في الأول من يناير القادم، أي بعد أيام قليلة، ستصحو بريطانيا وهي خارج الاتحاد الأوروبي، ويصحو الاتحاد الأوروبي وقد فقد من عضويته بريطانيا.
وسيجد نفسه جيل، من البريطانيين والأوروبيين على السواء، لا يتجاوز عمره أربعين سنة، وهي الفترة التي قضتها بريطانيا في الاتحاد، يعيش أصعب اللحظات؛ فقد أعاد الاتحاد، بالنسبة لهذا الجيل الشاب، رسم خارطة الوطن في وعيهم وثقافتهم بلا حدود وبلا "تعصب قومي"، وأعاد تشكيل الهوية بعيداً عن ماضي أوروبا الانقسامي وحروبها وصراعاتها، وهو جيل لا يستطيع أن يرى الأمر على غير ما عاشه طوال هذه السنوات.
غير أن الافتراق أصبح واقعاً لا مفر منه، وقد عمل الطرفان على أن لا يذهب هذا الافتراق بالعلاقة إلى المدى الذي يضر بمصالح الدول وشعوبها.
لذلك كان لا بد من فترة انتقالية مدتها سنة (انتهت في 31 ديسمبر 2020) يتم خلالها وضع اتفاقية تنظم العلاقة على الصعيد التجاري والاقتصادي بينهما، ووضع معاهدة أمنية تنتظم في إطارها هذه العلاقة، غير أن السنة مرت دون تحقيق أي تقدم يذكر، فقد هاجم فايروس كورنا العالم، وانشغلت أوروبا بمضاعفاته، وأخذت السنة تتسرب من بين أيدي المتفاوضين، وهما الآن في سباق مع الزمن بشأن تجاوز صعوبات إنجاز الاتفاقية والتي يفترض أن يتم تطبيقها ابتداءً من يوم 1 يناير 2021.
وتهدف الاتفاقية إلى تنظيم التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية والمالية والجمركية والاصطياد في المياه الإقليمية.
مؤشرات المفاوضات خلال اليومين الماضيين كانت تتجه نحو تذليل الصعوبات التي برزت خلال الفترة الماضية أمام الاتفاقية التجارية والمعاهدة الأمنية والتي قالت عنها صحف اليوم بأنها، "deal in touching distance"، أي أن الاتفاق غدا على مسافة قريبة، وخاصة في مسألتين:
-القواعد المنظمة للمنافسة بين الطرفين، حيث ظلت دول الاتحاد الأوربي تخشى من أنه دون هذه الاتفاق على قواعد لتنظيم هذه المنافسة فإن بريطانيا قد تشكل خطراً على تجارتها العالمية، ولذلك فقد تقدمت بضوابط للمنافسة اعتبرتها بريطانيا تقييداً لحريتها التي قررت بسببها الخروج من الاتحاد الأوربي، أي أن ما دفعها للخروج من الاتحاد لا يمكن أن تقبله مجدداً وهي خارجه.
والثانية هي حق الاصطياد في المياه الاقتصادية الخالصة لبريطانيا وهي المنطقة الغنية بالأسماك والتي استخدمتها بريطانيا كورقة ضغط في المفاوضات.
الآن منذ لحظات.. وقبل الانتهاء من كتابة هذا المنشور أعلن عن توصل الطرفين إلى اتفاق، وهي خطوة ستضع العلاقة في إطارها الصحيح.