على ألسنة الفقراء، لماذا تسمح السلطات في المناطق المحررة بيع المنتجات اليمنية المصنعة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي وبيعها في الجنوب، بضعف قيمتها؟ أليس هذا التساهل تكريسا وتشجيعا للانقسام المالي في اليمن! ويضاعف إيرادات جماعة الحوثي، وما تجنيه من   تجارة منتجاتها والسلع المستوردة عبرها في المناطق الخاضعة للحكومية الشرعية، فإذا نظرنا إلى أبسط السلع التي يثير فارق السعر فيها حفيظة المواطن، كالمياه المعدنية كأبسط سلعة  نراه توضع على طاولة اجتماعات الحكومة والمسؤولين، قيمة (القارورة) أكثر  350ريال في عدن، بينما تباع في مناطق الشمال من150- 100 ريال، بالطبع التاجر يستبدل القيمة في الجنوب بالعملة الصعبة والعودة بها إلى صنعاء في وقت يوجد منتج بديل يُصنع في لحج أو حضرموت ويباع ب 200ريال، وهكذا بقية السلع غير الضرورية.  لا أدعوا هنا لمقاطعة المنتجات محلية الصنع في صنعاء، ولكن اطالب بتوحيد اسعارها كخطوة لا بد منها لإنهاء الانقسام المالي، وإلزام التجار بالتسعيرة، أما بقية السلع الضرورية المصنعة في مناطق سيطرة الحوثي ينبغي على الحكومة تفعيل النشاط التجاري في المؤسسة الاقتصادية العسكرية وتسهيل لها توفير البديل وبأسعار منافسة، لمنع تحول  المنتجات اليمنية إلى سلاح وعصا في الحرب الاقتصادية، فتخيلوا مع هذا الانهيار، ماذا سيكون وضعنا في حال سقوط مأرب والسيطرة على متابع النفط والغاز؟! كما نلاحظ تهليل وفرحة البعض بسقوط "العبدية"، عندها سنكون مجبرين بحفر قبورنا بأيدينا من خلال شراء الغاز وافراغ عدن من العملة الصعبة، والاسهام بالانهيار وتزيين صورة جماعة الحوثي في الداخل والخارج، نعم مجبرين وليس مخيرين، كما هو الحال عندما نرى الحكومة تفضل احتساء المياه المعدنية المشتراه من صنعاء بالثمن الأغلى، ولا تريد مياه "معين" حضرموت أو "عين" اللحجية الرخيصة وهذا لا يفسر إلا لسبب دعمها للانقسام المالي.