مأرب.. التعليم في المخيمات أمل من رحم المعاناة 

ايمن عطا

 

أصبحت مشكلة النزوح في اليمن من أكبر المشاكل التي تواجه المجتمع والدولة فالنازحون يواجهون العديد من التحديات والصعوبات في بناء حياة جديدة ومن بين هذه التحديات توفير التعليم المناسب لأولادهم. 

 

مسؤولية كبيرة 

 

تواجه السلطة المحلية في محافظة مأرب منذ سنوات تلك المشكلة بمفردها دون شركاء سواء من الحكومة أو المنظمات باستثناءات بسيطة كما بحسب بعض المسؤولين.

 

وتظهر إحصائية رسمية في العام 2010، أن عدد الطلاب بالمحافظة في التعليم الأساسي (حكومي وخاص) بلغ 51 ألف طالب وطالبة، و 7 الاف طالب وطالبة في الثانوية العامة، فيما بلغ عدد المعلمين في المحافظة نحو 3600 معلم خلال تلك الفترة.

 

في المقابل بلغ اجمالي عدد الطلاب والطالبات الملتحقين بالمدارس للعام الدراسي 2021/ 2022، أكثر من 125 ألف طالب وطالبة، ولا زال العدد في ارتفاع، بزيادة سنوية تقدرها السلطات بـ 20% في حين ان 4 آلاف معلم بحاجة إلى حوافز شهرية للاستمرار في التعليم كونهم من غير الموظفين.

 

كل شيء هنا بني على عجل، فالطلاب مكدسون في فصول معظمها من الخيام ينحشر فيها اكثر من 80 طالب في الخيمة الواحدة، أما الذين لا يجدون فرصة الحصول على المقاعد فيفترشون الأرض، معلنين بوضوح حرصهم الكبير على التعليم رغم شح الإمكانات.

 

72 ألف طالب في المخيمات

 

يبلغ عدد مخيمات وتجمعات النازحين بمأرب، 197 مخيما وتجمعا، بحسب الوحدة التنفيذية للنازحين بالمحافظة.

 

ويوضح مدير الوحدة التنفيذية، سيف مثنى، أن عدد الطلاب النازحين الملتحقين بالتعليم أكثر من 52 ألف طالب وطالبة فيما تسرب أكثر من 20 ألف طالب وطالبة من التعليم.

 

وأضاف مثنى أن الطلاب موزعين على 203 مدرسة حكومية، و60 مدرسة في مخيمات النزوح، و42 مدرسة خاصة، بينما فقد نحو 1500 طالب وثائقهم خلال النزوح وحالة الحرب.

 

 

وعن الاحتياجات أكد مثنى أن هناك حاجة لنحو 1100 فصل دراسي، و461، دورة مياه، وترميم وصيانة 70 مدرسة ، وأكثر من 118 ألف حالة بحاجة إلى حقائب مدرسية وتغذية، ونحو 68 ألف بحاجة الى زي مدرسي، ونحو 4 آلاف معلم بحاجة إلى حوافز.

 

مبادرات وحلول 

 

في هذا السياق، ونتيجة لشحة وجود المدارس مع ارتفاع عدد الطلاب في مخيمات النزوح قام بعض النازحين من أولياء الامور خاصة التربويين منهم في مخيم الخراشي بمحافظة مأرب مديرية الوادي بالمبادرة بتعليم الأطفال النازحين في العراء وبعدد يصل إلى ما يقارب 300 طالب وطالبة في عامهم الدراسي ألأول 2021.

 

 وبدأت المدرسة في العراء تحت حر الشمس والرياح بواقع 4 حصص دون استراحة يومياً في الشهر ألأول بسبب حرارة المتصاعدة على مدار ساعات النصف الاول من النهار، بدأ الامر من خلال المعلمين المتطوعين من الذكور والإناث من ساكني المخيم في مرحلة التأسيس ثم استوعبت المدرسة معلمين ومعلمات من المخيمات المجاورة حين زاد عدد الطلاب والطالبات.

 كان لنازحي المخيم دورا ملموسا في التبرع بما هو فائض عن حاجتهم من خيام واثاث وتوفير مواصلات للمعلمين المتطوعين بتعاون من بعض رجال المال.

 

يقول أحد المعلمين" قررنا التطوع لتعليم الأطفال في المخيم، فهم أجيالنا القادمة على امل ان يحققوا ما عجز عن تحقيقه الكبار".

 

 وتوزعت الحقائب المدرسية والدفاتر والأقلام وبعض الاحتجاجات ألأساسية للمدرسة والمدرسين بتعاون من قبل بعض المدارس الخاصة والأهلية من خلال فائض مخازنهم من كتب معادة من الطلاب.

 

واقترح مدير المخيم ومؤسسي المدرسة الواقعة في الصحراء بالقرب من المدينة زيارة مدير مكتب التربية واعتماد المدرسة وتم لهم ذلك، حيث اعتمدت هذه المدرسة من مكتب التربية والتعليم خلال الزيارة ورحب مكتب التربية بالفكرة وتعهد بتوفير الشهادات وتعميدها وصرف الكتب بحسب المتاح وصرف حوافز للمعلمين وتعاقد المكتب مع بعض المعلمين من النازحين حسب الإمكانات المتاحة لدى المكتب على ان تكون الفصول احدى شعب مدرسة موسى ابن نصير القريبة .

 ورفعت الوحدة التنفيذية للنازحين لمكتب التعليم احتياجات المدارس في مخيمات النزوح ولاقت استجابة حيث بنت المنظمات فصول دراسية من الكرفانات وتعهدت بصرف رواتب لعدد من المعلمين ووفرت خزانات لمياه الشرب والاستخدام وبنت حمامات واصبح عدد الطلاب في المدرسة الواقعة في مخيم الخراشي العام الدراسي 2022 - 2023م اكثر من 1300 طالب وطالبة.

 وما يزال الأقبال على المدرسة في تنامي مستمر حيث استوعبت عددا من الأطفال النازحين وعملت فترتين مسائية وصباحية.

مخيمات اخرى لم تتدخل فيها المنظمات حسب احتياجات التعليم المرفوعة من الوحدة التنفيذية لجأت الى تكرار العمل بهذه التجربة من خلال معلمين متطوعين وخيام من فائض احتياج النازحين.

 أصبحت المدرسة المشار اليها اليوم مركزا للتعليم المسرع بدعم من منظمة اليونيسيف لتعليم الطلاب الذين حرموا من التعليم.

 يعمل هذا البرنامج خلال الاجازات بغرض تاهيل الطلاب المتسربين من التعليم ليلتحقوا بركب التعليم ويكونوا مع زملائهم الذين سمحت لهم الظروف بمواصلة التعليم المستمر وبرغم ان المدرسة لا تحتوي على مختبر ولا مكتبة إلا انها قدمت خدمة تعليمية كبيرة حيث كان هذا المشروع حلماً بعيدا لكنه تحول الى واقع.

التجربة انتقلت الى المخيمات المجاورة لتصل الى مخيمات جو النسيم ومخيمات القطاع الجنوبي ثم الى مخيمات مارب بشكل كلي خصوصا المخيمات الصحراوية البعيدة عن المدينة.

 

 أمل من رحم المعاناة

 

على وقع المعاناة في هذا المخيم ثمة أمل يلوح في الأفق بنظر هؤلاء الأطفال، فرغم غرابة الأوضاع وانعدام إمكانيات التعليم يحرصون على الحضور للمدرسة على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم.

 

تقول عائشه ( 8 أعوام) إن أسرتها فقيرة وغير قادرة على إلحاقها بالمدارس النظامية، لكن بعد افتتاح هذه المدرسة المجانية سارعت والدتها لضمها إليها.

 

وتتطلع عائشه لأن تصبح طبيبة تعالج مرضى النازحين وذوي الدخل المحدود آملة أن تتحقق أمنياتها وجميع الأطفال في هذه المدرسة ، في وقت قريب.

 

 يقول مسؤول التعليم في الوحدة التنفيذية للنازحين، علي مطير، أن كل مدارس المخيمات تعاني من الازدحام، ويصل عدد الطلاب في الفصل الواحد الى اكثر من 80 طالب.

 

ويضيف أن هناك عدد كبير من المعلمين في المخيمات يعملون بشكل طوعي، حيث ان المنظمات لم توفر عقودا لهم حتى اليوم، باستثناء 200 معلم فقط ، مؤكدا أن هناك متابعة حثيثة مع المنظمات والقطاع الخاص لتوفير عقود لباقي المعلمين حيث اعتمد مكتب التربية لكل معلم 30 الف ريال يمني اي ما يقارب 20 دولار في الشهر.

 

مخيمات النزوح بجو النسيم 

 

تعد مخيمات جو النسيم أكبر تجمع لمخيمات النزوح في بمحافظة مأرب، حيث تضم آلاف الأسر التي أجبرتها مليشيا الحوثي على النزوح والبحث عن مناطق آمنة.

 

ويبلغ عدد الطلاب في مدارس مخيمات جو النسيم 16300 طالب وطالبة، موزعين على 11 مدرسة 8 أساسي، وثلاث مدارس للبنات، ولا توجد مدارس ثانوية في المخيمات للبنين الا مدرسة وأحدة بعيدة عن قطاع جو النسيم.

 

كنتيرات وخيام

 

 

معظم فصول المدارس في المخيمات عبارة عن "كنتيرات" وخيام مهترئة، تضاعف من ارتفاع الحرارة، إضافة الى الازدحام الشديد للطلاب.

 

معاناة كثيرة تعانيها مدارس المخيمات في عدم توفر مكاتب وأثاث الإدارة، و القرطاسية والمستلزمات التعليمية.

 

اقبال كثيف للطالبات

 

تفيد إدارية في مدرسة موسى ابن نصير في حديثها حول الصعوبات التي تواجهها مع بداية العام الدراسي،بالقول ان الصعوبات ابرزها كثافة الإقبال للطلاب والطالبات مع قلة عدد الفصول الدراسية، مشيرة إلى أن عدد الطلاب المسجلين خلال الأسبوع الأول من العام 2023-2024 بلغ نحو 2600 طالب وطالبة في المراكز التعليمية التابعة للمدرسة الكائن في مخيم الخراشي.

 

 

وتعاني المدرسة كغيرها من مدراس المخيمات من العجز الكبير في تغطية رواتب المعلمين، إضافة الى العجز في توفير المنهج المدرسي خاصة للمرحلتين الإعدادية والثانوية.

 

وللعام الثاني على التوالي تكفلت السلطة المحلية بدعم حافز المعلمين العاملين في الميدان بمبلغ 30 الف ريال، كنوع من التخفيف عن المعلمين الذين يعانون بسبب تدني رواتبهم أو عدم توفرها لدى البعض الاخر.

تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي