من ذاكرتي 1994

 

مازلت للآن -صدقا - أتذكر صرخات أمي ودعواتها وهي تلدني ،أمي التي تزوجت في الخامسة عشرة لم تدخل مدرسة ولم تعرف يوما دفتر وممحاة ،لم تردد النشيد الوطني ولا نطقت تحية العلم مرة من قبل ،لكنها بالفطرة كانت تحب الوطن وتتملكها حتى النخاع هويتها ،حد أنها وهي تواجه مالا يسطتع أعتى الرجال مواجهته آلآم المخاض كانت تدعو بأن تتوقف الحرب بين صنعاء وعدن ،تدعو لأن تستمر الوحدة امتثالا لقوله تعالى/
(واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا)
وهكذا جئت أنا في يونيو 94 وقت  ألم وحرب لإدرك مبكرا أن كل مايجري بعروقي ليس سوى الوطن وجروحه. 

2003 

  عندما رقصت دماج رقصة الموت وانهار على أرضها دار الحديث بالتفجير ،ومن هناك من بين ركام الطين وأصابع من نسج خيوط الديناميت نبت السرطان حيث أنه من قبل لم يكن إلا خلية وحيدة قذفتها هزائم إيران في ثمانينيات القرن الماضي ،في هذا العام تحديدا لم نعلم بتفجير دار الحديث كانت أعيننا تفيض الدمع ،أترقب رغم صغر سني خطابات (الصحاف) ،ادعو بصدق طفولي لبغداد لأن تتمسك بطهارتها إلا أن دعواتي لم تستجب لحكمة ربانية  فلقد دنس الإحتلال كل شبر في بلاد الرافدين ،كما دنس الديناميت دار الحديث ،ولقد غسلنا بدموعنا كل الأتربة التي ارتفعت بعد انفجار دار الحديث وملئت أحداقنا بالقذى ،وإطمئننا أننا لم نعمى حيث لم نكن ندرك أن الخلايا السرطانية قد تسللت سهوا مع كل شتيمة حاقدة وناقمة لبوش والإدارة الأمريكية اللذان  بالفعل علماني درسا رائع جدا/
إن كنت تكرهنا أو تحبنا سنجعلك بالفعل تخدمنا .
المهم من ذلك الحين وكلنا نتمنى الموت لأمريكا ،لكن ياللخيبة الأماني لاتتحقق وحدها الرجاءات تتحقق.

2006

مازلنا نبكي بفزع وتوجع ،الطائرات التابعة للكيان الصهيوني تقتل أطفال جنوب لبنان ،تهدم البيوت على روؤسهم ،ندعو بضغينة ونتمنى بقوة وعمق الموت لإسرائيل وكما قلت الأمنيات لاتتحقق لاتتحقق أبدا ،ساعات تمر وتمر ونحن نتابع ببالغ الأسى الحرب بين حزب الله ومايسمى إسرائيل ،كم كانت أمي تذرف الدمع وتكيل اللعنات لسعد الحريري ووليد جنبلاط وهما يسكبان كل أنواع التهم والخيانات على حزب الله ،ولكم أنا نادمة على كل تلك الدموع التي هطلت بسخاء.
 

2006-2011

فلسطين ذلك الثقب المتوغل فينا ،منذ الأزل ،ذلك الوجع الوحشي ،وصمة العار التي لم يتركها حتى التتار رغم مافعلوا ،كل هذي السنين ونحن نحترق نحترق بعجزنا  كفراشة تطير حول وهج شمعة تكاد تنطفئ،نصفق لزعماء الخطابات المزيفة ،نصفق لكل الذين يرفعون أصواتهم لكي لانسمع صرير قيود الخيانة بأيديهم ،نصفق لهم ولانسمع نياح الجماجم التي رفعتهم ليصلوا لمكبرات الصوت ويحدثونا عن التضحية والجهاد والوطن والشهادة والوحدة والموقف العربي ،نصفق لهم بحرارة حتى أننا باليمن لم نشعر بهم وهم يتجمعون تحت الطاولات ويسكبون الزيت على النار المخمدة تحت الرماد  في صعدة وصنعاء وعدن ووووو.......نجمع التبرعات لهم ولم ندرك أنهم ثمنا لها يزرعون وسط كل وريد فينا ينبض حبا ووطنية خنجرا. 

2011-2017

عشت العراق وفلسطين وجنوب لبنان عشتهم جميعهم في الوقت نفسه وأنا قاعدة في حجرة بيتي أندب حظي ،أفرك أوردتي حول معصمي لعلي أتخلص من عروبتي من وطنيتي من انتماءاتي كما لو أنني بالفعل كنزار حين قال /

متعب أنا ياصديقتي 

بعروبتي .

2018 

السرطان وصل أقصى حد له ،ورم في كل بقعة عربية ،كل حقنة كيماوي يوجه له مدسوس فيها خلايا سرطانية جديدة باسم الحرية والدين والإنسانية وباسم الحياة والمستقبل وثقافات التعايش والمصالح الدونية ،المهم أنني منذ 24عاما خلت أتجرع خيبات القادة وأحتسي ندامة الكسعي كل صباح مع وجبة هزائم قومية تزداد تجذرا وإنتهازية ،خلاصة القول /
الموت لأمريكا... والتي ليست سوى أمريكا الشرقية 
الموت لإسرائيل والتي ليست سوى ثقافة تضليلية 
والحياة الحياة للعرب 
الذين ليسوا سوى كائنات خرافية ظهرت قبل ألآف السنين ثم انقرضت منذ وصل هولاكو مخدع زوجة المعتصم.

 

أميمة راجح 

الأحد 11/11/2018

الأكثر زيارة