هل على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضع كمامة ليكون قدوة في مواجهة وباء كورونا؟ تتزايد الأصوات المنادية بذلك، بينها شخصيات جمهورية، في وقت تقرّ حكومته نفسها بأن الوقت بدأ ينفد لإيجاد حلول تقود إلى احتواء فيروس كورونا المستجد.
لم يظهر الرئيس الجمهوري قطّ وهو يضع كمامة منذ بداية الوباء الذي أودى بنحو 125 ألف شخص في الولايات المتحدة، أكثر دول العالم تضرراً.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، فترامب سخر من منافسه الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، جو بايدن الذي يلتزم وضع الكمامة، واعتبر أن استعمال هذه الأداة الوقائية "سلاح ذو حدّين" من وجهة نظر صحيّة. جاء ذلك في وقت يشهد جنوب البلاد طفرة مقلقة في انتشار العدوى.
بدورها، اكتفت مراكز الوقاية من الأمراض ومكافحتها التي تحدد نسق التعامل الحكومي مع الوباء، بإصدار توصية بوضعها. وتعليقاً على ذلك، أعربت الرئيسة الديموقراطية لمجلس النواب نانسي بيلوسي الأحد عن أسفها لعدم "مطالبة" المراكز المواطنين بوضع كمامات، معتبرة أن هذا الامر كان ضروريا منذ "وقت طويل".
وأكدت المسؤولة في حوار مع قناة "ايه بي سي نيوز" أن كل ذلك جرى بقصد عدم "جرح مشاعر" الملياردير الجمهوري.
وشددت بيلوسي على "وجوب أن يضع الرئيس كمامة"، وقالت إن "الرجال الحقيقيين يضعون كمامات" على غرار ما فعل جو بايدن، مقدرة أن رفض دونالد ترامب تغطية وجهه ليس إلاّ توظيفا للرجولة في غير محلها.
بدورهم، أكد مراقبون ومحللون أن الداعمين الذكور لنزيل البيت الأبيض في المناطق المحافظة من البلاد ينظرون إلى الكمامة باعتبارها رمزاً للضعف.
يمثل الانقسام حول الكمامة التي صارت الوكالات الصحية في العالم أجمع تثني على فعاليتها في الوقاية من الفيروس، مسألة مسيّسة جدا في الولايات المتحدة، وقد أقر ترامب نفسه بذلك هذا الأسبوع.
وأسف السناتور الجمهوري لامار ألكسندر صباح الأحد لعدم وضع ترامب كمامة، في توافق سياسي نادر مع الديمقراطيين.
وقال الكسندر لشبكة "سي إن إن" إنه "سيكون من المفيد أن يضع الرئيس كمامة بين الفينة والأخرى. سيساعدنا ذلك في تجاوز هذا النقاش السياسي الذي يفضي إلى أن من يدعم ترامب لا يضع كمامة ومن يعارضه يضعها".
وسئل وزير الصحة أليكس آزار عن الموضوع أيضاً، فاكتفى بالتذكير بأن الرئيس يمثل حالة "استثنائية" لأنه يُفحص "دورياً"، في تكرار للحجة التي يستعملها ترامب.
وكرّر آزار رسالة الحكومة الفدرالية للسكان لجهة احترام التباعد الاجتماعي وغسل الأيدي ووضع كمامة، مع إقراره بأن الوضع "بالغ الخطورة" وأن الوقت ينفد "للتحرك واستعادة السيطرة على الوضع" الصحيّ.
ويشهد نحو نصف الولايات الأميركية، خصوصا في الجنوب والغرب، طفرة في انتشار عدوى كورونا خلال يونيو (حزيران) على غرار فلوريدا وتكساس اللتين تسجلان عدد إصابات غير مسبوق اضطرهما إلى تعليق مسار رفع الإغلاق.
من جهته، أقر نائب الرئيس مايك بنس بأنه "من الواضح أن أمراً ما يحصل في الحزام الشمسي (كامل جنوب البلاد)، وبالتحديد في صفوف الشبان الأمريكيين"، مؤكداً أن الحكومة تتابع ما يجري في تلك الولايات "من كثب".
في المقابل، يواصل الوضع تحسنه في شمال شرق الولايات المتحدة، بعدما كان المنطقة الأكثر تضرراً من الوباء قبل شهرين.