بسبب تصاعد الأزمات والقمع.. غليان شعبي في صنعاء ينذر بانفجار في وجه الميليشيات.

 

على وقع سلسلة من الأزمات والفقر والجبايات والقمع، تعيش العاصمة اليمنية المحتلة صنعاء، حالة غليان شعبي غير مسبوقة، تنذر بالانفجار في وجه الميليشيات الحوثية؛ إذ بات أغلب السكان عاجزين عن شراء معظم السلع، وعن دفع رسوم مدارس أبنائهم، بعد أن توقفت العملية التعليمية في المدارس العامة، بفعل ترك عشرات الآلاف من المعلمين العمل بسبب قطع رواتبهم منذ 5 أعوام، واستحواذ الميليشيات الحوثية على كل الأعمال التجارية.

 

يلخص الوضع لـ«الشرق الأوسط» أحد رجال الأعمال، بالقول: «المدينة أصبحت أشبه بسجن كبير يضم الملايين، وكلما وُجد منفذ ليعيش منه الناس، عمل الحوثيون على إغلاقه، ولم يتركوا مجالاً لأي أحد من خارجهم ليعمل».

 

ويضيف: «حتى المشروعات التي تمولها المنظمات الدولية أصبحت حكراً على المقاولين الذين ينتمون إلى الجماعة، أو يرتبطون بعلاقة مصالح مع أحد القيادات. لم تعرف اليمن مثل هذا الطغيان؛ حيث أصبح أغلب الناس يتمنون الخروج من مناطق سيطرة الحوثيين».

 

ويؤكد أحد السكان -اسمه أحمد، وهو أب لأربعة من الأطفال- أن أبناءه لن يذهبوا إلى مدرستهم؛ لأنه لا توجد مواصلات، والبترول غير موجود، وأسعاره في السوق السوداء جنونية. ويضيف: «وضعنا في صنعاء بلغ من المأساة والقبح لحد أصبحنا معه عاجزين حتى عن التعبير عنه، وأخشى خلال الفترة القليلة القادمة أن يعجز بقية السكان عن تسديد رسوم استخدام الإنترنت».

 

ويقول: «الميليشيات الحوثية خلال الشهر الماضي رفعت تعريفة استهلاك الكهرباء الحكومية، من 225 ريالاً إلى 350 ريالاً، علاوة على الاشتراك الشهري وقدره ألف ريال، و24 ريالاً تحت اسم خدمات؛ حيث تفوقت بالاستغلال والجشع على التجار، في حين أن سعر الكيلوواط كان قبل الانقلاب بثلاثة ريالات فقط». ويصف ما يحصل بأنه «سقوط للبلاد في يد مجموعة طائفية ظلامية».

 

وبحسب ما تقوله أروى -وهي ربة بيت في صنعاء- فإنها صُدمت من مقدار الزيادة في أسعار زيت الطبخ؛ حيث ارتفع سعر عبوة الـ10 لترات إلى 13500 ريال، بدلاً من 8 آلاف ريال منتصف العام الماضي، في حين أن المتاجر تبيع عبوة الـ20 لتراً من الزيت بمبلغ 26500 ريال، وهو سعر أغلى من السعر الرسمي لصفيحة البترول. (الدولار يعادل حوالي 600 ريال في مناطق سيطرة الميليشيات).

 

وسخرت أروى من حديث الحوثيين عن فرض رؤاهم الطائفية على الجوعى، بحجة ما يسمونه «الحفاظ على الهوية الإيمانية»، وخاطبتهم بالقول: «هل هذه الهوية تعني أن تكونوا أنتم شباعاً وغيركم جوعى؟! أم تعني محاربة الناس في أقواتهم، وابتزازهم، وفرض الجبايات المتعددة عليهم، في حين أنهم لا يجدون ما يأكلون؟!».

 

وينتقد صادق -وهو موظف حكومي- ما يصفها بـ«جرعة قاتلة» فرضتها الميليشيات الحوثية على سعر أسطوانة غاز الطبخ؛ حيث أصبح السعر الرسمي لدى مسؤولي الأحياء 6 آلاف ريال، ولكنها غير متوفرة، بينما سعرها في السوق السوداء يصل إلى 19 ألف ريال، مع العلم أن شركة «صافر» تبيعها للموزعين بسعر 4200 ريال فقط.

 

ويقول: «إلى جانب إيقاف مرتبات القضاة وتجويعهم لإفساد ضمائرهم، وإلجائهم للرشوة، يضطر القضاة إلى تأجيل جلسات المحاكمة، والذهاب للوقوف في طوابير غاز الطبخ أو وقود السيارات».

 

ووفقاً لأحدث بيانات برنامج الأغذية العالمي التي تغطي شهر ديسمبر (كانون الأول) 2021 الماضي، فقد استقرت نتائج الأمن الغذائي في اليمن عند مستويات عالية جداً؛ حيث أفاد ما يقرب من نصف الأسر اليمنية (47 في المائة على الصعيد الوطني) بعدم كفاية استهلاك الغذاء، وهو أعلى بكثير من عتبة 40 في المائة التي تصنف كمستويات مرتفعة للغاية.

 

وتوضح البيانات أن القدرة على تحمل تكاليف الغذاء، مقيسة بمتوسط تكلفة الحد الأدنى لسلة الغذاء، ساءت بشكل كبير في جميع مناطق اليمن على مدار عام 2021، وأنه بدءاً من ديسمبر الماضي، ارتفع متوسط تكلفة السلة الغذائية في المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي بنسبة 41 في المائة.

 

وطبقاً لتلك البيانات، استمرت أزمة نقص الوقود في جميع أنحاء اليمن، في يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث خصص برنامج الغذاء العالمي وشركات النقل الرئيسية المتعاقدة معه مخزون وقود للطوارئ، كما يقوم البرنامج بمراجعة حالة الضعف لدى النازحين داخلياً في محافظة مأرب، والتحقق منها قبل إدراجهم المحتمل في الأنشطة الاعتيادية لبرنامج الأغذية العالمي، إذ تم التحقق من حالة أكثر من 100 ألف نازح داخلياً، بدءاً من أوائل هذا العام في مديريات مأرب، ومدينة مأرب، ومديريتي رغوان وصرواح.