الشاعر: محمد سعيد جرادة
شاعر يمني. ولد عام 1927 في مدينة الشيخ عثمان في محافظة عدن. شاعر، أديب، درس القرآن الكريم، والفقه، واللغة على يد العلامة (أحمد العبادي)، في جامع (زكّو)، في منطقة (الشيخ عثمان)، في عدن، وحفظ الكثير من دواوين الشعر العربي.
اشتغل بالتدريس في مدارس مدينة عدن، ثم عين مفتشًا في وزارة التربية والتعليم، في المحافظات الجنوبية، وذلك قبل قيام الوحدة، بين شطري اليمن عام 1410هـ/ 1990م، ثم عين في إدارة المناهج، وفي السنوات الأخيرة من عمره؛ عين مستشارًا ثقافيًّا للسفارة اليمنية في أثيوبيا.
بدأ ينظم الشعر وهو في سن الثالثة عشر. عمل معلماً لمدة خمس وعشرين سنة، كما عمل إذاعياً في إذاعة عدن. وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. صدر له خمسة دواوين شعرية. وله كتب ودراسات وأبحاث نشر بعضها. وله كذلك مساهمات في كتابة الشعر الغنائي.
التزم العمود الشعري والقافية كما التزمها الزبيري، استجمع جرادة أشلاء الماضي واستلهم الحياة المعاصرة ودخل المجتمع من أكثر أبوابه وعاد وفي يديه (وادي الخطايا) (ونماذج من الناس) فإذا كان الزبيري يمتاز بحرارة نضال الاستبداد فإن جرادة يشاركه بحرارة نضال الاستعمار، وينفرد جرادة بمزية كبرى هي أن المرحلة الوسطى من شعره صورة صادقة لمجتمعه وهذا يرجع بالبحث إلى أطور جرادة.
جرادة تناول نماذجه من المجتمع مباشرة كالروائيين، على أنه في اجتماعياته لم يخلص من الرومانسية الذاتية نهائياً. وإنما بقيت منها رواسب جيدة ربطت الحس الذاتي بالموضوع الاجتماعي الثوري وهذا الالتقاء بين الذاتية والموضوعية يثمر أجمل الفنون إذا اكتملت الأصالة، فجرادة هنا هو المتحدث وهذا النموذج هو موضوع الحديث.
ويمكن تقسيم شعر جرادة إلى ثلاث مراحل:
ـــ المرحلة الأولى: الرومانسية.
ـــ المرحلة الثانية: الاجتماعية.
ـــ المرحلة الثالثة: المرحلة النضالية وهي ذات جانبين، نضال الاستعمار ونضال عملاء الاستعمار، فقصائد المرحلة الأولى الرومانسية (ليلة حسناء) و (قلب امرأة ) و (كأس وحبيب) وقصائده الاجتماعية (نماذج من الناس) ومن (من جهنم) و (لقاء) ونصوص جرادة بظواهرها تمثّل لقاءات حسية وتجارب عملية لكن الشاعر الموهوب يصور مالم يقع تصوير الواقع الملموس أو إخبار عن الواقع الذي لم يقع.
صدرت له الأعمال الآتية:
ـــ فردوس القرآن (ديوان شعر، عدن 1962).
ـــ مشاعل الدرب (ديوان شعر، مطابع 14 أكتوبر عدن 1971).
ـــ لليمن حبي (ديوان شعر، مطابع 14 أكتوبر عدن 1971)،.
ـــ وجه صنعاء (ديوان شعر، دار الحرية للطباعة والنشر بغداد 1976).
ـــ وحي البردة، ديوان شعر مطبوع
ـــ الأعمال الكاملة (ديوان شعر، وزارة الثقافة والإعلام عدن 1988).
ـــ الثقافة والأدب في اليمن عبر العصور (كتاب من جزئين، دار الفارابي بيروت).
ـــ أعلام في الفن والأدب.
وله العديد من الدراسات والمقالات الأخرى. وشعره قوي العبارة سلك فيه مسلك (الشعر العمودي).
وفاتــــــــــه:
توفي الشاعر محمد سعيد جرادة عام 1999م في الشيخ عثمان بمحافظة عدن.
القصيـــــــــــــــــــدة:
(أنا لست حزبيا)
وطني حملتك في صميم فؤادي
كنزا من الآثار والأمجاد
ورسمت طيفك في الضلوع بريشة
مصبوغة بدمي الكريم الفادي
وهتفت باسمك صيحة ثورية
يصطك منها مسمع الجلاد
ويفر منها هاربا وأمامه
أشباحها يربضن بالمرصاد
يجفو المناصب والمظاهر كلها
فلقد تكون حبائل استبداد
ولقد تكون وسائلا ملعونة
للدس والايقاع والإفساد
ولقد تكون إساءة مكشوفة
للشعب والتاريخ والأحفاد
حبا يميل إلی الحقيقة أسفرت
وتألقت كالكوكب الوقاد
ويخالف الأحزاب في أهوائها
وغرورها وعنادها المتمادي
أنا لست حزبيا وأهوی موطني
أأقيم حزبا كي أحب بلادي؟!
ومن روائعه الشعرية، قصيدة:
أفلاذ أكباد الجنوب تجمَّعــــوا
فرقًا كأسراب النسور الحــوَّمِ
فوق الجبال وفي الكهوف وحيث لا
ترقى إليهم عين وغد مجــرمِ
سكتوا وأرسلت البنادق منطقًــا
هو فوق سحر بلاغة المتكلِّــمِ
كم ساق أعداء الإله إليهــــم
جيشًا كأمواج الخضم المرتمـي
وأتته أسباب المنية من عـــلٍ
من حيث لم يشعر بها أو يعلـمِ
أرضي وفيها طعنة مسمومــة
تدمي فؤاد الشاعر المتألـــمِ
فيها القراصنة اللئام صِلاتهــم
بشريعة الغابات لم تتصــرمِ
حمر الوجوه مشوهون كأنمــا
نبتت جسومهم بأرض جهنـم
ومن جيد شعره قوله:
هاتها بشرى تمشّتْ في النفوسِ
ونجومًا تتجلّى في الكـؤوسِ
بنتُ كرمٍ أشرقتْ في كأسهـا
فهي فجرٌ شعَّ في ليلٍ عبوسِ
خفَّ صحبي نحوها وانتظموا
حولها عقدًا على جيد عروسِ
عقدتْ ألسنهم من بعد ضـو
ضاء مستهم ومالتْ بالــرؤوسِ
ياحبيبًا رقدتْ أجفانـــه
وتراخى جسمه فوقَ ذراعـــي
قم فهذا الليلُ يدعونا إلـى
سهرٍ يحلو وخمرٍ وسمــــاعِ
أنا في قربكَ قد أدركتُ ما
فاتَ من سؤلي وولّى من طِماعي
ليسَ لي عند زماني بغيـة
أنت من دنيايَ حظي ومتــاعي
أيها الشادي الذي أسمعني
من رواة الفن أسمى الســـورِ
لك شكري أنت قد أنسيتني
قسوة الدهر وظلم البشــــرِ
إنما رفقًا بقلب شاعــرٍ
يتلاشى عند قرع الوتــــرِ
من مختارات:
سلطان نعمان البركاني
شاعر وقصيدة
الأكثر زيارة