بين الوصايا والوعود والملازم… أي مستقبل لليمن؟

فارس العدني

 

يقف اليمن اليوم على مفترق طرق خطير، تتجاذبه ثلاثة مشاريع كبرى، لكل منها أنصاره وسنده، ولكل منها تبعاته على مصير الدولة والوطن.

 

أولاً: وصايا علي عبدالله صالح

الوصايا العشر للزعيم الراحل علي عبدالله صالح، والتي عاد نجله أحمد علي ليؤكدها، تتمحور حول حماية الثورة والجمهورية والوحدة، ورفض الانجرار وراء المشاريع الصغيرة والارتهان للخارج. هذه الوصايا ليست مجرد كلمات تاريخية، بل قد تشكّل قاعدة لمشروع وطني جامع إذا ما تحولت إلى برنامج عملي يجمع ما تشتت ويعيد الاعتبار للدولة.

 

ثانيًا: وعود عيدروس الزبيدي

في المقابل، يقدم رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي وعدًا واضحًا باستعادة دولة الجنوب بعد الانتهاء من مواجهة الحوثيين. هذا الوعد يجد صدى واسعًا في الشارع الجنوبي الذي عاش تجربة مرة منذ الوحدة. غير أن هذا الطموح، إذا بقي مجرد شعار دون معالجة واقعية للتحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية، قد يقود إلى صدام جديد ويضاعف الانقسام بدلًا من أن يحقق استقرارًا.

 

ثالثًا: ملازم حسين الحوثي

أما الحوثيون، فيتمسكون بملازم حسين بدر الدين الحوثي باعتبارها “دستورًا مقدسًا”، يرسخ الهيمنة الفكرية والعقائدية على أتباعهم، ويمنح مشروعهم طابعًا أيديولوجيًا صلبًا. لكن هذه الصلابة تعني أيضًا استحالة قبولهم بمبدأ الدولة المدنية أو الشراكة الوطنية، ما يجعلهم في مواجهة دائمة مع بقية القوى.

 

بين وصايا صالح التي تدعو إلى الوحدة، ووعود الزبيدي بالانفصال، وملازم الحوثي التي تؤسس لحكم مذهبي شمولي، يتحدد مصير الوطن. إذا نجحت القوى الوطنية في بناء مشروع إنقاذ جامع يستوعب الهواجس ويوازن بين الطموحات، فربما يخرج اليمن إلى بر الأمان. أما إذا بقي كل طرف أسير نصوصه ووعوده وأوهامه، فإن النتيجة المرجحة هي مزيد من التشرذم والتفكك، وربما الدخول في دوامة صراعات لا نهاية لها.

 

اليمن بحاجة اليوم إلى صحوة وطنية صادقة، لا إلى شعارات متناحرة. صحوة تستلهم الوصايا، وتتعامل بعقلانية مع مطالب الجنوب، وتواجه المشروع الحوثي بعقيدة وطنية لا بعقيدة مذهبية. عندها فقط يمكن للوطن أن يتلمس طريق الخلاص.