مازلت أتذكر عندما كنت طفلا ، إذ لم أكن أستطيع النوم إلا بعد أن تحكي لي جدتي صفية حكاية أنام على أثرها .... إلا أنني كنت عادة ما أذهب للتساؤل عن معرفة ما إذا كانت تلك الحكايات مجرد أساطير أم حقائق من تجربة جدتي !!! .... من تلك الحكايات أتذكر أنها سردت علي ذات مساء بارد يحكي برودة الواقع المعاش اليوم لاضوء فيه ولانجم ولاقمر ، فأصغيت إليها بكل حواسي ومازلت حافظا كل كلمة انطلقت من فمها إذ حكت لي أن هناك جزيرة نائية أنعم الله عليها بكثير من الخيرات إلا أن الله قد ابتلى أهلها بالضغينة لبعضهم الأمر الذي جعلهم لاينعمون بتلك الخيرات التي وهبها الله لجزيرتهم ، فظل أهل الجزيرة يتقاتلون فيما بينهم ويسفكون دماء بعضهم على أتفه الأسباب حتى أتى على تلك الجزيرة يوم أسود
فاستوطن الجزيرة شخص اسمه مغول ، أدرك تماما مغول طبيعة أهل هذه الجزيرة ، فقرر حينها أن يستولي عليها ليغنم خيراتها ويستعبد رجالها ويستحيي نساءها لما رأى من سهولة تحقيق ذلك ، فكان أول مافكر أن يقوم به هو أن يجعل أهل هذه الجزيرة في صراع مستمر ، فكان لمغول ما أراد ، إذ استخدم الدهاء والحنكة والخبث واللؤم ، فشبت النيران في الجزيرة وانطفأت أنوارها وغادرها كل جميل ، سر مغول كثيرا بما حققه فصار يتحكم في كل شيء ، يمنع بعض أهل الجزيرة من الدخول ويسمح لبعضهم ....
وكنت يومها استوقف جدتي قائلا : ألم يكن في تلك الجزيرة رجل رشيد ؟؟؟ فترد جدتي بعد أن تطلق سيلا من الآهات والتأوهات .... وهل أبقى مغول يابني فيها على رجل رشيد غير الحمقى والأغبياء ، الذين يدعون أنهم أعلم الناس وهم لايعلمون شيئا !!!! ثم أكرر السؤال أولم يبق في تلك الجزيرة إلا الأغبياء والسذج وبادي الرأي ياجدتي ؟؟؟؟
أجل يابني ... لأن مغولا كان يتخلص من الأذكياء ويقرب الحمقى والسذج والأغبياء ، وبذلك ظلت الجزيرة لعقود من الزمن تعيش في ظلام دامس وجهل مطبق ، ومع هذا وذاك يا بني مازلت على يقين بأن فجرا ساطعا سيطل على هذه الجزيرة ، ويجتث مغولا وحمقاه عن تلك الجزيرة المباركة ...... وماذا بعد يا جدتي ؟!!! نم يا بني فلم يبق على الصبح غير سويعات ولي معك حكاية مساء أخرى ........