زليخة بحضن أجنبي

                  د. قاسم المحبشي 

أنا يوسف العربي 
أحدى وعشرون 
اشقاء لي زعموا 
أنهم أخوتي 
جلهم يدعون أنني 
أصلهم نسبي
أفتخرت أنا يا أبي
لكنهم خاصموني
جلهم حاصروني
بصحراءهم ضيعوني 
يا ليت شعري 
أفهم ما السبب
كلهم في شمال يدي 
وأنا وحدي اليمني 
فهل كان هذا ذنبي؟!
جلهم يكرهروني 
بصحراءهم حاصروني 
لا غيم فيها ولا ظل 
في حرها ظلني 
صحراء بئري أنا يا أبي 
لا ماء فيها ولا عشب 
فيه أختفي 
وحدي أنا حارس الأرض 
أرضي أنا ذئبها الوفي 
أنا يوسف العربي 
ولست نبي 
كما كان يوما سميي 
في أرض كنعان 
أجمل صبي
وجد في العزيز ملاذ 
وأنثى تجرب مفاتنها 
تغويه تغريه 
فتركها بنيران 
رغبتها تلتضي
رغبة العاشقات 
فتنة قط ما تنطفئ
حينما شاهدت وجهه 
شهقت هيت لك ما أجملك 
ما كل هذا الجمال البهي 
حاولت استمالته فأبي 
كان يوسف نبي
أدعت أنه من يراودها
وتناست بظهره 
أثار مخلب أظافرها
مدبر فر منها
يوسف نبي
والذئب من دمه برئ
لكن صحراءنا اليوم
لا عزيز بها يُستجار 
وزليخة بحضن أجنبي
فماذا تشوف أبي
تنهد أبي فاجاب:

اين نحن الآن يا ولدي 
هل بلغنا المُشتهى 
هكذا قال أبي
أه عيني لا ترى 
أخبروني كيف 
لون البحر والمرفأ 
وشكل الأرض والاشجار
وماذا عن ثمار العنبي 
اين باتت ثورتي؟
كنت طفلا ياصغير
حينما أعلنت 
أن الأرض هذي بلدي 
ورفعنا رأية التحرير في الميناء 
واستعنا الأمر 
من ذلك الوجود
الأجنبي
أسف يا أبتي 
ضاع مسعاكم ومسعانا
هبأ في العواصف والرمال 
خمسون عام جدبي
والآن عدنا من جديد 
عامان مرت 
وعام آخر يأتي 
يذكرنا بما قد كان 
يحكي قصتي الأول 
في بلاد شردتني 
بين القبائل والعوصف 
تم توزيع دمي 
لا بئر يخفيني
ولا فرعون يمنحني
ملاذ عابر 
بتت مكشوفا بصحراء البدو 
والبدوان والذئب من دمي بريء 
احرقوا أرض وشعبي أخوتي 
دمي الزيت ولحمي حطبي 
كلما حاصرتني الدنيا 
تذكرتك أبي 
الآن اسمع صوت ضبع 
ونباح لكلاب الليل 
اسمعها قريبة 
اين منها اختبئ؟ 
كلما اشتدت الوحشة 
بقلب الليل تذكرك أبي
اين أنت يا أبي 
كيف أشكيك حبيبي 
كل ما قد حل بي 
كلما حاصرتني الصحراء
اصرخ يا أبي 
كنت وحدك من يشيل 
الخوف عني وأخوتي 
في حياضك كنت ألهو 
كما يلهو الصبي 
أه كم كنت غبي 
حينما أوصتيني 
أن لا أثق بالكائنات
قلت لي أوعى تثق 
في كل خائن عربي 
هل كان ذنبي 
أنني أصل الوجود 
العربي؟! 
افتقدنك يا أبي


                ٥ سبتمبر ٢٠١٨م

الأكثر زيارة