لماذا تحول الصراع على الموارد في محافظة (الجوف) إلى حروب لا تتوقف؟

ترتفع وتيرة الاشتباكات المسلحة في مناطق سيطرة الحوثي، منذ بداية السنة الجارية بين أطراف متعددة، تتركز على الموارد، بفعل الهزيمة، التي مُني بها الحوثي في جبهتي مأرب وشبوة في يناير الماضي، وانخفاض تمويل المنظمات في اليمن، التي كانت توفر تمويلاً ضخماً للحوثي.

 

 

وتركزت المعارك في المناطق الحيوية، ذات الموارد المالية خاصة، محافظة إب الزراعية وتحويلات المغتربين، ومحافظات صنعاء والجوف وحجة.

 

 

حيث تحول الصراع في الجوف إلى حروب لا تتوقف، بعد أن حرصت مليشيا الحوثي على تسويق المحافظة إعلامياً، بأنها غدت سلة اليمن، في ترويج ممنهج سواء للأصناف الزراعية أو المساحات المزروعة، بينما مساعيها الحقيقية تكمن في التهام الموارد والاستئثار بها.

 

 

وفي أحدث المعارك على الموارد، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مليشيا الحوثي ومسلحين قبليين في مديرية المتون بمحافظة الجوف، شمال شرق صنعاء يوم الجمعة الماضية، على سوق زراعية، يريد قادة الحوثي إغلاقها قسراً، أسفرت عن قتلى وجرحي من الطرفين، بينهم مدنيون.

 

 

وقال بيان موقع من عدد من مشايخ قبيلة الشولان، إن حملة حوثية على سوق معيمرة بمديرية المتون، قتلت عاملاً (طباخاً) في السوق، وأصابت ثلاثة حوثيين، بينما خطف الحوثي أحد عناصر القبيلة الذي ينتمي أيضاً إلى مليشيا الحوثي، وفق بيان مشايخ القبيلة.

 

 

البيان القبلي أكد أن مدير أمن الجوف المعين من الحوثي أبو بدر رهمة أرسل حملة عسكرية لإغلاق سوق لبيع الخضروات والفواكه، من أجل تمكين سوق حوثي جديدة، أنشأوها مؤخراً في الحزم مركز المحافظة. 

 

 

كما اتهم أيضاً مكتبي الزراعة والتجارة في المحافظة بالمشاركة في الهجوم على سوق معيمرة، وطالب بإطلاق سراح أحد مخطوفي القبيلة في سجون الحوثي، ودعا إلى تحكيم قبلي للنزاع الذي يمكن أن يتجدد في أي لحظة بين الطرفين.

 

 

إلى ذلك تفيد معلومات خاصة حصل عليها (العاصمة أونلاين) أن قادة حوثيين أنشأوا سوق الارتقاء المركزي في محافظة الجوف، ومولوا حملة عسكرية لإغلاق سوق المتون إحدى كبرى أسواق المحافظة لبيع الخضروات والفواكه، لكن القبائل تصدت لها.

 

 

معركة السيطرة على الموارد لم تقتصر على مديرية المتون في هذه المحافظة الصحراوية، والزراعية في الوقت ذاته، بل سبقتها معركة أخرى على أرض زراعية بين قادة الحوثي وقبيلة ذو محمد القريبة من محافظة عمران، للسيطرة على الأراضي الزراعية في المعادي في وادي مذاب شديد الخصوبة.

 

 

في معركة ذو محمد كان طرفا القتال الحوثي وقبيلة سفيان المؤيدة له من جهة، ومن جهة أخرى بين أنصار الحوثي في ذو محمد ومسلحين من أبناء القبيلة رفضوا خطة حوثية لتهجيرهم من قراهم ومزارعهم، واستخدم الحوثي الطيران المسير لإخضاعهم.

 

 

كما شهدت منطقة اليتمة شمالي الجوف، قرب الحدود السعودية اشتباكات قبلية ليلاً مطلع الشهر الجاري، للسيطرة على السوق بين مسلحين قبليين أنشب الحوثي صراعهما ليسيطر على السوق كحل للنزاع بين القبيلتين، إلا أن عددا من أفراده قتلوا في المعركة وتوقفت الحرب مؤقتا.

 

 

وكالعادة بدا أن الحوثي قد خسر عدة معارك في المحافظة، مع القبائل خاصة معركته ضد قبيلة همدان شرقي المحافظة، حيث كان يريد السيطرة بالقوة على أرض زراعية للقبيلة تقدر بعشرات الكيلومترات المربعة.

 

 

أدت الصراعات على الموارد إلى إعادة فرز وتصنيف في مناطق سيطرة الحوثي بالمحافظة، وحلت الهوية القبلية قبل هوية الحوثي، وعاد مقاتلون قبليون منظمون مع الحوثي إلى تعريف أنفسهم وهويتهم باسم القبائل، في جميع المعارك التي اندلعت في نوفمبر الجاري.

 

 

كما أدى إلى مطالبات قبلية متعددة وبارزة من شيوخ ذوي نفوذ في المحافظة إلى وصف الحوثي بالعدوان الداخلي، ووقع على هذا الوصف أحد أهم قادة الحوثي القدامى من هاشميي الجوف أبرزهم يحيى بن يحيى النمس.

 

 

وكل ذلك يعود إلى اشتداد الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة الحوثي، وانشغال إيران في مواجهة الاحتجاجات، كما أن استمرار الهدنة تسبب بتقلص الموارد مع توقف اقتصاد الحرب، وبدأ الانكماش يضرب السوق والذي لا شك أن المواطن العادي تأثر جراء ذلك، إلا أن ما نقصده هنا تأثر قيادات المليشيا من الصف الثاني والتي سارعت إلى البحث عن أية مصادر للموارد، سواء كانت مع القبائل أو التجار أو حتى مع قادة الحوثي الآخرين.