وليدصالح المحني
نحو صالة الإنتظار .. خرج مسرعاً من حجرته ، بخطى متعاكسة و أصابع يدين متشابكة معكر الصفو .. عيناه تذرعان مساحة المكان .. متلاطم الافكار ، يلمح فكرة فيقرر .. وتتعارض أخرى فيلغي .. يتجهم ، يتمتم، يهمهم ، وعن وجهة تنحدر حبيبات من عرف .. حراب لفؤاده تخترق .. تضرم نار و تحرق .. و في خاطره هواجس تتردد .. تقوى تارة ، و أخرى تتهالك وتتبدد .. يلملم ما تبقى من أفكار، يتهاوى النهار ، يقترب موعد الإفطار .. سيقرع الباب جرس مجنون.. سألقي العتاب ، سأطلق تعبيرات الشوق ، و أحبس تمردات الشجون ، إلى صدرها الحنون ، ستضمني بجنون ، وتلعق أنفاسي بألوان الفنون ولكن ... خاب ظني و كل الظنون .. أهي نكاية ؟
الهاتف .. الو .. اظناني الغياب ، ليلة البارحة لم استطع النوم ، كانت ليلة قاسية باردة ..
ـ هل تناولت إ غدائك هذا المساء ؟؟ و كيف كان مذاقه ؟
هل السمك الألذ ؟ أم حساء الشربة التي تفضل ؟؟ إن فراقك لي ، له رائحة و طعم لا اطيقهما !! بكل أسف .. كانت الصدود حتى من الهاتف ! إنها الوشاية ..
ولان قلبه يملأه الحب الثمين و التقدير الجزيل لصبرها الطويل ، و إصرارها المستميت في النظال و ببسالة معه في الحياة ،، كان الشيء ذاته الذي يذكره بها مع كل لحظة تمر به.. شعور فايض إتجه به نحو غرفة مكتبه ، و أخرج ورقه بيضاء إستدارت الورود من حولها ، تستفيض عطراً من مضمون ما كتب لها عن فيض مشاعره الحرّاء شوقاً اليها مستطردا الحديث .
إلى حبي الأبدي ... زوجتي و رفيقة دربي و أم ولدي الوحيد ثمرة حبنا و قاسمنا المشترك :
دعيني الآن وقد سنحت الفرصة بأن أكتب لك في عاجلة من بوح عاجل يدور في خاطري ، اسره الشوق و أطلقته نار الشوق ، منذ إلتقتا عيناي بعينيك الساحرتين فتوحدت فيهما أشواقنا و عمقت المحبة وستظل .
ـ عزيزتي المحبة :
إعلمي أن ما جرى لنا وما عنيناهُ ، ليس بسبب حبنا لبعضناا! .. لا .. و لا يمكن تتصور ذلك.. بل هو من فعل الوشاة و الحقدة ومن حسدانا على مملكتنا الجميله الصغيرة الكبير ، و التي كوناها معاً ، بالحب و التفاهم وتوافق الطباع و الهوايات حتى الاحلام كانت مشتركة.
وضمتنا حبيبين مخلصين يفي كلا للاخر و إلى الأبد .. و تعلمين أن لهم قلوباً قاسية كحجارة الجبال ، بل إن من بعضها ، يتفجر وتزهر بأجمل الزهرات .
ـ ومضى في رسالتهِ إلى عزيزتهِ و شريكة حياتهِ يقول :
لم أزل أتذكرك و أتذكر عندما احلفُ دائماً بسماء عينك الواسعتين السوداوين بكل شفافية و صدق ، كنت المح في ضؤهما الجواب الشافي لكل أيتها الغالية .. وحين كنت أمد يدي نحو يديك لأحصلَ على تأشيرة الولوج إلى كوكبك .. أكتشفُ بأني التمسُ وردة أخاذة يخترق عبير رائحتها العاطرة كلُ الأفاق، حتى مدى الأخير .
ـ و ذيّل رسالته إليها ، وقد فاضت بالحنينِ لواعج صدره ، وإحتضنت أعماقه تنهداته ،، ليكتب عباراته الاخير فيقول :
( حبي الوحيد ) ..
من رجاحة عقلك الرصين استمد البصر ، و من نقاء عاطفتك و صدقها يستنيرُ الحب الذي أعيش .. فلماذا إذا تجعليني أتساءل منك و عليك ؟!..
ما كلُ هذا العناد و الإصرار عن عدم قناعة ؟ .. أهي القطيعة ؟!..
إذا ما ذنب إبنُنا وحيدُنا من هذا الأسى ؟
والذي يتساءل كلما طلع نهار جديد في داخله .. متى تعود أمي ؟؟
فمتى ستعودين أيتها الغالية ؟!..
وجوابي على تساؤلاتي دائماً بأنك ستعودين مع موعد الإفطار ؛ لان المسافات بين قلوب المحبين قريبة بل أقرب مما قد يتصوره البعض من الحاقدين.. فأنا لم أتصور قط أني قد لمستُ وطواال عشرتنا فرقا في المشاعربيننا حتى اللحظة ، أهو ذات الشعور ما تحمله مشاعرك نحوي أم أكثر ؟؟
- قرأت مضمون رسالته إليها والتي زلزلت الأرض تحت قدميها ، وعبرات الندم تتكسر على شفتيها تجهش بُكاءً معلنة:
قررت العودة لمملكتي الحبيبة ومعي ولدي الذي ينتظره والده هناك .. فالحزن لم يغادر مضجعي! ، والأسى ظِل تفكيري !! ولم يعُد بوسعي البقاء في جفاءٍ وجحودٍ يسرقا الود من قلبا محب ..
أخرجت حقيبتها وكل نظرةٍ فيها حنينٌ وإشتياق ، وكل بسمةٍ بها ألمُ الفراق لاخواتها ووالدها الحكيم الذي لم يوافقها ومن البداية على عجرفتها وأسلوبها ألا واعي ..
فتحت البابَ تحتظنُ طفلها مسرعةً تستبق الخطوات تستنشق الشوق والحنين الى حبها الأبدي ،..
للتو وصلت لتجدُه واقفا ينتظرُ وصولها يئتليهِ الشوق هو الأخر ، لم يكن في عمره أكثر يقيناً وإنتظارا لمثل هكذا لحظة ،،
إرتمت بين أحضانه تجهش بهواء حار يملئ صدرها هامسة بحروف مرتعشة متقطعة تقول :
ها هااا أنا ذا قد جئتُ مسرعةً نحوك .. أجر أذيال الندم الأليم ' دفعني للرجوع شوقي إليك وقلبك الكبير الممتلئ بحبي والرغبة القوية في عشرتي ' ( لقد أطفئت ثورة جنوني بصيرة عقلي.. ففلت مني زمام الصبر ، في لحظة ولوج شيطان مارق ) ... هلا تقبلت الأن شديد إعتذاري عن ماسببه عنادي بغير إدراك ؟!، هلّا تقبلت أسفي وعذري الملحين ؟؟
تبسمت شفاة قلبه قُبيل أن يتبسم ،، وعانقت الأشواق بعضها قبل أن يتكلم .. رفع يداه محلقا بكتفيها محدقا في عينبها مبتسما يقول:
أتدرين يامهجتي .. بأني أحمل من المشاعر نحوك مايفوق لهفتي بكثير،، إقتربا لبعضها أكثر وهو يضيف حديثا فاصلا يقول :
وأقبل عذرك الشديد الأن وكيف لا .. وفي جدار القلب منحوتٌ هواك .. وفي المأقي والحنايا مأواك ، إنتهى الكلام لتلتقي الأحاسيس بالحواس ، وتمتزج ُ في بعضها الأنفاس وتبقى سيدُ الموقف .
إلى حُبهِ الأبدي (قصةٌ قصيرة)
2018/08/30 - الساعة 09:30 صباحاً
الأكثر زيارة