تتصاعد مطالب المحتجين في لبنان، بعد دخول التظاهرات أسبوعها الثاني، والتي تهدف إلى إسقاط الحكومة برئاسة سعد الحريري، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومحاسبة الطبقة السياسية الحاكمة، واسترجاع الأموال المنهوبة.
واستطاعت الثورة الاحتجاجية التي انطلقت مساء 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أن ترسم مشهدا لم يكن يتوقع يوما ببلد تغلغل فيه الفساد والطائفية.
ووحّدت المطالب المعيشية، ومحاربة الفساد والفقر والسرقة، الشعب اللبناني وخاصة فئة الشباب، الذي خرج إلى الساحات خالعا ثوب الطائفية والمناطقية.
وواكبت الصحف العالمية والمواقع الأجنبية الانتفاضة الحالية، لا سيما لناحية "دينامو" الثورة وقلبها النابض الشباب اللبناني.
ورأى الأستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية رائد المصري، أن هذه الانتفاضة ستبدّل وجه لبنان، خصوصا في مواجهة سلطة المال وحكم المصارف ورموز الإقطاع السياسي والمحاصصة الطائفية.
ولفت في حديث للأناضول، أن خطاب الشباب اللبناني له وقع وطني عامر عابر للطوائف والمذاهب، لا سيما لجهة بناء دولة مدنية، ومحاسبة الفاسدين من السياسيين، وإعادة المال المنهوب.
أما عن المدخل الحقيقي لأي عملية إصلاح، فاعتبر المصري أنه يتمثل في "إقرار قانون انتخابي عصري نسبي لبنان دائرة واحدة، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين".
وشدد على ضرورة إسقاط الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية من اختصاصيين وأكاديميين وقضاة، مهمتها في 6 أشهر البدء الفوري بإجراء إصلاح مالي واقتصادي، إضافة إلى محاكمة الفاسدين وإقرار قانون انتخابي نسبي عصري، والدعوة إلى انتخابات برلمانية فورية مبكرة.
ويعيش لبنان اليوم مشهدا غير مألوف، إذ يمر بثورة شبابية ضد النظام الحاكم، وضد السلطات العاجزة عن تسيير أمور الناس الحياتية منذ سنوات عدة.
وأشعلت التظاهرات الحالية حملة أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجا على قرار وزير الاتصالات محمد شقير، فرض ضريبة على الاتصالات عبر تطبيق "واتساب" المجاني.
من جهتها، قالت الناشطة علياء عواضة، التي واكبت التظاهرات منذ الدقائق الأولى، إن للنساء الجزء الأبرز في هذه التحركات، مشددة على أن الحركة النسوية في لبنان أصبحت جزءا من هذه الحركة الاجتماعية على مستويات مختلفة، لأنها ليست منفصلة نهائيا عن أي حراك شعبي على الأرض.
وأضافت عواضة، للأناضول، أن المرأة اللبنانية الآن تلعب دورا في صياغة المطالب الشعبية حتى لناحية التواجد في الساحات.
واعتبرت أن رفع مستوى الوعي لدى النساء من جانب الجمعيات النسوية، شكّل دفعا بارزا لتواجدها بقوة في محاولة لإسقاط النظام، وإنتاج بديل جديد قادر على إنصاف المرأة اللبنانية، وتحقيق نوع من أنواع المساواة في العدالة الاجتماعية.
وأوضحت أن الحراك اليوم مختلف عن الاحتجاجات التي كانت في السابق، وما يميزه امتداده إلى المناطق كافة، خصوصا أنه عمّ الجبل والجنوب والشمال وقلب العاصمة بيروت.
ورأت عواضة أن زخم الشباب في هذه الاحتجاجات التي لم يقف وراءها أي حزب، واتحاد اللبنانيين فيما بينهم، سيرسم صورة جديدة لبلدهم، معتبرة أن ما قبل 17 أكتوبر ليس كما بعده.
بدوره، حرص رئيس مجلس النواب نبيه بري، على إظهار تفهمه لموجة الغضب الشعبية من خلال تقديم مبادرة تتبنى شعارات المحتجين، ودفاعه عن الدولة المدنية.
في السياق، قالت الناشطة الحقوقية أنديرا زهيري، إن "التظاهرة العفوية أيقظت ثورة المرأة اللبنانية، خصوصا أنها نزلت إلى الساحات من جميع الفرق والانتماءات.. فكانت الأم والجدة والمناضلة والثورية والصحفية والتلميذة والطالبة والموظفة والمعلمة والناشطة".
وأضافت في حديثها للأناضول: "وقوف المرأة إلى جانب الرجل في هذه الثورة، أثبت مجددا قدرتها القيادية والنضالية، إذ تخطت جرءتها مجرد كونها في البرلمان.. بل صنعت تاريخا جديدا للبنان".
ولا تزال الاحتجاجات في بيروت تلقى ردودا واسعة، كان آخرها من واشنطن التي طالبت القادة اللبنانيين بالاستجابة لمطالب الشارع.
الاناضول