فارس العدني
لم يعد الفساد في اليمن مجرّد ظاهرة، بل صار نمطَ حياةٍ تُكرّسه شبكات النفوذ العائلية والشللية في مؤسسات الدولة والمجتمع.
في الجنوب واليمن عامة، تُفتح الأبواب الواسعة أمام الأقارب والإخوة والأصهار لتأسيس شركات وبنوك ومحلات صرافة وذهب، تتحول في الواقع إلى أدوات استغلال وابتزاز وجبايات تُمارَس بوقاحة غير مسبوقة، تحت غطاء النفوذ أو الانتماء العائلي والسياسي.
يستعرض هؤلاء ثراءهم الفاحش في مواكب السيارات الفارهة والقصور المشيّدة داخل الوطن وخارجه، بينما يعيش المواطن البسيط في ظلامٍ بلا كهرباء، وخدماتٍ معدومة، ومعيشةٍ لا تليق بكرامة الإنسان.
وحين يجرؤ أحد على المطالبة بحقه في راتبه أو في لقمة عيشه، تنهال عليه حملات التخوين والشتائم من جيوش المنتفعين و”كلاب الموائد” الذين باعوا ضمائرهم لحماية الفساد وأسياده.
إنها مفارقة مؤلمة تختصر انحطاط منظومة القيم في بعض دوائر السلطة والنفوذ، حين يتحوّل الولاء للوطن إلى ولاءٍ للقرابة والمصلحة، وحين يصبح الدفاع عن الفساد طريقاً للترقية والمجد الزائف.
لقد آن الأوان لأن تُفتح ملفات هذه الثروات المشبوهة، وأن يُسأل كل من بنى مجده على حساب الفقراء والمظلومين، فالوطن لا يُبنى بالولاءات الشخصية، بل بالعدل والضمير والمساءلة.