باعامر.. السياسي.. الأديب ..وللمكلا حكاية

تقرير : عبدالرحمن باحارثه

    في حوالي عام 1948م هاجر الاديب صالح باعامر من وادي العين الى مدينة قصيعر وتلقى تعليمه الابتدائي فيها , ثم أكمل تعليمه المتوسط والثانوي في دولة الكويت وحصل على دبلوم الصحافة من جمهورية مصر العربية.

  وأخرجت لنا المجاعة التي حصلت في سابق الازمان بحضرموت رجل ترعرع على حب الادب وتقفى الاثر خلفه, وتولع الى جانب السياسة بالصحافة والاذاعة .

  امتهن الأدب والثقافة في فتره مبكرة من حياته حيث عمل في الصحافة بدولة الكويت والتحق بالتنظيم السياسي "الجبهة القومية" او "حركة القوميين العرب" في وقت مبكر .

  خلال وجوده في الكويت تعرف على آفاق واسعه في حركة التحرر العربيه وحركة القوميين العرب. يوضح لنا زميله الصحفي علي اليزيدي أن بعد عودته الى ارض الوطن قصيعر و المكلا حوالي عام 1966م انخرط في الخلايا السريه للجبهة القوميه وكان مشرف خلية على مناطق مثل الغيل وغيرها .

   بعد الاستقلال تولى مناصب إدارية كثير ففي صحيفة الشرارة التي أنشئت بعد تأميم الصحف في حضرموت وكانت ناطقه باسم التنظيم السياسي للجبهة القومية تولى فيها مناصب قيادية عدة، عمل فيها مشرفا ثم إعلاميا ومشرفا إيديولوجيا .

  وعمل مديرا لإذاعة عدن لفترة من الوقت، وتقلد الدائره الإيدلوجية، وسكرتارية التنظيم السياسي للجبهة القومية الموحدة واستمر حتى فترة الرئيس سالمين (سالم ربيع علي). وكما قاد دفة العمل الإداري بمكتب وزارة الثقافة ساحل حضرموت منذ العام 1990حتى العام 2016م. ويمضي اليزيدي بالقول إن فقدان  باعامر صالح أحدث فراغا كبيرا؛ وبسبب غياب مثل هذه الشخصيات الادبيه تدخل افكار هزيله على المجتمع تهز الواقع، على عكس وجود الأدباء فإنهم يقضون على المتربصين بالأدب و الأدباء .

          °عودة المتوهين

 تعد مجموعة عودة المتطوعين آخر الإصدارات الأدبية لباعامر.

  يعد الفقيد باعامر مدرسة أدبية وصحفية متفرده, كأديب متميز وإنسان يتمتع باخلاق عاليه ناهيك عن كونه مناضلا صلبا لايفرط في مبادئه وقيمة بل كان متسامح إلى أبعد الحدود حتى مع من أساء إليه   و يقدم النصيحة بصدق.

   وله كتابات صحفيه وأدبية بمعظم الصحف والمجلات المحليه كصحيفة الايام، الشرارة ,الأحقاف , الثوري ,حضرموت ,شبام ,14أكتوبر وغيرها. وكتب خمس مجموعات قصصية وست روايات أدبية وهي الصمصام، والمكلا، و إنه البحر، وملكة الناصر والغمزات الضوئية، واخيرًا (عودة المتوهين) التي صدرت نهاية العام المنصرم 2024م ضمن مجموعة من الإصدارات الأدبية لمكتب وزارة الثقافة حضرموت الساحل والمئات من الكتابات والمقالات الصحفية بعض منها كتبها بأسماء مستعارة , وترجمت له قصة "الرقص على ضوء القمر" إلى اللغة الانجليزية و أدرج في مختارات الأدب العربي الحديث حوالي عام 1988.

             ° المكلا... العشق والرواية كان الاديب باعامر قوي العزيمة حتى وهو يعاني الآم المرض إلا ان شغفه  بالادب والثقافة ظل ملازما له . وفي صدد الحديث يحكي لنا مدير إدارة العلاقات العامة و الإعلام بمكتب وزارة الثقافه ساحل حضرموت عبد الله باحارثة أثناء زيارتهم له برفقة عدد من الزملاء في المكتب، فيقول باحارثة "عندما سلمت على الأخ صالح باعامر وأخذت موقعي من المجلس فإذا به يوجه سؤاله لي كيفك يا عبدالله وكيف المكلا ضن ممن حولي أنه يسأل عن المكلا المدينة التي خصها باعامر برواية و اسماءها باسمها " المكلا " وذلك لحبه لهذه المدينة وشغفه الكبير بها فهي المدينة التي جعلت من صالح باعامر القاص والروائي والأديب الكبير "، ولا زال الحديث لباحارثة حيث يقول "ولكني عرفت مقصد سؤاله أنه يسأل عن المكلا المجلة الصادرة عن مكتب وزارة الثقافة ساحل حضرموت التي تعثر صدورها اخيرا والتي كان للأديب باعامر شرف تأسيسها في العام 2008م و إصدار العدد الفصلي الاول منها يوليو/ اغسطس .

   و يؤكد باحارثة إن هذا الموقف من الأديب الأخ صالح باعامر لازال يتذكره دائما وهو دليل كبير على وفاء هذا الرجل وحبه وتعلقه لمجاله الأدبي والثقافي حتى وهو على فراش المرض وخروجه للتو من جلست غسيل كلوي مرهقة رحمك الله ابا ناظم وأسكنك فسيح جناته .

              ° الوداع الأخير.                في ال 14فبراير2025 فقدت حضرموت واليمن والوسط الأدبي إحدى أهم رموزها ومثقفيها الذين خدمو الوطن بقلب صادق ليظهرو للعالم بشكل يليق به كرمز للهوية الثقافية و الأدبية و السياسية. 

    تم تشييع جثمانه الطاهر بمقبرة يعقوب بالمكلا حيث كانت المقبرة مكتضة بمحبين الفقيد وكان مقدمة الحضور في يوم الوداع الأخير الأمين العام للمجلس المحلي بحضرموت الأخ صالح العمقي , وجمع غفير من المثقفين والإعلاميين , زملائه بمكتب وزارة الثقافة الثقافة , المؤسسات الإعلامية ,ممثلي المكونات و الأحزاب السياسية و المواطنين الذين قدموا من مسقط رأسه من مديرية وادي العين والمدينة التي ترعرع فيها بلد المشقاص قصيعر .

   إن الفقيد صالح باعامر ترك إرثا فكريا وأدبيا وصحافيا كبيرا، وسيرة إنسانية عطرة تميزت بالقيم الفاضلة، وبالعطاء الدافق والإبداع المتفرد في مجالات الأدب والصحافة والثقافة، شملت كتابة القصة والرواية والمقال الصحفي، وتصدرت كتاباته العديد من المطبوعات والصحف والمجلات، إضافة إلى ماصدر له من كتب قصصية وروايات باللغة العربية واللغة الإنجليزية.

   إن الوسط الصحفي والثقافي والأدبي في الجنوب، فقد رمزا من رموزه الكبار الذين أسهموا بشكل فاعل في إغناء ساحات الصحافة والآداب بكتابات بالغة الأثر والأهمية، عبرت بمجملها عن المجتمع وتفاعلاته المختلفة، حيث استمر الفقيد بعطاءه وعنفوان قلمه الابداعي حتى آخر أيامه، فارضا حضوره في حراك الكتابة الإبداعية على امتداد جغرافية الوطن.