الاتحادنت/متابعات
"لا يوجد حل سحري لفيروس كورونا في الوقت الحالي وقد لا يوجد أبدا" بهذه العبارة المليئة بالتشاؤم والإحباط تحدث تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن مستقبل فيروس كورونا وذلك في إفادة صحفية عبر الإنترنت من مقر المنظمة في جنيف مساء الأحد.
تصريحات ربما قد يراها البعض غير منطقية أو تحمل قدرا عاليا جدا من اليأس والتشاؤم خاصة مع دخول الكثير من الدول فى سباق علمي من أجل الوصول للقاح لفيروس كورونا.
وبدأت الأسبوع الماضي المرحلة التجريبية لنتائج أكبر دراسة حول لقاح كوفيد-19 في العالم، حيث يساعد أول 30 ألف متطوع في اختبار اللقاح الذي أنتجته الحكومة الأميركية، وهو واحد من بين عدة لقاحات مرشحة في المرحلة النهائية من سباق اللقاحات العالمي وهو ربما يتناقض مع تصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.
ما يثير الدهشة والاستغراب أن المنظمة المسئولة عن صحة العالم لجأت خلال الفترة الأخيرة لهذا النوع من التصريحات على الرغم من نجاح دولا كثيرة فى السيطرة على الفيروس وبدء انحساره فى دول كثيرة فضلا عن ارتفاع أرقام المتعافين بشتي أنحاء العالم.
ربما أغرب ما فى الأمر أن الصحة العالمية كانت قد قللت من خطر فيروس كورونا فى بداية انتشاره، وتأخرت فى إعلانه كوباءا عالميا حتى قرابة منتصف مارس 2020على الرغم من رصد الفيروس المستجد للمرة الأولى في نهاية ديسمبر 2019 في الصين.
أداء الصحة العالمية المتباين فى أزمة كورونا ما بين التهوين من الفيروس فى بداية انتشاره والتهويل منه الأن رغم بدء انحساره جعلها عرضة للانتقادات والاتهامات الدولية حتى وصل الأمر بالولايات المتحدة أن وصفت المنظمة بأنها "دمية" في يد بكين قبل أن تعلن بشكل رسمي انسحابها منها ووقف الدعم الأمريكي لها فى يوليو الماضي.
وشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوما شديدا على المنظمة واتهمها بالقرب الزائد عن اللزوم من الصين وبأنها لم تفعل ما فيه الكفاية لوضع الإجراءات التي اتخذتها بكين في بداية الأزمة في دائرة الشك.
الأمر لم يتوقف على الاتهامات الأمريكية للمنظمة، حيث دخلت دول الإتحاد الأوروبي على خط الهجوم على الصحة العالمية، واتهمت ألمانيا المنظمة ، بالخضوع لنفوذ بعض الدول الأعضاء، في إشارة الى الصين، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان على حق بشأن عيوب المنظمة.
وحث وزير الصحة الألماني ينس شبان منتصف يوليو الماضي المنظمةعلى تسريع وتيرة مراجعة الطريقة التي تعاملت بها مع فيروس كورونا، داعيا فى الوقت نفسه إلى ضرورة معرفة مآلات ذهاب الأموال الممنوحة الى المنظمة بشكل مفصل.
هذه الحالة من الانتقادات والاتهامات التى تلاحق منظمة الصحة العالمية ربما تدفعنا للتساؤل حول مدى نزاهة المنظمة العالمية ومدى نجاحها فى إدارة أزمة كورونا،ومستقبل المنظمة فى مرحلة ما بعد كورونا وهل يمكن القول أن المنظمة سقطت فى اختبار كورونا .
د.إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة قال لـ "صدى البلد" أن إطلاق الصحة العالمية لتحذيرات متشائمة حول مستقبل فيروس كورونا يعتبر أمرا طبيعيا لافتا إلي أن المتعارف عليه فى عمل المنظمات العالمية هو اتباع السياسة الصحية القصوي من خلال اختيار أسوأ السيناريوهات المتوقعة والبناء عليها فى إصدار توجيهات للدول من أجل وضع الاحتياطات الصحية.
واعتبر عنان أن أداء منظمة الصحة العالمية فى جائحة كورونا ضعيف وهزيل للغاية، لافتا أن المنظمة فشلت فى السيطرة على الفيروس، وتأخرت فى التعرف على خصائصه،ولم تنتهج وسائل منع أو مواجهة جيدة فى التعامل معه، فضلا عن التأخر الكبير فى إعلان الفيروس كوباءا عالميا .
وأشار الخبير فى علم الأوبئة إلى أن كل المؤتمرات الصحفية الخاصة بالمنظمة كانت ضعيفة، ولم تقدم للعالم اتجاهات واضحة حيال الفيروس بل كان هناك حالة واضحة من التهرب فى الرد على الأسئلة.
فضلا عن سوء الخطاب الصادر عن المنظمة فى التعاطي مع أسئلة الجماهير واستخدام مصطلحات يتم تفسيرها بشكل خاطىء، كما يستخدمون فرضيات على أساس أنها نظريات ما فتح الباب لحالة كبيرة من الجدل وسط العامة.
وشدد عنان على أن منظمة الصحة العالمية تعاني من عدم الشفافية بشكل كبير، كما أن هناك بطء شديد فى اتخاذ القرارات وعدم مهنية فى توصيل المعلومات.
موضحا أن هناك فرق كبير بين الرغبة فى التخويف من أجل دفع الدول للإلتزام وبين إطلاق فرضيات غير صحيحة كما سبق وأعلنت عن وفاة مليون إفريقي بسبب الفيروس وهو مالم يحدث.
وتوقع أستاذ اقتصاديات الصحة أن تحدث تغييرات كبيرة فى قيادات الصحة العالمية بعد أزمة كورونا خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة ووقف تمويلها.