بقلم : إيمان خالد
_ إما أن تكون لي أو تموت..؟
_ اسكتي اسكتي .. هذا أمرٌ مستحيل؟ عودي من حيث أتيتِ، أنا لن أضعف البتة !
_ ستكره أهلك ، لن أجعلكَ تنام مع زوجتك في غرفةٍ واحدة.. ستنقلب حياتك إلى جحيم، سيخافكَ الجميع!
_ قلت "كفى كفى اسكتي"..
وبدأ يصرخ ويخبط برأسه!
قالت زوجته بلهجةٍ متكسرة بعد أن سمعت صراخه:
اسمعي My aunt .. يجب أن تعملي بنصيحة Ali وتتصلي بجاركم الطبيب!
_ حاولت عدة مرات الاتصال به من هاتفِ حسن لكنه مغلق!
أسرعت وتناولت الهاتف الأرضي وأخذت دفتر الأرقام من جانب الهاتف..
_ تعالي يا (كارلا) وابحثي عن رقم رمزي سأحاول الآن . أوه تذكرت لا تقرئينَ العربية. معتز تعال بسرعة
كان معتز حفيد ابنها الأكبر البالغ من العمر تسع سنوات يشاهد التلفاز، قال بضجر وهو مبحلقٌ على التلفاز:
_ هاه جدتي.. ماذا تريدين؟
_ تعال إلى هنا.. قصف عمرك! سأكسر التلفاز على رأسك. انظر إلي وأنت ترد عليّ
نهض وهو يتمتم بحيث لايسمعه أحد:
_ أوف أوف.. عجوزة مخرفة!
اقترب منها :
_ ماذا تريدين؟
خذ هذا الدفتر وابحث عن رقم الدكتور رمزي واملهِ علي بسرعة
أخذ الدفتر متأففًا وبدأ يبحث حتى وصل إلى رقم الدكتور رمزي:
_ هاه اكتبي
أملى عليها الرقم ولكنه كالعادة خارج التغطية.. عاودت الاتصال مرةً أخرى، فرن
_ إنه يرن حمدًا لله
_ هذا أفضل سأعود إلى مشاهدة التلفاز لاتنادي علي حتى لو احترق العالم!
تأوهت و أومأت لهُ بيدها كي يذهب
_ ألو.. السلام عليكم
_ وعليكم السلام..من ؟
_ وأخيرًا يا رمزي.. أنا جارتكم أم علي
_ أهلا أهلا خالتي أم علي..
_ أهلا بك يا ابن الغالية
_ خير إن شاء الله..؟ هذه أول مرة تتصلين بي!
ارتعش صوتها وهي تقول:
_ لم أشأ أن أزعجك ، والله يا دكتور أنا منذ أسبوع أحاول الوصول إليك لكن لا أجدك بالمنزل وكلما أتصلت بك من رقم حسن هاتفك مغلقا ولا أعرف رقم المصح !
_ خير ياخالتي.. أقلقتني! هاتفي ليس مغلق لكن أصبحت شبكة الاتصال هنا تجلب المرض. هذا ثالث رقم أغيره بسبب الشبكة، كل الشركات ألعن من بعض.
_ هل أنت الآن بالمصح؟
_ لا. خرجت لإتمامِ شغلة بسيطة والآن عائد إليه..ما الأمر؟
لم تتمالك نفسها فانفجرت تبكي:
_ عندما تتفرغ مرَّ علي ضروري
سألها قلقًا:
_ ماذا بك؟ إن كان الأمر ضروريًا سأمر عليكِ حالًا
_ سيكون أفضل.. جزاكَ اللَّه خيرًا
_ حسنًا.. مسافة الطريق وأكون عندكم
_ حفظك الرحمن.. أنتظرك
حدث نفسه: مابالها أم علي؟ لأول مرة تتصل بي وتكلمني بهذهِ النبرة الحزينة الخائفة. يبدو أنها متعبة! اللهم اجعلهُ خيرا
بعد ربع ساعة حين وصل إلى منزل أم علي أوقف سيارتهُ، كان الحر خانقًا والعرق يتصبب من وجهه.. تقدم نحو الباب وقرع الجرس وبسرعة فتحت أم علي الباب وكأنها كانت خلف الباب تنتظرُ مجيئه بفارغِ الصبر..
_ أهلا دكتور رمزي تفضل تفضل
ألقى عليها نظرة وقال:
_ أقلقتني يا خالة.. خير
كان أحمد قد أوقف صراخه وهدأ حيث إنَّ رمزي لم يلحظ أي شيء غريب أقفلت خلفه الباب ودخل المنزل بعد أن خلع حذاءه بجانب الباب حتى وصلا بهو المنزل :
_ جلست أم علي في المجلس مع زوجة ابنها أحمد وجلس الدكتور رمزي مقابلا لهما.. أمسكت كارلا يد أم علي وكأنها تطمئنها
سأل:
_ هاه خالتي أخبريني.. ماذا هناك؟
لم ترد بكلمة لهنيهة ثم انخرطت بالبكاء وبكت معها كارلا
_ أوه .. ما الذي حدث ؟ أرجوكما تكلما فقد زاد قلقي !
ردت أم علي:
_ أحمد يا رمزي أحمد.. ولدي الصغير المدلل الذكي المبدع الذي تخرج من الثانوية بامتياز الذي حصل على المركز الأول على الجمهورية الذي سافر للخارج لاكمالِ دراستهِ الجامعية وعادَ يحمل شهادة زواجه وشهادة الامتياز بيده.. أعقل أولادي وأفضلهم لا أدري أي عين أصابته وجن! نعم جن!! أنا على حق لا أقول سخافات
ثمّ واصلت.. : عندما اتصلت بعلي إلى السعودية أشكو له حال أخيه أخبرني أنه يجب أن أعرضهُ حالًا على طبيبٍ نفسي، لكنني لم أشأ أنه آخذ طفلي حبيبي إلى المصحِ النفسي مع المجانين لا لن أسمح بهذا أبدًا..! يارب
إنهُ مريض ، مريضٌ جدًا
_ أرجوكِ أهدي يا خالة.. أولاً المصح النفسي ليس للمجانين، بل لا يوجد مجانين بهذا العالم، هناكَ مرضى نفسيون يخضعون للعلاج كأي مرضى.. خصصنا لهم مشفى خاصًا لأن مرضهم يختلف عن باقي المرضى هذا فقط.. ثمّ كيف حكمتِ عليهِ بأنّه جنّ أخبريني ما الذي يفعله؟
أجابت وهي تستأنف بكاءها:
_ بعد أن عاد مِن أمريكا كان ينعزل عنا قرابة الست ساعات يقرأ الكتب.. لكن بعد أن ينتهي يخرج من غرفته ويضحك ويلعب مع أولاد أخيه بل يبتهج ابتهاجًا كبيرًا هذهِ طبيعته، لكن في الآونةِ الأخيرة أحمد لم يعد أحمد؛ أصبح ينعزل عنا تمامًا بل ينفر منا ويكره التحدث معنا حتى أنه لا ينام مع زوجته في الغرفةِ نفسها ، وعندما نسألهُ سؤالًا يجيب إجابة لسؤالٍ آخر ! ليس هذا فقط بل في بعض الأوقات ندخل عليه ونجده متشنجا بشكل كامل أو نجده يصرخ ويخبط رأسه كالذي يعاني من الصرع ! وأحيانًا نجدهُ يحدث نفسه، ويقول لي دائما بإنه يسمع أصوات أجراس الكنيسة، واليوم صباحًا سمعته يقول وهو يحدث نفسه أشعر برغبة بالانتحار..!
سترك يا اللَّه اللهم اشفهِ. عرضته على أكثر من شيخ يتحسن ثم يعود لحالته، أرجوك يا رمزي ( بغلاوةِ أمك ) المرحومة تعالجه لا أريد لغيرك أن يعرف بهذا الأمر، لا أريد أن ينعت أحد ابني ب(المجنون)
أسرّ رمزي في نفسه :
_ يجب أن أراه و أحكم..ثم قال:
_ حسنًا.. أين هو الآن؟
_ في غرفتهِ.. اتصلت لك بعد أن سمعناهُ يصرخ ويتشنج لم نستطع فعل شيء؛ حسن وزوجته وأولاده الصغار خرجوا ، هناك حفل (بمطاعمِ الحمراء) وقالوا إنهم سيتأخروا ،
وزوجته المسكينة أصبحت تخاف منه وتبكي فقط..
_ منذ متى وهو على هذهِ الحال..؟
_ منذ شهرين تقريبًا..وهو يفقد صوابه!
ألقى رمزي نظرة على زوجة أحمد:
_ لم يحدث لي الشرف وأن أتعرف إليك من قبل أهلًا بك..
ردت بخجل :
Welcome
قالت أم علي:
_ هي لبنانية مسيحية ولكنها أسلمت بعد زواجها من أحمد.
_ هل يمكنني أن أراه ؟
_ حاضر.. تعال معي
دخلوا غرفته بهدوء كان أحمد متشنجًا.
من الحبّ ما قتل
الأكثر زيارة