فارع المسلمي: من إرث عمال الإمام إلى دوائر القرار في لندن وواشنطن – كيف تُدار الحرب الناعمة ضد الجمهورية اليمنية؟

بقلم : نادين الماوري 

اكاديمية ودبلوماسية سابقاً 

 

في الوقت الذي يخوض فيه اليمنيون معركة مصيرية لاستعادة دولتهم من قبضة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، تتسلل إلى المشهد الدولي أدوات ناعمة تعمل على إعادة تشكيل سردية الحرب والشرعية والانقلاب — ليس بالسلاح، بل بالأبحاث والتقارير واللقاءات النخبوية في مراكز الدراسات الغربية.

 

ومن أبرز هذه الأدوات: مركز صنعاء للدراسات، ومؤسسه فارع المسلمي.

 

 

???? جذور لا تُروى: إرث عمال الإمام

 

قصة فارع لا تبدأ في مكاتب “تشاتام هاوس” بل تعود إلى جده فارع الحاج، أحد المحصلين الماليين للإمام، الذين اشتهروا بجمع إيرادات الأراضي من الفلاحين، مقابل التهديد بسجنهم أو سلب أرضهم إذا لم يستطيعوا الدفع. كان الجد يشتري أرض الرعوي المهدد بثمن بخس، ثم يؤجرها له لاحقًا، ويقيدها ضمن ما يُعرف ببيت المال.

 

هذا النظام لم يكن مجرد “إقطاع اقتصادي”، بل كان امتدادًا لبنية هيمنة طائفية ممنهجة على المناطق التي صُنفت “مارقة” في نظر الإمامة، مثل وصابين وغيرها. وفقًا لمصادر محلية موثوقة، فقد مات العديد من الأهالي جوعًا بسبب الضرائب والمصادرات التي كان يشرف عليها عمال الإمام في تلك المناطق.

 

ومن المعروف أن جده أسس وقفًا دينيًا لإقامة “المولد النبوي”، حيث يتم ذبح ثور سنويًا وتوزيعه ضمن طقوس موروثة، يُشرف عليها اليوم أحد أبناء العائلة، وما تزال الارتباطات مع إدارة الأوقاف قائمة.

 

 

???? التجميل المدني لخلفية إمامية

 

يحمل فارع اليوم لقب “المسلمي”، وهو لقب مستعار يُنسب إلى مخلاف بني مسلم، رغم أنه لم يعش فيه قط، وتُرجّح مصادر محلية أن التسمية جاءت من أجل الارتباط بمنطقة كانت في الأصل من خطوط الإمامة الاقتصادية والإدارية.

 

أما والدته، فهي آمنة علي الحيجنه، ابنة “عامل الإمام” المعروف الشيخ علي الحيجنه، وخاله هو الشيخ أحمد علي الحيجنه — ما يضع جذور المسلمي داخل شبكة حكم إمامية كانت تتحكم بمصائر الناس بالحديد والنار، وتنهب الأراضي، وتُجدد سيطرتها بأسماء جديدة بعد قيام الجمهورية.

 

???? من المجد الإمامي إلى دوائر القرار الغربي

 

في عام 2014، ظهر فارع المسلمي في تصنيف مجلة أمريكية ضمن أهم 100 شخصية تأثيرًا في العالم، بعد تقديمه شهادة في الكونغرس الأمريكي. وعندما استقبله الرئيس عبدربه منصور هادي في القصر الجمهوري، التقاه بعض الحاضرين وسألوه عن “العلم” الذي أوصله لتلك المكانة، فرد بابتسامة لاذعة:

 

“ما فيش علم، أنت أعلم مني، بس السياسة ترفع، وأنا بس معي لغة من العيشة مع الأمريكان!”

 

اليوم، يشغل المسلمي منصب باحث في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، أحد أهم مراكز التفكير الغربية، ويُستخدم صوته في قضايا “السياسات الإنسانية”، حيث يستمر في إنتاج خطاب يخفف الضغط عن مليشيا الحوثي.

ففي 2020، عارض إدراج الحوثيين ضمن قائمة الإرهاب. وعندما أعادت كندا تصنيفهم مؤخرًا، نشر تغريدة ساخرة يسأل فيها ما إذا كان الحوثي سيُمنع من تشغيل الزامل في مترو مونتريال!

 

 

???? شرعنة الإمامة بلغة ناعمة

 

المخيف في نموذج فارع المسلمي ومركز صنعاء هو أن التقارير التي يُنتجونها تذهب مباشرة إلى طاولات صُنّاع القرار في أوروبا وأمريكا، وتُستخدم لصياغة السياسات، وضبط المساعدات، وحتى التأثير في قرارات مجلس الأمن.

 

المركز يعمل على ترويج مصطلحات تُفرغ الصراع من طابعه السياسي والحقوقي، مثل: “التعايش”، “الحوار الداخلي”، “السلام الشامل”، متجاهلًا تمامًا الطابع العنصري والكهنوتي لمليشيا الحوثي.

بل ويتهم أطراف الشرعية بتجنيد الأطفال، بينما يغض الطرف عن الانتهاكات المؤسسية التي تمارسها المليشيا.

 

 

⚠️ خلاصة:

 

إن نموذج فارع المسلمي ليس مجرد حالة فردية، بل هو تجسيد لكيفية إعادة تدوير عمال الإمامة في ثوب مدني غربي ناعم، وكيف أصبحت أدوات “البحث والتحليل” أخطر من المدافع، حين تُستخدم لتغيير وعي العالم حول حقيقة الصراع في اليمن.

 

هذا المقال دعوة لكشف هذه الأدوات، وتعريتها، والضغط لإعادة التوازن إلى منابر الحديث عن اليمن في الغرب.

 

???? توصيات:

 1. فتح تحقيق إعلامي واستقصائي موسّع حول أدوار الباحثين اليمنيين المرتبطين بالمراكز الغربية المؤثرة.

 2. إطلاق حملة توعوية حول “المراكز الناعمة لشرعنة الحوثيين” على مستوى الإعلام العربي والغربي.

 3. توثيق الانتهاكات التاريخية لعمال الإمام في وصابين والمخلاف، باعتبارها امتدادًا لمنظومة الحوثي اليوم.

 

15 يوليو 2025