«المجلس الانتقالي الجنوبي».. حربة أبوظبي التي تطعن بها خاصرة اليمنيين ( تقرير )

تستمر التوترات في التصاعد جنوب اليمن، بعد أن تمكَّنت القوات الحكومية المدعومة من السعودية من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي استولت عليها قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً، يوم الخميس 29 أغسطس/آب، قبل أن تعود الأخيرة وفي غضون ساعات فقط للسيطرة على هذه المناطق، مدعومة بسلاح الجو الإماراتي. 

واتَّهم وزير الخارجية اليمني الإمارات بشنِّ غارات جوية على مواقع حكومية في عدن، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 جندياً. ورغم قتالهما في التحالف نفسه ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران، اختلفت الإمارات مع حكومة عبدربه منصور هادي، متهمة إياه بالتحالف مع «حزب الإصلاح»، الذي تعتبره قريباً أيديولوجياً من جماعة الإخوان المسلمين.
لكن هذا التصعيد الأخير له جذوره في تاريخ اليمن السياسي الحديث، الذي يمتد لفترة طويلة، قبل الحرب الأهلية الحالية المشتعلة في البلاد، فما هو المجلس الانتقالي الجنوبي، ولماذا ترى فيه أبوظبي ضالّتها لتحقيق أهدافها المنشودة في اليمن؟

ما هو المجلس الانتقالي الجنوبي؟

تَشكَّل المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017، وهو حركة انفصالية تسعى لحصول جنوب اليمن على الاستقلال. المجلس الانتقالي الجنوبي مؤلَّف من 26 عضواً، ويضم خمسة محافظين من جنوب اليمن، واثنين من وزراء الحكومة السابقين.ظهر المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أن فصل هادي، حاكم عدن عيدروس الزبيدي، بزعم عدم ولائه، في أبريل/نيسان عام 2017.إذ اتَّهم هادي الزبيدي بإعطاء الأولوية لحراك استقلال جنوب اليمن على اليمن الموحّد. وبعد إقالة الزبيدي نُظمت مسيرات حاشدة في عدن للاحتجاج على خطوة هادي.وبعدها بشهر، تشكَّل المجلس الجنوبي الانتقالي، وحَظِيَ بدعم إماراتي واسع، فيما وصفه هادي بأنه غير شرعي.لماذا يرغب المجلس في الانفصال عن اليمن؟

كانت الدعوة إلى الاستقلال مصدرَ خلافٍ لأكثر من قرن، ويمكن تتبُّع جذور جنوب اليمن إلى عام 1874، حين أنشأت الإمبراطورية البريطانية مستعمرة عدن ومحمية عدن.وتشكَّل جنوب اليمن عام 1967 بعد استقلاله عن بريطانيا، وأصبح فيما بعد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1970، وكانت دولة ماركسية لينينية يدعمها الاتحاد السوفيتي، وكانت الدولة الوحيدة من نوعها في الشرق الأوسط أثناء الحرب الباردة.أدَّى انهيار الاتحاد السوفيتي إلى اندماج جنوب اليمن مع شماله، لتشكيل اليمن الموحَّد. بيد أنَّ هذه الوحدة دامت لأربع سنوات فقط، وأدَّت إلى الحرب الأهلية عام 1994، حين اتَّهمت وحدات جيش اليمن الجنوبي قوات رئيس الشمال علي عبدالله صالح بالفساد.وتشكَّل الحراك الجنوبي عام 2007. وكانت أهدافه المعلنة هي المطالبة بالمساواة بموجب القانون، وتغيير العلاقات بين الشمال والجنوب في سياق يمن موحد.وقابلت حكومة صالح الحراك بالعنف. وكان ذلك بداية ازدهار حركة الاستقلال الجنوبية خلال الربيع العربي، بعد أن بدأ الحراك بالمطالبة باستقلال الجنوب في عام 2009.مَن يدعم المجلس الانتقالي الجنوبي؟
في عام 2016، ساعدت الإمارات في تشكيل قوات الحزام الأمني في جنوب اليمن. وضمَّت هذه القوات العديدَ من المسلحين الذين ساندوا حركة انفصالية في جنوب اليمن.ودعمت بعض القوات داخل قوات الحزام الأمني المجلس الانتقالي الجنوبي، بهدف إقامة دولة «جنوب اليمن» المستقلة. وأدت قوات الحزام الأمني منذ تشكيلها دوراً مهماً في التحالف الذي تقوده السعودية، قبل هذا التصعيد الأخير.ويعود سبب نجاحاتها جزئياً إلى الدعم العسكري الكبير الذي تقدمه لها الإمارات، ويشمل هذا الدعم تدريب مقاتلي قوات الحزام الأمني في أبوظبي، وتزويدهم بالمعدات العسكرية.وبعد تلقِّيها التدريب، أُرسلت قوات الحزام الأمني لمحاربة قوات الحوثيين التي تعمل داخل جنوب اليمن.كان الدعم الإماراتي مهماً في مساعدة المجلس الانتقالي الجنوبي في الاستيلاء على عدن، التي أصبحت تحت سيطرتها منذ عام 2018.